الحدث- غزة
لعدة أيام متتالية، كانت الأطعمة المحفوظة، مكون الوجبة الرئيسية على مائدة الفلسطيني خالد سليمان، فزوجته لن تتمكن من إعداد سفرة مما لذ وطاب من الطعام، كما يطلب أبناؤها، فاسطوانة "غاز الطهي" الخاصة بهم أعلنت عن نفادها.
ومنذ أسبوع، يحاول سليمان (35 عامًا)، تعبئة اسطوانة الغاز، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، أمام أزمة غاز الطهي التي تفاقمت مجددًا في قطاع غزة.
ويقول سليمان، وهو يقف بجوار المئات من اسطوانات الغاز المكدسة فوق بعضها البعض، والتي تنتظر دورها في التعبئة منذ أسابيع داخل إحدى المحطات، "أملك اسطوانة بديلة، لكنها تصطف في محطة تعبئة الغاز منذ أكثر من شهر، فاضطررت لحمل الاسطوانة الثانية والبحث عن من يملأها لي".
ويضيف:" ماذا سنفعل الآن، وكيف ستعد زوجتي الطعام لأبناءنا ؟، وكيف سنسخن المياه ؟ وقد دخل فصل الشتاء، والكهرباء مقطوعة باستمرار ولا بديل عن موقد الغاز".
يقاطع الحديث، محمد جمال، أحد المواطنين الوافدين إلى محطة التعبئة بحثًا عن قليل من الغاز، قائلا:" حياتنا صعبة جدًا كلها أزمات، بطالة، فقر، أزمة مياه وكهرباء، وأخيرًا الغاز بسبب الحصار الإسرائيلي أيضًا".
وتساءل جمال، (26 عامًا) قائلا "ما البديل؟، أنا أسكن في شقة ولا يمكن لزوجتي أن تستعيض عن الغاز، بموقد الحطب، كما يفعل البعض، لأننا سنختنق، ولكن أحاول البحث عن بابور كاز.
أصبحت مهمة تجهيز الطعام، صعبة ومتعبة، بالنسبة للغزّية ولاء مراد، فإيقاد الحطب في فناء منزلها، يسبب لها ضيقا في التنفس، بسبب الدخان ويضاعف مدة طهي الطعام.
وتقول الأم لخمسة أبناء:" نملك اسطوانتين من الغاز، لقد فرغتا منذ مدة، والكهرباء منقطعة لأكثر من 18 ساعة يوميًا، وهذا سيمنعني من استخدام قرص الكهرباء معظم الأيام لتلبية احتياجات أسرتي".
ولم يجد السائق مؤمن بدوان بديلا عن تحويل محرك مركبته للعمل على غاز الطهي، بدلا من البنزين، لارتفاع أسعار الأخير وشحه.
وتابع: "عملي كسائق هو مصدر دخلي الوحيد، وأبنائي 5، وأريد أن أوفر لهم قوت اليوم واحتياجاته، وإن بقيت سيارتي تعمل على البنزين، لن أستطيع جمع المال، فكل ما سأحصل عليه سيذهب ثمنًا للوقود، فمضاعفة كمية الغاز هي الحل الوحيد للجميع".
أما سمير حماد، صاحب شركة غزة للغاز، فقد أكد على وجود عجز في كمية الغاز، وأن معظم محطات القطاع متوقفة عن العمل، بسبب الكميات البسيطة المدخلة لها من الجانب الإسرائيلي.
وحمّل حمادة، الجانب الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن أزمة الغاز، فلا منفذ تجاري للقطاع غير معبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرته، مطالبًا إياه بزيادة الكمية وعدد ساعات العمل على المعبر، وتمديد أنابيب إضافية للبترول.
وكان القطاع في السابق، يتمتع بسبعة معابر تخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل، فيما يخضع المعبر السابع، (رفح البري)، للسيطرة المصرية.
وقال محمود الشوا، رئيس جمعية أصحاب شركات البترول والغاز في قطاع غزة، إن" أزمة غاز الطهي قديمة جديدة، وعادت للسطح مجددًا منذ 6 أشهر وبلغت ذروتها الآن"، مرجعًا سببها إلى "قلة الكمية المدخلة عبر معبر كرم أبو سالم".
وأضاف: "ما يتم توريده عبر المعبر يقدر بـ 220-240 طنا يوميًا، ولكنه لا يسد احتياجات المواطنين، بسبب إغلاقه يومي الجمعة والسبت، وخلال الأعياد مؤخرًا، وهذا فاقم الأزمة".
ومضى قائلا: "ومع دخول فصل الشتاء سيتضاعف الاستهلاك، من قبل المواطنين، وهذا سيجعل العجز في كمية الغاز كبيرة جدًا، إن لم يتم زيادة الكمية من قبل السلطات الإسرائيلية".
وأوضح الشوا أن الأزمة تضاعفت عندما لجأ سائقو سيارات الأجرة إلى استخدام الغاز كبديل عن البنزين، لارتفاع أسعاره، فهم يستهلكون حوالي 55% من الكمية المدخلة إلى القطاع.
وأشار إلى أن جمعيته طالبات سلطات الاحتلال عدة مرات بزيادة كمية الغاز القادمة إلى القطاع، أو زيادة عدد ساعات العمل على معبر كرم أبو سالم، حتى يتمكنوا من تأمين احتياجات المواطنين وسائقي السيارات.
المصدر: وكالة الأناضول