موظفون في السلطة حصلوا على إعفاء جمركي لسيارات بالإنابة وضبط سيارات كثيرة تعمل على الخطوط
تقارير طبية من الصحة غير واضحة وفي بعض الأحيان غير صحيحة
خاص الحدث
شخص من ذوي الإعاقة (59 عامًا)، تقوم زوجته وأولاده بربطه، ولا يطعمونه إلا كسرة خبز يوميًّا، لا يسمحون له بالخروج من البيت، ويفكون قيده فقط عند عرضه على لجنة الإعفاء الجمركي للحصول بالإنابة عنه على سيارة معفاة من الجمارك.
وشخص آخر عنده 3 سيارات، وله ولد يعاني من إعاقة حركية، قام بشراء السيارة الرابعة من نوع مرسيدس 2016، معفاة من الجمارك سعرها في السوق نصف مليون، وفي المقابل هناك شخص من ذوي الإعاقة راتبه 2000 شيكل غير قادر على الحصول على الإعفاء.
وفي قضية أخرى، يعاني زوجها من شلل جزئي، وإعاقة حركية في النصف السفلي من جسمه إثر إصابته أثناء عمله في أحد مناشير الحجر، لكن لجنة الإعفاء الجمركي رفضت منحه إعفاء لشراء سيارة، بحجة أنَّ ساقه ليست مبتورة، وبالرغم مما يعانيه من صعوبة في الحركة والتنقل حتى بواسطة الكرسي، إلا أنه تعرّض للاستهزاء والسخرية من قبل لجنة بيت لحم عند معاينتها له بالمشاهدة، بينما حصل آخر على الإعفاء مع أنَّ حالته ليست بأسوأ من حالة زوجها، وقال لها: "لو أخبرتِني كان تدخلت أنا في الأمر وطلع لزوجك إعفاء".
وهو ما يؤكده شخص من ذوي الإعاقة عندما قال: "الإعفاء الجمركي أصبح علاقات شخصية، وهو يناقض ما نص عليه القانون "إنّ الأشخاص ذوي الإعاقة من حقهم جميعًا بالتساوي الحصول على الإعفاء الجمركي"، فهناك شخص حصل على إعفاء جمركي لما يعانيه من إعاقة في يده، بينما حرم من الإعفاء شخص آخر يعاني من الإعاقة نفسها في يده، ما يثبت وجود ازدواجية في التعامل، ويؤكد العلاقات الشخصية في منح الإعفاء الجمركي للأشخاص ذوي الإعاقة.
شلله النصفي وإعاقته الحركية لم تشفع له للحصول على الإعفاء
تقول فادية أبو شقرة من مراح معلا/ بيت لحم: "زوجي عوني 42 عامًا معاق حركيًّا ولديه شلل نصفي جراء إصابته أثناء العمل في أحد مناشير الحجر، وأكدت لنا الجمعية العربية للعلاج، انطباق شروط الإعفاء الجمركي عليه، وحصولنا على تقارير طبية تثبت حالة زوجي الصحية، وما يعاني من إعاقة وشلل نصفي، وتقدم زوجي لمديرية الشؤون الاجتماعية بطلب الحصول على الإعفاء بعد معاناته الأمرين أثناء صعوده أو نزوله عن درج مقر المديرية".
والمفاجأة التي تلقاها أبو شقرة، من موظقة الشؤون هناك حينما قالت لهم: "هذا ليس بترًا"، فما كان من أبو شقرة الزوجة إلا أن ترد عليها: "كل الذي جرى وتعرض له من إعاقة حركية وشلل نصفي لا يكفيكم لمنحه إعفاء، تريدون أيضًا بتر رجله، فلا يعقل ولا يصدق ما تطلبونه".
وتتابع أبو شقرة: "حينها أمرني زوجي بالمغادرة فورًا، وقال بغضب وحسرة تغصّ قلبه: "لا أريد البقاء في دائرة الشؤون"، حينها فقط تراجعت الموظفة عن موقفها الأول، وقالت: "إنها سترفع التقرير الطبي، وطلب الإعفاء للجنة الإعفاءات في بيت لحم".
تناقض ما بين الأقوال والأفعال في قضية أبو شقرة
وحسمت عبير الأحمد مدير دائرة الإعفاءات الجمركية من وزارة المالية، عضو لجنة الإعفاء الأمر بتأكيدها "أنَّ المبتورة يده لا يأخذ إعفاء حسب القانون الذي نصّ "إنَّ المعاق هو المعاق في الأطراف السفلية فقط"، وفي حال كانت إعاقته باليدين، وأيضًا هناك مشكلة في رجليه يمكنه الحصول على إعفاء بالإنابة"، وهنا تقر الأحمد حق أبو شقرة في الحصول على الإعفاء طالما يعاني من شلل نصفي.
ومهمة لجنة الإعفاء الجمركي المكونة من 4 وزارات "مالية، الصحة، التنمية الاجتماعية، النقل والمواصلات، واتحاد المعاقين" تطبيق القانون من أجل حصول المعاق على حقه، وتقول الأحمد: "نحن في اللجنة نحاول أن نعطي كلَّ معاق حقه حسب القانون ونصوصه وحسب اللائحة التنفيذية".
لجان إعفاء تسخر وتهزأ من المعاق أثناء معاينته للحصول على الإعفاء الجمركي
وتأسف أبو شقرة، لصعوبة وصول مكتب اللجنة، حيث يحتاج المعاق مساعدة الآخرين لصعود درج البناية التي لا يتوفر فيها مصعد كهربائي، وتكشف "أنه بعد عناء الصعود وانتظار العرض أمام اللجنة، ورؤية أعضائها لوضع زوجي، طالبوه بالمشي، وهم يتضاحكون "باستهزاء ومسخرة" وقرروا تحويل زوجي إلى الخليل، رغم أنَّ وضعه الصحي والجسدي لا يسمح باستمرار التنقل والسفر مسافات طويلة ومرهقة، لكنهم أصروا على الذهاب إلى الخليل.
تقول أبو شقرة: "لكنهم في اللجنة لم يتصلوا، وكأنهم نسوا أو تناسوا زوجي ووضعه، وبعد طول انتظار لاتصالهم بادرت واتصلت بهم، وذكَّرتهم بأنهم حولوا زوجي إلى الخليل دون تحديد وقت للمراجعة، وعند وصولنا الخليل وما تعرضنا له من معاناة هناك وانتظار مدة 3 ساعات، حولتنا لجنة الخليل إلى اللجنة العليا في رام الله، وبمراجعتها تعرضنا لنفس الإجراءات، ولم نتلقَ منهم ردًّا نهائيًّا إن كانوا رفضوا طلبنا بالإعفاء أو وافقوا عليه".
شكاوى لها علاقة بالكرامة الشخصية وأعضاء لجان يفتقدون المهارة في تحديد أثر الإصابة على الشخص
وهو ما أكده الدكتور زياد عمرو، عضو مجلس المفوضين في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) بقوله: "سمعت شخصيًّا من أشخاص ذوي إعاقة كثيرين ممن تقدموا بشكاوى لها علاقة بالكرامة الشخصية، يتعرض الشخص منهم للفحص الطبي في اللجنة المحلية الصحية في وزارة الصحة، ثم يذهب ملفه إلى لجنة الإعفاء الجمركي، وإذا كان هناك إشكالية يتم إرجاع ملفه إلى اللجنة الطبية العليا، وأحيانًا يتعرض للفحص من جديد، والمشاهدة في اللجنة التي معظم أعضائها أشخاص ليس لديهم القدرة الطبية، ويفتقدون المهارة في تحديد أثر الإصابة على الشخص، وبعض الأشخاص يطلب منهم القيام بحركات أو التحرك أو المشي أمام مجموعة من الأشخاص الآخرين، وبعضهم إناث، وبعضهم ذكور وكبار في السن، وغيرهم شباب وصغار، بشكل يرون فيه الكثير من الإساءة لهم كأشخاص".
وبالنسبة لاحترام المعاق، تقول الأحمد: "نحاول في اللجنة قدر المستطاع أن نحترم أيّ إنسان يراجعنا، وفي النهاية المعاق إنسان مثلنا مثله، وبالنسبة للجنة العليا والمشاهدة، من المؤسف أن تكون تقارير الصحة غير واضحة، وفي بعض الأحيان تكون غير صحيحة، وعندما نكتشف ذلك في اللجنة نقوم إما بتحويله إلى اللجنة العليا للبت في أمره، أو نطلبه مشاهدة حتى يحصل هذا الإنسان على حقه في الإعفاء".
ربط حق الإعفاء الجمركي بالفحص الطبي، كارثة حقيقية
ولكن يرفض الدكتور عمرو، بشكل مطلق ربط حق الإعفاء الجمركي بالفحص الطبي، وقال: "إنها كارثة حقيقية، لأنها لم ترتبط بحاجة الإنسان في الحياة والتنقل، مشكلتنا أنَّ هذا الشخص ذا الإعاقة يذهب للفحص الطبي طلبًا للإعفاء، وليس لأنه مصنف معاق، حيث ينبغي من اليوم الأول في حياته أن يدخل عالم الإعاقة سواء ولد أو أصيب بالعمل أو السير أو نتيجة مرض أو من الاحتلال، حتى اللائحة التنفيذية فيها نصوص صعبة تدلُّ على سطحية شديدة جدًّا، لارتباطها بنموذج طبي يربط كل شيء في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة بالطبيب، وهذا أكثر كارثة تحلّ بفلسطين وبالأشخاص ذوي الإعاقة".
وهو ما يتّفق معه مهران الطويل مدير برنامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة في جمعية بيت لحم العربية للتأهيل، عندما قال: "يجب ألا يرتبط الإعفاء بتشخيص طبي من وزارة الصحة، فليست هي التي يجب أن تقرر إعطاء الإعفاء أو رفضه، وإنما الذي يجب أن يقرر هو إجراء آخر يقيس مدى الصعوبة التي يعاني منها هذا الشخص ومنعته الانخراط والاندماج في المجتمع".
ولا يختلف نزار بصلات الرئيس السابق لاتحاد الأشخاص ذوي الإعاقة عضو لجنة الإعفاء السابق، مع مواقف الآخرين المتعلقة بأهلية اللجان ومهنية التقارير الطبية، حينما قال: "اللجان الطبية نفسها في الكثير من الأحيان لا تلتزم بمهنية العمل في التقارير الطبية، وبالتالي من حصل على إعفاء، وليس لديه إعاقة فهذا اعتمد على تقرير اللجنة الطبية، ولجنة الإعفاء وقعت ولا تتحمل المسؤولية، وإنما اللجنة الطبية التي يجب أن تتحمل المسؤولية، لذلك يجب إعادة تأهيل اللجان الطبية التي تنظر في تقييم الحالة الطبية وتقرير نسبة الإعاقة للشخص ذوي الإعاقة".
والقضية الثانية التي يكشف عنها بصلات في إجراءات تحديد الإعاقة، وقال: "سبق أن أوقفت ورقة لشخص، وطالبت بإعادة عرضه على اللجنة الطبية، لأنه من معرفتي الشخصية به، فإنّ نتيجة التقرير الطبي لا تعكس حقيقة إعاقة هذا الشخص، وبالتالي التقرير الطبي يحرمه من الإعفاء الجمركي، ولكن في المعرفة الشخصية هو يستحق، وبالتالي اضطررنا إلى أن نعيده".
الاستمراض والتمثيل للحصول على الإعفاء
إنَّ التشدد في إعطاء الإعفاء يدفع أشرف مجاهد مدير دائرة تنظيم الطرق في وزارة النقل والمواصلات عضو لجنة الإعفاءات الجمركية لتبريره، مؤكدًا أنَّ هناك من يقوم بالتمثيل؛ لذا فإنّه يقرّ بقوله: "بعد خروج المعاق من مقر اللجنة، أقوم بمراقبته والسير خلفه، لأكتشف أنَّ بعضهم بعد ابتعادهم عن مقر اللجنة وعيونها يرمون عكاكيزهم، ويسيرون بشكل اعتيادي دون مساعدة أحد، وبعضهم يدّعي أنه لا يستطيع التنقل والحركة، إلا بمساعدة؛ لنكتشف بعد خروجهم بالاستغناء عن تلك الكراسي المتحركة".
ويأسف مجاهد، لحصوله حسب قوله: "بعض زملاء لنا على إعفاء، وهم لا يستحقون الإعفاء، فهم يقومون بالاستمراض يعرجون، وبعض الحالات أعرفها تمشي أحسن من الأصحاء ويحصلون على إعفاء، فعندما يدخلون على الصحة يبالغون في عرض مرضهم، فالطبيب ليس لديه الآليات ليتأكد إن كان هذا الشخص يستمرض أم أنَّه يستحق!!".
ويكشف مجاهد أنهم يعانون كثيرًا من قضية الإنابة ويقول: إنَّ عندنا مشكلة في الأشخاص ذوي الإعاقة، فعندما نرى رجلًا هزيلًا عمره 59 سنة تربطه زوجته وأولاده ولا يطعمونه إلا كسرة خبز في اليوم، لم يخرج من البيت إلا عند حاجتهم لعرضه على اللجنة والحصول على الإعفاء، فالمشكلة التي نعاني منها هي الإنابة، والشخص ذو الإعاقة نتعاطى معه بشكل أكبر مما هو مسموح لنا".
الإعفاء الجمركي أصبح علاقات شخصية
وهنا يؤكد ذوو الإعاقة محمد القاضي من القدس بقوله: "إنَّ الإعفاء الجمركي أصبح علاقات شخصية، فالقانون ينصُّ "إنَّ الاشخاص ذوي الإعاقة من حقهم جميعًا بالتساوي الحصول على الإعفاء الجمركي، لكن الواقع يكشف ويبين أنَّ هناك بعض الأشخاص لديهم إعاقة في أيديهم حصلوا على الإعفاء، بينما حرم آخرون يعانون من الإعاقة نفسها من الإعفاء، فكيف تتم الازدواجية في التعامل، ما يؤكد أنَّ الإعفاء الجمركي أصبح يعتمد على العلاقات الشخصية".
"لو أخبرتِني كان تدخلت في الأمر وطلع لزوجك إعفاء"
وهو ما أكدته أبو شقرة عندما قالت: "إنَّ هناك شخصًا من قريتنا مصاب، ولكن وضع زوجي أسوأ بكثير من وضعه، حصل على إعفاء، وعند حصوله على الإعفاء قال لي: "لو أخبرتِني كان تدخلت أنا في الأمر وطلع لزوجك إعفاء".
ويتفق عمرو مع الآخرين عندما قال: "هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من ظروف صعبة في الساق، وعدم القدرة على المشي، أو ضعف في إمكانية المشي لا يأخذون إعفاء جمركيًّا، بينما غيرهم إصاباتهم أخف منهم أخذوا الإعفاء، وهذا يعود أحيانًا كما تبين إلى أخطاء أو مشاكل طبية، وأحيانًا إلى بعض الأمور التي تحتاج إلى البحث، لأن بعض المواطنين يبالغون في عرض الإعاقة أو إظهار أنَّ شدتها تؤثر عليهم بطريقة غير فعلية، وهذا الأمر لا يمكن إثباته بشكل سهل".
رشاوى وألاعيب كثيرة في "منح أو منع" الإعفاء الجمركي
وهو أيضًا ما اتفق معهم عليه، ويؤكده صلاح الدين سمارو نائب رئيس الاتحاد للأشخاص ذوي الإعاقة، عندما كشف أنه كان يرفض التعامل مع أشخاص طيلة 15 سنة سابقة، قال: إنّ "منهم مَن كان يأخذ تنكة زيت، ومنهم من كان يحصل على 500 دينار مقابل إعطاء الإعفاء الجمركي لأشخاص لا تنطبق عليهم الشروط، ولا القانون ولا اللائحة التنفيذية، ولأنّه أصبحت هناك ألاعيب كثيرة في "منح أو منع"، طالبنا بعرض كلّ شخص ذوي إعاقة على لجنة مختصة".
موظفون في السلطة حصلوا على إعفاء جمركي عن أشقائهم
ويقرُّ مجاهد "إنَّ ما نسبته 60% من الإعفاءات يساء استخدامه، 30% منها مبيعة مع الأسف" على حدِّ تعبيره ووصفه.
ويكشف مجاهد عن "أنَّ موظفين في السلطة حصلوا على إعفاء جمركي لسيارات عن أخواتهم، أو إخوانهم المعاقين الذين لا نراهم إلا مرة في السنة، وعن ضبط حالات كثيرة لسيارات معفاة من الجمارك تعمل على الخط".
ويؤكد مجاهد، أنَّ أعضاء اللجنة يجهشون بالبكاء عندما يشاهدون بعض حالات الأشخاص ذوي الإعاقة، ويأسف أنَّ هؤلاء لا يرون سياراتهم إلا مرة في السنة، ويأسف كذلك لالتفاف البعض على اللجنة والقانون بادعائهم نقل أبنائهم أو أشقائهم المعاقين إلى المدارس "وندعمهم ليحصلوا على الإعفاء، ولكنهم يسيئون استخدام السيارات المعفاة من الجمارك، ولا حياة لمن تنادي".
يقول مجاهد: "نقف في صف المعاقين، ولكن على ذويهم ألا يعطونا مبررات التوقف عن التضامن معهم لسوء استخدامهم الإعفاء، في الوقت الذي نتعرض فيه لضغوط رسمية لضبط المركبات التي يساء استخدامها، ونضطر لتمريرها هذه المرة والمرة القادمة ولكن... إلى متى؟
وهنا انتقد الدكتور عمرو، عدم الرقابة المشددة على السيارات الممنوحة للأشخاص، وبخاصة فيما يتعلق بقضية الإنابة، ويقول: "عدد كبير من الناس الحاصلين على إعفاء جمركي بالإنابة لا يستفيد الأشخاص ذوو الإعاقة من هذا الإعفاء إطلاقًا، ولا يرسل الأطفال منهم إلى المدارس، وحتى بعضهم موظفو دولة يستخدمون السيارات المعفاة من الجمارك فإن أصحاب الإعفاء الأشخاص ذوي الإعاقة لا يرون ولا يركبون السيارة، وهناك أحيانًا يتم بيع السيارة واستخدامها لأغراض أخرى".
ويؤكد الطويل حالات الفساد والمحسوبيات في الحصول على إعفاء جمركي عندما قال: "جاري له ولد يعاني من إعاقة حركية، وعنده 3 سيارات، ونزل السيارة الرابعة من نوع مرسيدس 2016 في السوق، سعرها نصف مليون، وبالمقابل لدي زميل أو صديق راتبه 2000 شيكل غير قادر على الحصول على إعفاء جمركي، وبالتالي الموضوع غير مرتبط تمامًا بالإعاقة ولا بنوعها، الإعاقة تصبح كشرط مبدئي للبدء بالمرفقات والتشخيص المهني الواضح وقياس حجم مساعدة الإعفاء بانخراط الشخص المعفي في المجتمع".
محسوبيات وواسطات وإشكالية كبيرة
ويستنتج الدكتور عمر رحال مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أنّ هناك محسوبيات وواسطة وإشكالية كبيرة في موضوعة الإعفاء الجمركي للأشخاص ذوي الإعاقة، لذا نجده يطالب الشباب والصبايا الذين يتعرضون لمثل هكذا مواقف أن يتقدموا بشكاوى للجهات الرسمية الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني.
القانون يجيز منحه الإعفاء واللجنة ترفض طلبه
وقضية ذي الإعاقة حمزة ناصر من رام الله لا تختلف عن قضية أبو شقرة إلا في نوع الإعاقة، فهو يعاني من إصابة بصرية جزئية، يقول: "قدمت للإعفاء الجمركي في مديرية شؤون رام الله، لكنهم رفضوا طلبي، بحجة أنَّ شروط للإعفاء لا تنطبق على حالتي، لكنني أجبتهم بأن القانون يجيز لي الإعفاء، أقروا بذلك، لكنهم احتكموا للائحة التنفيذية المتعارضة مع القانون، حينها طالبتهم بكتاب خطي لقرارهم "بالرفض" لكنهم رفضوا، والسؤال: إن كان هناك تعارض بين اللائحة والقانون، فمَن الذي يحتكم له وهل اللائحة تقيد القانون أم العكس؟؟".
وهو ما يؤكده الدكتور عمرو، حينما قال: "اليوم نحن أمام قضية كثرت فيها الشكاوى، وكثر فيها الناس الذين توجهوا للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان من أجل معالجتها. الشكاوى التي تصل للهيئة بعضها قضايا له علاقة بالإجراءات، وبعضها له علاقة بالنص القانوني، وغيرها له علاقة بأمور مختلفة".
لذلك طالب الدكتور عمرو، الدولة بتعديل اللائحة، وبأن تلتزم الجهات المختصة بالحفاظ على كرامة الناس بتحديد المعايير التي يحق للأشخاص بناء عليها الحصول على إعفاء جمركي بدقة متناهية، وأن يتم توسيع دائرة المستفيدين من الإعفاء الجمركي لتتناسب مع القانون، وليس مع اللائحة التنفيذية لعام 2010 المعمول فيها. مؤكدًا أنهم بصدد تقديم طلب إلى مجلس الوزراء لتعديل اللائحة من أجل توسيع دائرة المستفيدين.
في حين تتمنى الأحمد أن يحصل كلّ معاق مهما كانت إعاقته على إعفاء جمركي، لذلك فإنها قالت: "نعكف في اللجنة على إعداد آلية لتعديل اللائحة التنفيذية، ورفعها لمجلس الوزراء، وممكن ندخل فئات من المعاقين مثل الكفيفين لأنّ الكفيف أكثر الناس له الحق في الحصول على إعفاء سيارة بالإنابة".
بينما يقول الدكتور رحال: "إنه من الأهمية بمكان مواءمة القوانين السارية فيما يخصّ الاتفاقيات الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، ومن المعيب أن يصنف المعاق بالشخص الذي لا يقدر على المشي فقط، فإذا القانون قاصر إلى هذه الدرجة، فبماذا يمكن تصنيف الأشخاص ذوي الإعاقة الآخرين، فهذا يتناقض مع الاتفاقيات الدولية ومع القوانين الفلسطينية السارية. لذا يجب إعادة النظر بالنصوص القانونية لإيجاد قانون يحترم إنسانية الإنسان.
يبقى أن نوضّح بأنّ الإعفاء الجمركي يأتي ضمن الحقوق أو الخدمات التي تقدمها الدولة للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل تسهيل انخراطهم في المجتمع على طريق الوصول بفلسطين كدولة جامعة يتمتع فيها الأشخاص كافة بالعدالة والعيش الكريم.
وهو حق كفله قانون حقوق المعوقين رقم 4 لعام 99 في أكثر من موقع، وكفلته اللائحة التنفيذية للقانون وأيضًا الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أكدت حقّ الأشخاص ذوي الإعاقة في حرية الحركة والتنقل الشخصي.
والأشخاص ذوو الإعاقة، هم من أكثر الأشخاص مواجهة للتحديات التي تحدّ من إمكانية انخراطهم ومشاركتهم الفعلية في المجتمع بأمان وحرية وكرامة واستقلالية، لذلك المشرع الفلسطيني أقر في سنة 99 أنه يجب أن توفر الوسائل التي تضمن لهم حرية الحركة والتنقل من أجل المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والإعفاء الجمركي وحرية الحركة، مرتبطة في الحق بالتعليم والحصول على العلاج الطبي وممارسة الرياضة وكل الحقوق الأخرى، وفي ظل وجود مشكلة حقيقية في نظام مواصلات عام أو خدمات مواصلات عامة فعالة والتي تعد من أسس وحدة الشعوب في الكثير من دول العالم.
والنصوص التشريعية الحالية المتعلقة بالإعفاء الجمركي، تحتاج إلى تطوير، بخاصة بعد انضمام فلسطين إلى الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عندنا القانون الفلسطيني يعرف قانون حقوق المعاق بطريقة، واللائحة التنفيذية الخاصة بالإعفاء الجمركي المعدلة في 2010 تعرف الأشخاص ذوي الإعاقة بطريقة مختلفة، وهذا تناقض، علينا حلّ مشكلته؛ لأنه يخرج الكثير من ذوي الإعاقة من دائرة الانتفاع بالحق أو من خدمة الإعفاء الجمركي.