الحدث- تحليل اخباري خاص
ضمن مداولات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تشكل الخطوة الأولى لإنهاء الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، اصطدمت الحوارات بين الحركتين بإشكاليات يعد التوافق على الشخصية التي سيناط بها مهام وزارة الخارجية من أبرزها.
بالعودة إلى تاريخ العلاقة بين حماس والوزير المالكي، يجد المراقبون توترا بينها وبين الرجل، ولعل أبرز مظاهر هذا التوتر تجلت في مشهد تهجم القيادي في حركة حماس إيهاب الغصين على المالكي بمستشفى الشفاء بعد وصول الأخير إلى غزة بعد العدوان الإسرائيلي الثاني على القطاع في العام 2012 برفقة وفد وزراء الخارجية العرب وحينها حملت حماس مسؤولية العدوان للرئاسة الفلسطينية.
وبرزت إلى السطح مجددا مظاهر العلاقة السيئة بين المالكي وحماس، عبر العديد من التصريحات التي صدرت عن قياديي حركة حماس يشددون فيها على رفضهم أن يتولى رياض المالكي وزارة الخارجية.
ومن أبرز تلك التصريحات ما صدر عن الناطق باسم حركة حماس في قطاع غزة "فوزي برهوم" يوم أمس بقوله: "إن كل الشعب الفلسطيني وفتح قبل حماس، وبالإجماع، لا يريدون رياض المالكي وزيرا في حكومة التوافق، وهو غير مرغوب فيه فلسطينيا".
فيما قال القيادي في حركة حماس ووزير الأوقاف في الحكومة المقالة "إسماعيل رضوان" عبر قناة القدس الفضائية إن المالكي ساهم في إغفال تقرير جولدستون في العام 2009 مضيفا أن المالكي يتحدث في المحافل الدولية بما يخالف الثوابت الوطنية – بحسب تعبيره.
وأضاف رضوان في سياق توضيح موقف حركة حماس من المالكي أن الأخير ساهم بشكل مباشر في إظهار حماس في صورة من أدار ظهره للشعب الفلسطيني، وربطها بالعديد من الأمور السلبية.
كما صرح الناطق باسم حركة حماس سامي أبو زهري يوم الخميس الماضي أن تأجيل الإعلان عن الحكومة جاء بسبب إصرار الرئيس محمود عباس على تعيين المالكي وزيرا وهو ما ترفضه حماس لأسباب نضالية ووطنية – بحسب قوله.
ويصف مراقبون المالكي بأنه من الشخصيات الأكثر تشددا في نقده لحركة حماس في الضفة الغربية، وقطع الطريق على سياستها الخارجية، ومن أكثر المدافعين عن مواقف الرئيس عباس الذي يمنحه الثقة في الخطوات المرتبطة بالسياسة الخارجية الفلسطينية، بالرغم من عدم انتمائه لحركة فتح الفصيل الذي يقوده الرئيس عباس.
ولعل حركة حماس تسعى للضغط من أجل تسمية وزير آخر يخلف المالكي في الخارجية الفلسطينية، رغبة في تسيير أعمال الوزارة عبر وزير أكثر مرونة وقبولا لحركة حماس، وأكثر انفتاحا في التعاطي مع الملف المرتبط بها خارجيا، في ظل الحالة المرتبكة التي تشهدها حركة حماس على الصعيد الإقليمي والدولي وتراجع تحالفاتها الخارجية في حالة ينظر لها المحللون على أنها السبب الرئيس في عودة حركة حماس لملف المصالحة الداخلية بزخم وقوة كبيرين.
لعل أبرز ملامح حكومة الوحدة الفلسطينية التي وافقت حركة حماس على أن يتولى رئاستها د. رامي الحمد الله بقاء أسماء وإيجاد مخارج لأسماء أخرى بإرادة الرئيس عباس ورغبته، فهي لا تختلف كثيرا عن الشكل الذي أرسى ملامحه الرئيس للحكومات المتعاقبة منذ تولي د. سلام فياض مهام رئاسة الوزراء بعد حدوث الانقسام الفلسطيني، ومن أبرز المؤشرات على أن الرئيس محمود عباس هو من صاغ الحكومة بالشكل الذي يريد ما تم الاتفاق عليه بأن يتولى رئيس الوزراء مهام وزارة الداخلية التي كانت العقبة الأبرز في بداية مداولات تشكيل الحكومة.
ما يطرح تساؤلات ترتبط بشكل المصالحة الفلسطينية، وفيما إذا قدمت حركة حماس تنازلات عما حصلت عليه في الورقة المصرية باعتبارها الطرف الأضعف في المعادلة الإقليمية الراهنة أم لا؟ وهل هذا هو العامل الذي يستند عليه الرئيس في التمسك بموقفه من المالكي والقضايا الأخرى أم لا؟