ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة
يبدو مؤخراً أن التوترات الشديدة حول المسجد الأقصى بدأت بالهدوء. وإذا استمرت الأمور بهذا الشكل، ينبغي تحويل النقاش من قضية الكشف عن المعادن إلى نظرة أوسع على طريقة اتخاذ القرارات في إسرائيل.
ويتطلب كل قرار بشأن مسألة هامة معالجة ثلاث مفاهيم تتلخص في: الافتراضات، المصالح، والبدائل.
الافتراضات هي تأكيدات نقوم بها قبل مناقشة سؤال معين، وتهدف إلى وصف الواقع، وينبغي أن يبدأ النقاش منها.
أما بالنسبة للقدس بشكل عام، والمسجد الأقصى على وجه الخصوص، فهناك افتراض طويل الأمد، وهو أن الوضع الراهن لا يعكس الطموح الإسلامي، بل قبولاً هشًّا للواقع الذي تم فرضه، وهذا هو السبب الذي يدعو الجماعات الإسلامية إلى استخدام كل فرصة يحصلون عليها لإطلاق الاحتجاجات. وسوف يتهمون بطبيعة الحال إسرائيل بالرغبة في تغيير الوضع الراهن، ولكن الحقيقة عكس ذلك: هم يريدون تغييره، وهم يبحثون فقط عن عذر للتصرف وفق ذلك.
لذلك لا يكفي أن ندعي أن شيئاً ما لا يشكل تغييراً في الوضع الراهن، كما فعلنا في عام 1996 بافتتاح أنفاق الحائط الغربي، أو كما فعلنا مع زيارة أرييل شارون إلى المسجد الأقصى في أيلول/ سبتمبر 2000. أما فيما يتعلق بالجانب الآخر، فحين وصلنا إلى أجهزة الكشف عن المعادن.. انتهكنا الوضع الراهن. أما الحقيقة فليست مهمة، والشيء المهم هو عدم إعطاء أي حجة أو عذر للصراع.
وهناك مسألة أكثر أهمية، وهي تعريف المصالح. حيث أن المصلحة الوطنية ليست رغبة القلب ولا شعار، ويجب أن نكون على استعداد لدفع ثمن تحقيق الأهداف. ويجب أن تبدأ كل مناقشة لأي قضية بمحاولة الاتفاق على المصالح، وإذا كان هناك تعارضات، فلا بد من الاتفاق على الأشياء المشتركة والهامة.
دعونا نأخذ غزة مثالاً، فليس لإسرائيل مصالح فيما يتعلق بغزة بخلاف المصالح الأمنية البحتة. ليس لدينا مصلحة اقتصادية هناك، ولا مصلحة إقليمية أو سياسية. ومع ذلك، هناك بعض الناس الذين يجادلون بأنَّ لدينا مصلحة سياسية في غزة -والتي تكمن في الإطاحة بحماس واستعادة السلطة للسيطرة في غزة- وبغض النظر عن من هو الصحيح، فمن الواضح أننا لا نستطيع إجراء أي مناقشة عملية بشأن غزة قبل التوصل إلى تفاهمات بشأن المصالح.
أما الشيء الثالث، وهو دراسة البدائل. فلدينا ميل للتخلي عن هذه المرحلة المزعجة والوصول إلى قرار على الفور.
في بعض الأحيان، يتم إنشاء الوضع السيء ويقدم شخص ما على إحداث التغيير. وهذا يخلق وضعاً مزدوجاً مع خيارين: استمرار الوضع الحالي مقابل اقتراح تغييره، أو تقسيم الشعب بين مؤيدين ومعارضين للبدائل الوحيدة الممكنة.
وبالعودة إلى قضية المسجد الأقصى، فمن قال إن نطاق الاحتمالات منذ أسبوعين كان بين وضع أجهزة الكشف عن المعادن من عدمه؟ فقد تكون هناك بدائل أخرى أيضاً، مثل استخدام الساعات الـ48 التي أغلق فيها المسجد الأقصى لإرسال مبعوث إلى الأردن ليعود بصيغة مقبولة. وبالتالي تجنب وضع 1.3 مليار مسلم ضدنا.
عند مناقشة البدائل، يجب أن يكون إلى جانب صانع القرار هيئة فعالة بدون مصالح، والتي يجب تكليفها بإعداد الموضوعات الهامة للمناقشة من خلال عرض موضوعي لمجموعة كاملة من الاحتمالات. ونظراً لعدم وجود رئيس لمجلس الأمن الوطني خلال العام والنصف الماضيين، فإنه لا توجد وظيفة تخلق مناقشة عالية الجودة يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات أفضل.