الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إعلامنا المحلي وقرد غزة !! حسام عزالدين:

عن الإعلام المحلي!!

2017-08-26 05:16:07 PM
إعلامنا المحلي وقرد غزة !!
حسام عزالدين:

تناقلت وسائل اعلام محلية خبرا، قد يصنف ضمن الاخبار الطريفة للتسلية والفكاهة، غير أن الطريقة التي تم تداوله بها، أخذت مغازي سياسية واجتماعية وثقافية في محاولة الربط بين الاوضاع الصعبة التي يعيشها اهلنا في القطاع والتي لا تدفع البشر فقط للانتحار وإنما الحيوانات ايضا.

 

غير أن الخبر حينما تتناقله وسائل إعلام تقليدية وتحت عناوين مسلمة بأن القرد انتحر انتحارا، تصبح القضية بحاجة إلى التوقف عندها والغوص في اليات العمل الإعلامي في الأراضي الفلسطينية، وكيف تعمل وسائل الإعلام على اجبار المتلقي لقبول قصص غير مكتملة وبحاجة  كبيرة إلى اعادة صياغة وعمل دقيق للتوصل الى الحقيقة.

 

حبل الشنق بحاجة الى عقدتين، الاولى في سقف القفص، والعقدة بحاجة الى اصابع مرنة كي تحكم  ربط الحبل في بعضه البعض، وربط الحبل في اسلاك القفص العلوية، وهذه العملية قد يعجز البشر عن القيام بها.

 

حسب ما تناقلته وسائل الاعلام فان  صاحب الحديقة التي لقي القرد حتفه فيها،  فان كثير من الحبال متدلية في القفص، بالتالي  يمكن الاعتقاد ان العقدة الاولى كانت جاهزة، ويبقى السؤال الذي لم تطرح وسائل الاعلام المحلية اجابة عنه: كيف تمكن القرد من ربط العقد الثاني لتشكيل الدائرة ووضعها على عنقه، دون التقليل من تمتع القرود اصلا بمستوى من الذكاء.

 

قصة ظريفة ليس الا،  غير ان الحقيقة لا تظهر في هذه القصة الاخبارية، وهو شأن العديد من القصص الاعلامية التي يتناولها اعلامنا المحلي، دون تمحيص ودون تدقيق يقنع من خلالها المتلقي.

 

فاي قصة اعلامية، غير انها بحاجة الى الاجابة عن الاسئلة الاعلامية الخمسة ( ماذا؟ من ؟ اين؟ متى؟ لماذا ؟) لكننا بتنا بحاجة ماسة في ظل غاية المعلومات المتلاطمة الى التركيز على السؤال السادس وهو ( كيف ؟).

 

صحيح ان الاعلام الالكتروني فرض علينا السرعة والاختصار، غير ان ما يريده المتلقي اليوم كيف يرفع مستوى ثقته باي وسيلة اعلام، هو التفاصيل وهي التي بامكانها ان تقنع المتلقي باي قصة ان كانت حقيقية ام لا.

 

شهداء يسقطون  برصاص  الاحتلال وقتلى يسقطون بأفعال داخلية، يكتفي اعلامنا بالخبر البسيط، ويتجاهل الاجابة على السؤال السادس ( كيف ؟) وفي كثير من الاحيان عن ( لماذا ؟).

 

وللاستعاضة عن التقصير في ذكر التفاصيل  يلجأ الاعلام الى محاولة تفخيم الخبر وتضخيمه، مثل القول ( قتل بدم بارد) او ( قتل بوحشية) وكان هناك قتل بدم ساخن او قتل بإنسانية.

 

فلم تعد الاخبار المحلية تقنع الكثير من المتلقين، كونها باتت تاتي من نوافذ عديدة وباشكال متناقضة، ولن تقم للإعلام المحلي قائمة الا اذا ذهب الى التفاصيل والتزم ب( الدقة اولا) وفي الصدق ثانية.