لو كان لي جارٌ وسيم يحب الشعر والأغنيات ويملّ مثلي من الفن التشكيلي، يحب الملوخية ورائحة اللبن الجميد. ينظر من شرفته إلى شباكي، ويتنظرني حين أسهر خارج البيت. ينادي ابنتي حين تلعب في الحارة : تعالي يا عمو، فتأتي هي لتحدثني عن عمّو اللطيف الذي أعطاها كيس الشوكولاه.
لو كان لي جارٌ وسيم، لا أعرفه، ويحبني. لا يكتب لي شيئا، لا يكتب عني شيئاً، فهو مشغول بفيزياء الكم، ونظرية الأوتار. نحتفل -معاً- فرادى باكتشاف الـ هيچز بوزون، وإعادة بلوتو إلى المجموعة الشمسية.
لو كان جاري صامتاً، يقول كلّ شيء لنافذتي، ويضحك حين يسمعني أصرخ جملتي البذيئة المشهورة التي يحفظها أصدقائي غيباً وأقولها عشرين مرة في اليوم.
لو كان جاري عازفاً سيكسي، لا يعزف الألحان بل نقصان معرفتي
يحفظ المقامات، والألحان التراثية وموسيقى الإثنيات في العالم العربي، ويجهل اللغويات وتفسير طبقات النص والحروفية التي أحب
لو كان لاعب خفة ليسحرني بسذاجتي وبراعته
لو كان جاري عارفا بما يغيب من المؤامرات، لو كان يعرف كل ما أجهل،ويهوى سرد الحكايات ليدهشني فقط
لو كان يعرف كسلي عن ممارسة الرياضة وقراءة الحشو في الروايات الطويلة، وسماع المحاضرات، لو كان كسولاً مثلي...
لو كان من ثلة الخطائين مثلي، ويملّ الفاضلين، مثلي، ويظن أنني ليدي...
لو كان لي جارٌ يساعدني في نقل أمتعتي، حين أرحل عن الشرفة المشتهاة، والنافذة المتواطئة، والأحاديث التي لم تحصل، وموقد الفحم الذي لم يشتعل بعد، لأكتشف، عندها، ذلك كله، فأتضرّع له وأقول: أنا لو...
ويجيبني: أنت لو... أنت يا ريت.