الحدث - هداية الصعيدي
يشعر الكهل أحمد علي بالسعادة، وهو ينظر إلى المياه المتدفقة من الخراطيم الصغيرة، حول الأشجار في حديقة منزله؛ لتنقذها من الجفاف، فهذا المشهد كان شبه مستحيل خلال الأسابيع الماضية.
فتضرر خطوط المياه خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، تسبب بانقطاعها عن الحي الذي يقطن فيه لأكثر من عشرين يوما متتاليا، كما يقول.
ويضيف: "خلال الحرب لم نكن نجد قطرة مياه واحدة، لعدة أسابيع، وحتى الآن هناك انقطاع مستمر، ونقص حاد، ولا نستطيع تدبر احتياجاتنا اليومية بدون الماء".
ومضى علي قائلا لـ"الأناضول": "اضطررت لحفر بئر على نفقتي الخاصة، فأنا فقدت عملي، بعد تدمير المصنع الذي أعمل به خلال الحرب، وزرعت هذه الأشجار المحدودة، لأقوم ببيع محصولها، وتكون مصدر دخل لعائلتي، بالإضافة لتوفير مصدر مياه لبيتي".
ووفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني، ارتفع معدل البطالة، في قطاع غزة إلى 40% في الربع الأول من عام 2014.
وقال الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، في بيان صحفي أصدره مؤخرا، إنه تم تسريح أكثر من 30 ألف عامل من وظائفهم، بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مما رفع نسب البطالة لأكثر من 55%.
ويقول الأسطل: "لقد مرت أيام الحرب صعبة جدًا علينا، ولم نكن نجد المياه، تحت الموت، كانت حياتنا الإنسانية صعبة، كنا نبقى لمدة أسبوع وأكثر دون استحمام، وبالكاد تدبرت زوجتي أمور بيتنا".
وأضاف: "حفر بئر مياه أمر مكلف جدا، لذلك اضطررت لاستدانة المال، حتى لا يستمر انقطاع المياه عن منزلي الذي يأوي 15 فردا".
وأشار الأسطل إلى أنه يعاني من أزمة المياه منذ سنوات، ولكنها اشتدت بعد الحرب، مضيفًا" كانت تصلنا مياه ذات نسبة ملوحة حالية جدا، وعلى فترات متباعدة، ولكن هذا البئر خفف من معاناتنا".
واستدرك: "يستفيد من هذه البئر العديد من جيراننا، بشكل مجاني، فالجميع هنا يعاني من هذه الأزمة".
ويقول مازن البنا، القائم بأعمال رئيس سلطة المياه، إن عدد الآبار التي تم حفرها من قبل المواطنين بشكل فردي، يقدر عددها بما يزيد عن 5 آلاف بئر منذ الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة قبل نحو ثماني سنوات".
وأضاف: "ظاهرة حفر الآبار ليست جديدة، بل هي قديمة في ظل الحصار المطبق على قطاع غزة، وصعوبة توفير حلول وبدائل".
وقدر قيمة الخسائر التي لحقت بقطاع المياه خلال حرب الـ 51 يومًا، بنحو 35 مليون دولار أمريكي، استطاعت الجهات المختصة إصلاح أجزاء بسيطة منها، في الوقت الراهن.
وتابع: "قطاع غزة يحتاج من المياه إلى 200 مليون متر مكعب سنويًا، ولكن ما يتوفر في الخزان الجوفي لا يتجاوز الـ 55 مليون متر مكعب سنويًا".
وحذر البنا، من خطورة حفر الآبار بشكل عشوائي، فهي تصل إلى المواطنين دون معالجة، كما تفعل الجهات المختصة، مضيفًا "السحب العشوائي المتكرر للمياه جعل الخزان الجوفي أكثر استنزافًا، أمام الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وشح الأمطار".
وأكمل:" نحن أمام أزمة كبيرة وحقيقة، يجب أن يلجأ المواطنون لطلب الترخيص منا، فهذا سيساعد على الحفاظ على مصدر المياه الوحيد بالنسبة لنا، والحصول على مياه صالحة للاستخدام".
وأصدرت هيئة الأمم المتحدة خلال العام الماضي، تقريرًا يفيد بأنه مع حلول عام 2016 لن يتبقى في قطاع غزة أي مياه صالحة للشرب.
ونوه البنا إلى أن الحصار الإسرائيلي، سبب رئيسي في أزمة المياه، موضحًا أن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي بسبب شح الوقود، تسبب في عدم توافق موعد ضخ المياه للمنازل مع عودة التيار الكهربائي، مما أوجد هذه الأزمة".
وأوضح البنا أن 95% من مياه غزة أصبحت غير صالحة للاستخدام الآدمي من دون معالجة، وازدادت سوءًا بعد أن اختلطت بمياه الصرف الصحي فارتفعت نسبة النترات فيها".
وتصل نسبة النترات في لتر المياه الواحد بغزة إلى 200-250 ملجم، في الوقت الذي يفترض ألا تتجاوز 50 ملجم، وفقًا للبنا.
من جانبه، يقول حسين أبو عجوة، الذي يعمل في حفر الآبار، إن إقبالا ملحوظًا من المواطنين على حفر الآبار، منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية.
وأضاف:" حفرنا آبارًا في عدة منازل، وكانت المياه التي تخرج مالحة المذاق ولكن رغم ذلك كانت تعم الفرحة، فالجميع أصبح يبحث عن مصدر للمياه بغض النظر عن نقائها".
وأشار أبو عجوة "25 عامًا" إلى أن "حفر البئر يكل نحو 3500 دولار أمريكي، الأمر الذي يجعله تنفيذ لآلاف الأسر مستحيلا، بسبب الفقر والبطالة التي تنتشر في القطاع، لكنه حل لا بديل له حاليًا".
ويوضح أبو عجوة أن عمق البئر يصل إلى 40 -50 مترًا أسفل سطح الأرض.
الأناضول