الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اللامثقفون في الحالة الفلسطينية/ بقلم: حسام أبو النصر

2017-09-24 02:28:42 PM
اللامثقفون في الحالة الفلسطينية/ بقلم: حسام أبو النصر
حسام أبو النصر

 

يكثر الحديث عن الثقافة والمثقفين في اي مجتمع بما يجسد حالة الوعي في المواجهة بفكرهم الدائم للسلطات والاحتلال، فيما يغيب الحديث عن الوجه الاخر النقيض لهم ، ومع مرور كل هذه السنوات يبقى التراجع سيد الموقف وسيد الحالة الفلسطينية، لدينا الكثير من الشماعات لنعلق عليها فشلنا وازماتنا على راسها الاحتلال والانقسام، الا ان ظاهرة اللاثقافة ساهمت بشكل كبير لوصول الحالة الفلسطينية الى هذا الحد من الانحدار مع غياب التاثير الحقيقي على الشارع للنهوض بالمجتمع كما هو حاصل عالميا، وكما هو الدور المنوط بالمثقف لمواجهة كل الازمات بفكره، ووضع حلول والارتقاء بالمفاهيم البناءة، لكن كل ذلك يمنع تقدمه اللامثقفين في حالتنا، وتصدر مفاهيمهم المشهد بالرؤى الهدامة، واولهم المثقفون المزيفون كما وصفهم (باسكال بونيفاس)، بل وانحدار المفهوم الثقافي، وقيمه، والتحول من حالة النقد البناء الى سيادة الردح العام، وغياب الخطاب الهادىء الواعي العاقل الهادف امام حالة الضجيج، بل والاخطر حالة سيادة مفاهيم الحزب والفصيل على حساب فكر الوطن، في وقت الانقسام والفساد والاحتلال يستمر في هتك المجتمع، فتفشل اهم شريحة في صد ومواجهة ظاهرة اللاثقافة، وانتشار المصطلحات الهابطة والتعريفات الجديدة المصطنعة، وظهور مثقفين من ورق، وابطال (السوشيال ميديا)، والاهم ظاهرة ظل المثقف، الشبيه المقلد، دون ان يرتقي ليكون حالة حقيقية تنشر الوعي والفكر بقدر الحفظ دون الفهم . ان اختلاط الشعوب هو اكتساب للثقافات واغناءها ليس فقط قراءة موروثها، وهنا ساهم الحصار في تعميق هذه الفجوة ووصلنا لمرحلة محاولة اقناع اللامثقف انه ظاهرة غير صحية، لكن بعد فوات الاوان بوصول بعضهم الى الصحف المكتوبة وسيطرة اخرون على المواقع الالكترونية ، فخصصت لهم مساحات واسعة لبث تضليلهم وغاب المثقف الحقيقي عن المشهد، بهجرة عدد منهم فيما الاحتلال وبطش سلطتي الانقسام ضيق مساحة الحرية مع الاحتفاظ بحالات شاذة، ونسجل ان المثقف لا يخاف والا لن تصل رسالته، فيما هناك اللامثقفين التابعين لاحدى السلطات او حتى اللامثقف المستقل الذي يمارس مهمات الهدم طوعا او مدفوعا، أما عن سارقي الافكار وناقلي المعلومة في ظل غياب حقوق الملكية والرقابة، يعملون بجد لخلط الاوراق واخفاء الوجه الحقيقي للمثقفين وابقاءهم وراء الستار، وقد تكون مؤسسات ساهمت في حالات التجهيل بمناهضة المثقفين النقاد لسياستها او سياسة السلطة، ودعمهم (اللامثقفين) في الوصول لمراكز هامة، وهذا بالنتيجة ما يمنع قيام دولة وهو ما تسبب بانهيار دول كالاتحاد السوفياتي، اللامثقفون في الحالة الفلسطينية يفتون، يقررون، وينشرون التقارير والبيانات، بل ويظللون.


اللامثقفون ظهروا وتغلغلوا بعدة اشكال، منها، الدينية التي تساهم في العنف والتطرف وكره الاخر على حساب قيم التسامح، ومنها الشكل العرقي على حساب وحدة النسيج المجتمع وتبايناته فيضرب عصب التماسك ويساهم في التفرقة المناطقية، اما الشكل الحزبي الذي يعد الاخطر في الوقت الحالي بالتنظير لصالح ايديولوجيته مختبئا وراء مبادىء ومنطلقات ثورية. اللاثقافة ضربت كل جوانب الحياة الفلسطينية، غيرت حتى شكل الاغنية الاصيلة ، فيما انتشر الغناء الهابط، وظهور روايات (البزنس) على حساب الرواية رصينة البناء الفكري والادبي، فيما يفتي السياسيون في التاريخ والجغرافيون في السياسة ، الخ ، وشباب (الاي تي) ومواقع التواصل تحولوا لكتاب راي، انها حالة فوضى عامة، وقد ساهمنا في تفشيها، فلم نحاربها او نحد منها ولم نخمدها في مهدها، خجلنا حتى كبرت فينا فأخجلتنا اكثر، غابت المظاهر الاجتماعية الجميلة شيئا فشيئا، لم نعد نسمع الاخر، صوتنا مرتفع، لايوجد ثقافة اعتذار، لا شرف للخصومة بسيادة اللاثقافة، واصحاب القرار تحولوا من قدوة لكبوة، اننا في حالة انتكاسة فاقت نكسة عام 1967م، وهذا كله اخر خروجنا من الحالة الانقسام وأفشل سلوك مواجهة الاحتلال، وزاد من حالة الفساد، وقد تجاوزنا العادات والتقاليد التي هي جزء من موروثنا لا لنطورها بل لنستحدث سلوك غربي سلبي، لدينا مؤسسات حقوق انسان مع افتقارنا لثقافة حقوق الانسان، بل انعدام الحقوق لدى الشعب في مجالات عدة وغابت مظاهر الانسانية، لدينا كثيرا من المؤسسات الامنية وليس لدينا شعور الامان ولا ثقافة الامن، لدينا كثيرا من المراكز الثقافية ولكن لم تزيد من نسبة القراءة اوالانتاج الفكري الهادف وهنا الحديث عن الانتاج العام وليس الفردي، لدينا كل هذه المساجد وغابت القيم الدينية السمحاء الراقية اليسيرة وسادت ثقافة التطرف والتعصب واقصاء الاخر، لدينا كل ما لدينا ولكن ليس لدينا دولة مستقلة وعاصمتها القدس كما ينادي المثقفون واللامثقفون .