الحدث- عصمت منصور
قدم المستشرق والمحلل الإسرائيلي يوني بن مناحيم تحليلاً حول المصالحة الفلسطينية وإسرائيل تترجمه الحدث كاملا.
القيادة الجديدة لحركة حماس نجحت في الأشهر الأربعة الأخيرة في إظهار برجماتية لافته أدت إلى حدوث تحولات في العلاقة مع مصر التي كانت ترى فيها عاملاً مساعداً للإرهاب على أراضيها بسبب علاقتها بالإخوان المسلمين وداعش المعارضتين لحكم الرئيس السيسي.
التحول نبع من لقاء نادر للمصالح لمصر التي أرادت أن تقرب حماس منها بواسطة تسهيلات جدية للتخفيف من الحصار حول غزة مقابل خوضها حرب ضد الجماعات الجهادية في القطاع وسيناء قابلته مصلحة لدى القيادة الجديدة للحركة في إعادة اعمار القطاع ما بعد عدوان 2014 وتعزيز سيطرتها من خلال تسهيل الحياة والاستفادة من الهدوء للاستعداد عسكريا.
الهدوء الأمني في القطاع وسيناء تحول إلى هدف مشترك لدى مصر وحركة حماس وفي القطاع يدور الحدث عن تحول استراتيجي في العلاقة مع مصر.
التعبير الأبرز عن المرونة التي ابدتها القيادة الجديدة كان في الابتعاد الرسمي والمعلن عن الاخوان المسلمين ومحاكاة حزب النهضة التونسي وهو ما منحها هامش مناورة سياسي أمام دول تخشى من الاخوان علماً أن الحركة لم تبدي أي استعدادية للتنازل عن قوتها العسكرية حتى في ظل اتفاق مستقبلي مع فتح.
الاختراق الكبير الذي أنجزته المخابرات المصرية في القاهرة كان في قبول حماس تطبيق اتفاق القاهرة من العام 2011 حيث يفترض أن يجتمع وفدا حماس وفتح قريبا من أجل بحث كيفية تطبيقه والذي يفترض أن يناقش الوضع الأمني في غزة وسلاح المقاومة.
قبل أن يبدأ النقاش يحاول مسؤولو الحركة تثبيت حقائق على الأرض من خلال إعلان موسى أبو مرزوق أن المقاومة لن تتنازل عن سلاحها ولن تسلمه للسلطة وقول أخرين أن السلطة ستتسلم الأمن وتنشر قوات شرطية في غزة ولكنها لن تتسلم سلاح المقاومة وهي أسئلة صعبة ستواجه الطرفين حول من سيسيطر على الأمن وهوية وزير الداخلية ومن سيحمي الحدود مع مصر وغيرها من الاسئلة.
موضوع سلاح المقاومة وأمن القطاع يقلق مصر وإسرائيل أيضا واللتان لا تريدان أن تبقى الألاف الصواريخ في يد حماس وكذلك حفر واستخدام الانفاق في تهريب المطلوبين وأسلحة، لذا فإن مصر تريد التأكد من وجود قوة عسكرية فلسطينية مدربة للحفاظ على أمن الحدود وتقوم بمنع عمليات التهريب إلى سيناء.
المصلحة الإسرائيلية تكمن في استمرار الهدوء وأيضا في منع تعاظم قوة حماس وتطويرها لأسلحة وصواريخ تهدد أمنها لذا فإن إسرائيل لا تريد الأن إسقاط حكومة حماس بسبب عدم وجود قوة على الأرض يمكن أن تحل محلها وإضعاف حماس سيتسبب في فوضى أمنية كبيرة ستقود لتوجيه ضربات لإسرائيل دون وجود مسؤول يمكن تحميله المسؤولية خصوصا عندما تطلق الصواريخ تجاه إسرائيل.
المعضلة الرئيسية في موقف إسرائيل من الاتفاق هو في أنه يساهم في حفظ واستمرار الهدوء ووقف إطلاق النار ويؤدي إلى التركيز على إعادة اعمار القطاع ولكن من جهة أخرى فإن هذا الهدوء سيمكن حماس من تطوير منظومتها وقدراتها العسكرية والاستعداد للمواجهة القادمة مع اسرائيل.
مصدر أمنى إسرائيلي قال إن إسرائيل لا تستطيع أن تتجاهل من التطور العسكري الذي تشهده الحدود الشمالية وتعزيز التواجد الايراني في سوريا لذا فإن مصلحة إسرائيل تكمن في تقليل خطر اندلاع حرب في الشمال وعدم ترك رياحها تهب على القطاع.
من ناحية إسرائيل فإن استلام السلطة رسميا للقطاع سيجعلها في موقع المسؤولية عن أمنه أمامها وستتحمل استمرار وقف إطلاق النار ولن توافق على نظام برأسين تهتم فيه السلطة بالشؤون الحياتية وتبقي السيطرة الأمنية بيد حماس التي ستواصل عملية تسلحها.
من مميزات الاتفاق الأخرى أنه سيوقف تدهور الوضع المعيشي والإنساني وهو ما سيخفف الرغبة والحافز مؤقتا لدى الفلسطينيين ومن بينهم حماس للذهاب إلى حرب جديدة.
إسرائيل أيضا لن توافق على أن يكون تنظيم تعتبره إرهابيا ولا يعترف بحقها في الوجود جزء من السلطة الحاكمة التي وقعت معها اتفاق سلام حيث ترى بدمج أعضاء البرلمان من حركة حماس في السلطة خرقا لاتفاق أوسلو وإسرائيل تريد ـن تكفر عن خطئها في قبول مشاركة حماس في انتخابات 2006.
الاتفاق الفلسطيني الداخلي سيعيد توحيد الأراضي الفلسطينية ويعزز المطلب الفلسطيني بدولة فلسطينية والرئيس عباس سيأخذ شرعية من جديد كزعيم أوحد لكل الفلسطينيين إلى أن تجري انتخابات جديدة ستوافق إسرائيل على أن تكون حماس جزءا منها.
الاتفاق سيخفف من التوتر في القطاع لمدى من الزمن ومصر تريد أن ترعى هذا الاتفاق من أجل التوسط بين حماس وإسرائيل لإنجاز هدنة طويلة الأمد من 10 الى 15 سنة عندها سيكون على المستوى الأمني والسياسي في إسرائيل أن يقرر أنه وبعد 30 عاماً من الادعاء بأن حماس حركة إرهابية بقبولها كعضو رسمي في السلطة الفلسطينية والسماح لها بالاستمرار في تعظيم قوتها العسكرية تحت مضلة السلطة.
في هذه الاثناء إسرائيل تواصل الصمت وتراقب التطورات عن كثب.