سربت وسائل إعلام إسرائيلية خبرًا مفاده أن أميرًا سعوديًّا مهمًّا زار إسرائيل، لكنها لم تركز على الخبر، فلم تكرر نشره، ولم تكشف هوية الأمير الزائر، ولم تتحدث عن مهمة، ما يعني أنها تداركت حساسية الموقف وانعكاساته على ما يتردد من أنباء عن مصالحه وتحالف ومواجهة لأعداء مشتركين.
رئيس الوزراء نتنياهو أحد المروجين لهذا التحالف وأكثر المتحدثين عنه وصف هذا العام بأنه الأفضل والأحسن في وضع إسرائيل الإقليمي، في إشارة إلى تحولات جذرية في مواقف دول عربية من الصراع العربي- الإسرائيلي وخاصه الفلسطيني –الفلسطيني.
وفي مواجهة ما يروج له نتنياهو من تحالف خجول يضم الولايات المتحدة وإسرائيل ودولاً عربية، وأحيانًا تركيا يبرز حلف فاعل يطلق عليه حلف المقاومة يضم روسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله، أو ما يعرف بالمقاومة. وسجل هذا الحلف انتصارات ملموسة في سوريا، وآخرها في دير الزور حسمت الموقف إلى حدٍّ بعيد لصالح الدولة السورية رغم الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب السوري، منذ ما يزيد على ست سنوات من حرب دموية مدمرة. وهذا المحور يجاهر بانتصاراته، ويعد بالمزيد كما يجاهر بالأعضاء المنتسبين إليه.
إسرائيل تعد نفسها دولة ذات قوة حاسمة في صراعات المنطقة، وتدلل على ذلك بغارات منتقاة على أهداف ومواقع على الأرض السورية، تصنفها كما تشاء، ولا تجد على عدوانها وغاراتها ردًّا من أحد من أطراف محور أو تحالف المقاومة الروسي الإيراني السوري مع حزب الله غير تحذير إسرائيل من تكرار عدوانها، وإن أولويات المعركة هي ما يحدد مكان وزمان الرد الذي لم يأتِ أبدًا .
المحوران المذكوران يتصارعان حول مصالحهما على الأرض العربية، وعلى حساب الدمار والدم العربي، سواء في العراق، أو في سوريا، أو لبنان، أو فلسطين، وأي انتصار يحققه محور على آخر ترد مصلحته لصالح إسرائيل التي تتكامل مصالحها مع المصالح الأمريكية في المنطقة والعالم، وهي الروسية وإلاّ كيف يمكن تفسير اختراق الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء السورية مرارًا وتكرارًا، وضرب أهداف على الأرض السوريه التي تتمتع بشبكة دفاع جوي روسي كاملة، ولا يعني إعلان إسرائيل أنها ضربت المواقع يعني إعلان إسرائيل أنها ضربت المواقع السورية في الأجواء البنانية، ان وسائل الدفاع الروسية غير قادرة على التصدي للتهديد الإسرائيلي، حتى لو كان من فوق الأجواء البنانية أو الإسرائيلية أو الأردنية. وربما يكون ذلك من ثمار زيارة نتنياهو ومسؤولين أمنيين إسرائيليين لروسيا.
ما يمكن تسجيله هو أن إسرائيل تحقق انتصارات سياسية وعسكرية واقتصادية ودبلوماسية من أي صراع في المنطقه وغيرها من المناطق، وتفتح أمامها الأبواب في واشنطن وموسكو والهند وافريقيا وأمريكا اللاتينية في ظل غياب عربي رسمي وشعبي داعم ومساند لفلسطين والشعب الفلسطيني الذي يقف وحيدًا أمام الاحتلال والقمع والقتل والإرهاب الإسرائيلي.
إن أولويات العرب للأسف لم تعد إيجاد حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والانتصار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والاحتلال الإسرائيلي. ما دفع الإدارة الأمريكية الحالية إلى التخلي عن مواقف التزمت بها الإدارات الأمريكية السابقة بخصوص القضية الفلسطينية، والتي تعتمد حلّ الدولتين: دولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران 67 ودولة إسرائيل، كما نصت على ذلك المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت، وكانت السعودية الراعية والمبادرة لهذه المبادرة.
إن سياسة المحاور الجديدة في المنطقة تشير إلى أن آفاق حلّ الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي في تراجع؛ لأن الضغط الذي كان يمارسه المجتمع الدولي على حكومة إسرائيل في تراجع، وهذا أمر يعقد مهمة الدبلوماسية الفلسطينية التي تتمثل بالتسوية السياسية كطريق لإنهاء الصراع، ويدفع أطراف الصراع إلى البحث عن وسائل مقاومة أخرى، تعيد القضية الفلسطينية إلى مركزيتها، وأولوية البحث عن حل عادل ودائم وشامل لها يحفظ حقوق جميع الأطراف بخاصة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها إقامة حدود دولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.