الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

سيادة المسؤول .. في الإعلام ( الزيادة أخت الناقص) كتب:حسام عز الدين

عن الإعلام: "قُم بما عليك ودع الإعلام يلاحقك"

2017-09-25 10:43:38 PM
سيادة المسؤول .. في الإعلام ( الزيادة أخت الناقص)
كتب:حسام عز الدين
حسام عز الدين

يبادر بعض الصحافيين أو مؤسسات إعلامية إلى تمجيد (فلان أو علان) إن كان شخصًا أو مؤسسة، على قاعدة التأكيد على ولاء هذا الإعلامي أو الإعلامية أو المؤسسة الإعلامية،  لهذا الفلان أو العلان، من خلال الإكثار من مدحه ونشر نشاطاته مهما كانت أهميتها.

 

بعض المسؤولين من يعجب بهذا الأداء، خاصة في ظلّ سرعة النشر عبر صفحات الانترنت، ومنهم من يؤكد كل يوم على دوائر العلاقات العامة لديهم بضرورة نشر أخبارهم وصورهم، ومن المسؤولين من لا يرى ما تنشره دوائر العلاقات العامة عنه أصلاً.

 

لكن المشاهدين والمتتبعين لهذه الأنشطة (الرأي العام)، يتتبعون ويلاحظون بدقة ما يتم نشره، ليس ذلك فحسب، بل باتت لديهم القدرة على التحليل أيضًا.

 

وفي خضم كلّ ذلك، لا يعرف المسؤول إنّ الإكثار من المديح والأخبار الذاتية، هي بذات سوء قلتها إنّ لم تكن أخطر، خاصة إذا ما تركزت على قضايا لا تهم الناس على قطاع واسع.

 

فاعلم سيادة المسؤول، أنّ الرأي العام لن ينفطر قلبه حبًّا لك حينما يشاهدك كل يوم تزور مريضًا في مشفاه، ولا صورتك وأنت تجلس في عزاء أو ترقص في فرح، بل على العكس تمامًا سيزداد سخطًا؛ لأنه يعرف أنّ مجرد نشرك لصورتك وأنت تزور مريضًا، إنما أردت منها أن تنشر إنسانيتك، والمواطن يعرف أنّ زيارتك للمريض هي مهمة، حينما يكون هدفها التخفيف عن المريض وأهله، وليس التخفيف عن المتابعين الذين قد لا يعرفون المريض أصلاً.

 

سيادة المسؤول، اعلم أنّ مستشاريك الإعلاميين يخطئون حينما يقترحون عليك نشر صورة وأنت تسلم أحد المحتاجين كرسيًّا متحركًا، حتى وإن كان ثمن هذا الكرسي من جيبك الخاص لا من أموال الدولة، لأن المنطق يقول: إنك لم تبادر إلى توفير هذا الكرسي إلا من أجل المستفيد، وطالما استفاد المريض وفرح به، يكفيك شكره هو فقط، وإن لم يكن الكرسي من جيبك الخاص، وغير ذلك صدق تمامًا أنّ الصورة وتكرار نشرها يجلب لك الإساءة أكثر من الفائدة.

 

سيادة المسؤول، اعلم أنّ نشر نشاطاتك المكوكية هنا وهناك، لا تفيدك عند الرأي العام بقدر ما تضعك تحت مجهر الأسئلة التي تضعف من صورتك، خاصة حينما تخرج من شباك العلاقات العامة عندك، وهذا لا يعني إخفاءها، بل على العكس تمامًا، والنصيحة بأن تؤدي ما عليك، وأن تدع الإعلام يطاردك، واعلم أن الإعلام الحقيقي الذي يحظى بثقة الناس هو الذي يلاحقك، وليس الإعلام الذي تذهب أنت إليه.

 

وظيفة العلاقات العامة في المؤسسات المختلفة، ليست  نشر نشاطات مسؤولي هذه المؤسسات، بل وظيفتها توفير المعلومة لوسائل الإعلام الباحثة عن المعلومة، وربط العامة مع مفاهيم المؤسسة التي يعملون لديها من خلال ابتكار أنشطة ما، وليست بيانات الكترونية باتت اليوم تضر أكثر مما تنفع، لأن مبادرة العلاقات العامة للنشر يضعف المعلومة، والمتلقي يعلم علم اليقين بأن المعلومة لو أنها لا تخدم المؤسسة لما قامت هذه المؤسسة بنشرها.

 

سيادة المسؤولين، أنتم بحاجة إلى إعادة النظر في وظيفة دوائر العلاقات العامة لديكم، وإعادة النظر في طريقة وآلية العمل الإعلامي، وما لهذه المراجعة من انعكاس إيجابي على الوضع المؤسساتي والإعلامي في البلد.

واقتبس عن صفحة الزميل محمد دراغمة، منشور قبل أيام، نقلاً عن خالد الحروب، جاء فيه، بأن الاسكندر المقدوني خاطب وزيره ذات مرة، "منذ أن خدمتني وأنت تنفذ ما أمليه عليك بالحرف دون أدنى ملاحظة أو تعليق، والحال أنني لست سوى إنسان، ولست معصومًا عن الأخطاء. فإما أنك لا تنتبه إلى أخطائي، وفي هذه الحالة أنت بليد، وإما أنك تخفيها عني، وفي هذه الحالة فأنت مُخادع".