يجمع المراقبون والمحللون السياسيون والساسة والقادة على عدم وجود آفاق سياسية حقيقية لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والإجماع نفسه على أنَّ بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، هو أسوأ رئيس وزراء إسرائيلي منذ إنشاء الكيان عام 1948، ولا يفكر مجرد تفكير بحلِّ الصراع مع الفلسطينيين، وإنما يسعى إلى إلغاء الشخصية الوطنية الفلسطينية وطمس حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وتهويد هذه الأرض من خلال المصادرة والبناء الاستيطاني وشق الطرق الالتفافية وبناء الجدران وهدم بيوت الفلسطينيين وتدمير مزروعاتهم، ومصادرة مياههم، وقتلهم واعتقالهم، وتدنيس مقدساتهم وتهويد قدسهم، ويتحالف نتنياهو مع أقصى اليمين الديني المتطرف في حكومة لا ترى حقًّا للفلسطينيين في الوجود على هذه الأرض وتختلق شتى الذرائع للهروب من استحقاقات السلام والاعتراف بحقّ الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
بنيامين نتنياهو الذي سبق أن اعترف بحل الدولتين تحت ضغوط أمريكية أثناء ولاية الرئيس الأمريكي باراك اوباما وجهود وزير الخارجية آنذاك جون كيري الدؤوبة يتنكر اليوم لأيِّ تسوية مع الفلسطينيين وفق حل الدولتين مستغلاً وجود الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب والمشاكل التي تحيط به في الداخل وارتباك سياسة الخارجية، وفشلها في أكثر من مكان من العالم، وجهله بالقضية الفلسطينية، وانحياز مساعديه الذين أوكل اليهم مهمة السعي لإيجاد حلّ للصراع في الشرق الأوسط لوجهة النظر التي يتبناها نتنياهو، وتتلخص في أولوية تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية، كمدخل للبحث في حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي بات صراعًا ثانويًّا في ظلّ الصراعات الإقليمية والداخلية العربية وغياب الدعم الشعبي العربي والإسلامي للفلسطينيين.
ورغم قتامة المشهد العربي وانعكاساته على الساحة الفلسطينية، وتردد الإدارة الأمريكية في الانخراط الفاعل في البحث عن حلٍّ جذري للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إلا أنّ منظمة التحرير الفلسطينية، وقيادتها المتمثلة بالرئيس أبو مازن تمدّ يدها للسلام العادل الذي يحفظ الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، ويقوم على حل الدولتين دولة فلسطينية في حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، ودولة إسرائيل تعيش في حدود آمنة، وحلّ قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ورغم تشتت العرب والأخطار التي تتهدد دولهم وأنظمتهم، فإنهم ما زالوا يعلنون في تصريحاتهم وبياناتهم واجتماعاتهم بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويعلنون تمسكهم بقيادتها الشرعية، وبحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ويعدّون ذلك هو المدخل السليم للسلام في المنطقة والتطبيع مع إسرائيل رغم بعض الأصوات تخرج بين حين وآخر، تدعي أن إسرائيل ليست العدو الرئيسي، وتشير إلى أعداء مفترضين يجاهرون بالعداء لإسرائيل التي تفرض السلام وتنتهك حقوق الفلسطينيين.
إن عدم الارتياح الذي تبديه القيادة الفلسطينية للموقف الأمريكي وللجولات التي يقوم بها المبعوثون الأمريكيون التي تجاوزت عشرين جولة، دون نتيجة حاسمة على طريق استئناف المفاوضات، وفق مبدأ حلّ الدولتين تفرض على الإدارة الأمريكية ومبعوثها أن يعلنوا التزامهم بحلّ الدولتين، وإبلاغ بنيامين نتنياهو وحكومته بهذا الموقف ليتكشف لهم أنّ نتنياهو وحكومته ليسوا طالبي سلام، وإنما دعاة عدوان وتوسع وحروب وعنصرية وانتهاك لحقوق الإنسان، وكل ذلك تمارسه إسرائيل تحت غطاء أمريكي وادعاءات بالديمقراطية ومحاربة الإرهاب، ومن السذاجة أن يدعي أحد أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تدرك هذه الحقيقة، ولكن الواقع الأمريكي الداخلي يفرض على هذه الإدارات أن تتقبله وتتعامل معه، وبالتالي مع حكومات إسرائيل، وإن كان على رأسها أسوأ رئيس حكومة هو بنيامين نتنياهو.