الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

واجب فلسطين تجاه الشعب الكردي بقلم نور عودة

2017-09-25 11:23:39 AM
واجب فلسطين تجاه الشعب الكردي
بقلم نور عودة

حق تقرير المصير للشعوب حق مقدس وغير قابل للتصرف. كفلسطينيين، نتمسك بهذا المبدأ ونؤمن به إيمانا مطلقا. وخلال السبعين عاماً الماضية على الأقل، ناضل الشعب الفلسطيني لنيل هذا الحق وترسيخه ووضعنا العالم أمام امتحان صعب متمثل في وجوب الاعتراف بهذا الحق وعدم القدرة على تحمل عار إنكاره. انطلاقا من هذا المبدأ وبالبناء عليه، ناصرت الثورة الفلسطينية المعاصرة شعوباً طالبت بممارسة حقها في تقرير المصير حول العالم. اليوم، يمارس الأكراد في العراق حقهم في تقرير المصير وتفرض امتحاناً في القيم والمبادئ على جميع الشعوب وفلسطين لا تملك خيار الرسوب في هذا الامتحان,

 

الأكراد شعب عريق وتاريخه ممتد منذ آلاف السنين. هذا الشعب تحمل الظلم والقمع والانكار والتطهير العرقي والابادة الجماعية ومع ذلك بقي صامدا ومتمسكا بهويته الوطنية وفي هذا التاريخ من الصمود والمقاومة أصبح أشبه بالشعب الفلسطيني مما يتصور الكثيرون. الشعب الكردي ليس شعباً طارئافي المنطقة وهو ممتد جغرافياً في أراضي العراق وسوريا وإيران وتركيا. أكثر من ثلاثين مليون كردي يعيشون في هذه المنطقة الجغرافية ويشتركون بتاريخ واحد ولغة واحدة حافظوا عليها رغم حرمانهم من استخدامها من قبل الأنظمة المختلفة على مر العقود الماضية. وفي المعايير الدولية تنطبق على الأكراد كل المعايير التي تنطبق على الفلسطينيين والتي استندت عليها الدبلوماسية الفلسطينية في تحقيق الاعتراف الدولي الثنائي وفي الأمم المتحدة.

 

الحكومات التركية والإيرانية والسورية ترفض ممارسة الأكراد في العراق لحقهم في تقرير المصير لأنها لا تريد أن تواجه ذات الاستحقاق في بلادها ولا تريد أن تعترف بحقوق الأكراد الوطنية. وقد ساقت هذه الحكومات بالإضافة للحكومة العراقية مبررات كثيرة لرفض الاستفتاء في كردستان العراق لا صلة لها بحق تقرير المصير وتتطابق في كثير من حيثياتها مع المسوغات الواهية التي ساقتها وتسوقها إسرائيل لتبرير منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في تقرير المصير والاستقلال الوطني.

 

دعم حق الاكراد في تقرير مصيرهم لا ينتقص من حب الفلسطينيين الفطري للعراق واحترامنا لهذه الدولة العريقة بل انه إقرار بأن حق العراق وسيادتها لا يجب ان يطغى على حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بعد طول انتظار.

 

في سياق متصل، هناك من يبرر الهجوم على الاكراد ومعارضة استفتاء استقلالهم بسبب بعض العلاقات مع اسرائيل ورفع العلم الاسرائيلي في ساحات كردستان، وكأن هذه العلاقات أو الأحداث تعطي أياً كان الحق في مصادرة حق الأكراد في تقرير مصيرهم. هذا الهجوم يغفل أيضاً أن العرب تركوا الاكراد وحدهم خلال قرن مضى وساهموا بطرق مختلفة في إنكار الحقوق والهوية الكردية والسكوت على الجرائم التي ارتكبت بحقهم، بما في ذلك جرائم الإبادة والتطهير العرقي.

 

من واجب فلسطين الوقوف مع الاكراد كما وقفت مع شعوب اخرى طالبت بحقها في تقرير المصير، ومن حق الأكراد مطالبتنا لهذا الدعم. المبادئ لا تجزأ وحق تقرير المصير هو حق غير قابل للتصرف وغير خاضع لرأي أو ممانعة أي طرف غير الشعب المعني بممارسة هذا الحق ومن يطالب به ويعرف مرارة الحرمان منه لا يمكن إلا أن يكون في الصفوف الأمامية من الداعمين لتطبيقه دون استثناءات. فلسطين لديها علاقات طيبة مع كردستان ويجب أن تعز هذه العلاقات وتقويها، انسجاماً مع ما تمثله فلسطين وامتثالاً أيضاً للمصلحة الوطنية التي تقتضي استثمار كل علاقاتنا الثنائية لتوفير الدعم لشعبنا في تطبيق وتجسيد حقه في تقرير المصير.