لم تكن الآمال المعقودة على رحلة الثلاثي الأحمد الشيخ فتوح إلى القاهرة كبيرة.
لكن ميزان الأمور تغير بالمفاجآة التي خرجت بها حماس بعد الفجر وبعد لقاء مطول مع المخابرات المصرية فكان حل حماس اللجنة الإدارية لتعيد الكرة إلى ملعب فتح.
"نريد سحب الذرائع من الرئيس عباس"، هكذا قال مصدر لـ "الحدث" من داخل أروقة حماس.
"الكرة الآن هناك في رام الله".
والكرة قبلا كانت هناك مع لاعب آخر هو من نصح حماس بهذه النصيحة الذكية، بعد أن تزامن تواجد هنية معه في القاهرة في ذات الوقت.
النصيحة هذه المرة بـ جمل، بالنسبة لحماس.
لأنها المستفيد الأكبر في كل الأحوال.
فهي كسبت مصر من جهة، وخففت من اتهامات فتح لها بعرقلة المصالحة، وخففت من النقد الشعبي لها في القطاع، وما زالت تكسب حليفا قويا خفيا مؤثرا.
وما القوة التي دخلت بها مصر على خط المصالحة والذي فاجأ الجميع ذكاء وإنما ذكاء النصيحة التي وجهت لحماس.
فحماس كما فتح تماما لا تعنيها المصالحة في شيء وما يعنيها هو فتح معبر رفح، وما يعنيها هو رفح الحصار عن قطاع غزة قبل أن ينفجر في وجهها.
وموافقة حماس على حل اللجنة الإدارية ليس سوى اجراء تكتيكي هدفه الأول والأخير تعزيز العلاقة مع مصر تحسبا لمستقبل غامض يلوح في الأفق، واعطاء غطاء واضح امام مصر أنها قدمت شيئا لها، وانصاعت لمطالبها.
أما فتح، فإن غزة لا تعنيها في شيء أيضا، والمصالحة ما هي إلا وسيلة لتجميل صورتها في مواجهة طروحات ترامب.
قديما قالوا فتش عن المرأة، اما اليوم فعلينا أن نفتش عن ناصح النصيحة.
وفي المحصلة فإن الأمر كما جاء به طرفة بن العبد
ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ له بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ