الحدث الاقتصادي
عادت قضية حقل الغاز الطبيعي الموجود في المناطق المحاذية لقطاع غزة تطفو على السطح من جديد، بالتزامن مع قرب قدوم حكومة الحمد الله للقطاع يوم بعد غدً الاثنين، لإتمام المصالحة الفلسطينية التي جرى التوافق عليها في القاهرة قبل عدة أيام.
ويبدو أن حكومة الحمد الله تحمل في جعبتها الكثير من المفاجآت المتعلقة بهذا الملف، وتبقيه جانبًا إلى حين استلامها سدة الحكم في القطاع، لتفتح صفحته المغلقة منذ سنواتٍ طويلة.
ويُستدل على ذلك بإعلان مجلس الوزراء خلال جلسته الأخيرة التي عقدها في رام الله يوم الثلاثاء الماضي، في بيانه الختامي أنه ناقش الترتيبات لتطوير حقل الغاز الطبيعي الفلسطيني "غزة مارين"، باعتباره نقطة تحول وركيزة أساسية لإعادة هيكلة قطاع الطاقة الفلسطيني، وفرض السيادة الوطنية على تطوير واستغلال المصادر الطبيعية الفلسطينية.
وأكد المجلس الأهمية الإستراتيجية لتطوير الحقل ضمن إطار زمني يناسب طلب السوق المحلي الفلسطيني للغاز الطبيعي، بالتوازي مع الجهود الحالية الرامية لتطوير خطوط النقل اللازمة.
تجدر الإشارة إلى أن حقل "غزة مارين" يقع ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية قبالة مدينة غزة، ويحتوي على كميات كبيرة جدًا من الغاز الطبيعي.
ويؤكد خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي أهمية تطوير حقل الغاز، كونه أحد الموارد الطبيعية المهمة للفلسطينيين عامة وقطاع غزة بشكل خاص.
ولا شك أن تطوير حقل الغاز والاستفادة منه يستدعي نهضة فلسطينية من خلال تضافر كل الجهود من جميع الأطراف المعنية بالشراكة بينهما في الضفة وغزة، لتحقيق الغاية المرجوّة.
وهذا ما أراد الخبير في الشأن الاقتصادي بالضفة أنور أبو الرب، تأكيده خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، بالقول: "لا يمكن تطوير الحقل والموارد الطبيعية إلا بوجود توافقٍ فلسطيني مشترك لذلك".
وقال أبو الرب: "في ظل عدم وجود توافق لا يمكن الحديث عن تطويرٍ للحقل، نظرًا لوجود الكثير من العقبات خاصة في قطاع غزة، الذي يمر بأوضاع اقتصادية في غاية الصعوبة".
وأعرب أبو الرب عن أمله في أن يكون هناك توافق حقيقي بين حركتي حماس وفتح، حتى تستطيع الحكومة استغلال هذه الموارد، وإجراء الترتيبات اللازمة مع الدول المجاورة (مصر وإسرائيل)، مشيرًا إلى أن تطويره سيؤدي لتنشيط الحركة الاقتصادية في القطاع ويقدم الاستفادة لكثيرٍ من السكان.
وأوضح أن تنفيذ المشاريع التطويرية للحقل سيكون بالتعاون مع شركاتٍ دولية وعالمية ضمن عطاءاتٍ رسمية.
ومن جانبه أكد المختص في الشأن الاقتصادي ماهر الطباع، أن استمرار الانقسام هو السبب الرئيس في عدم طرح "قضية الغاز"، متوقعًا أنه في حال جرى التوافق بين الحركتين سيكون هناك حلول وضغط على (إسرائيل) لتطويره.
وشدد الطباع خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، على أنه في حال إتمام المصالحة، سيكون ملف الغاز من أهم الملفات التي سيتم طرحها، معتبرًا أنه "طوق النجاة لحل العديد من الأزمات التي يعاني منها القطاع".
ويُعد الغاز الطبيعي من أهم الموارد التي يحتاج لها الفلسطينيون في شقي الوطن، خاصة في ظل عدم توافرها وتحكم الاحتلال في الكميات التي يسمح بإدخالها لقطاع غزة تحديدًا، والتي من شأنها افتعال أزمة شح الغاز بين الفينة والأخرى.
ويؤكد المختص في الشأن الاقتصادي، أن ملف الغاز من أهم الملفات الإستراتيجية، التي من شأنها حل الأزمة التي يعاني منها القطاع منذ سنوات طويلة.
وأوضح الطباع خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن استثمار هذا الملف باستطاعته تحقيق نهضة اقتصادية في غزة، إضافة إلى توفير آلاف فرص العمل.
واعتبر أن حقل الغاز في القطاع "طاقة مُهدرة لا سيما بعد مرور أكثر من 20 عامًا على اكتشافه، وعدم الاستفادة منه"، لافتًا إلى أنه يعود بإضافةٍ نوعية على الاقتصاد الفلسطيني وتحسين مستوى المعيشة وتوفير الطاقة فيه.
وهو ما ذهب إليه الخبير في الشأن الاقتصادي أبو الرب، مؤكدًا أن حقل الغاز من أهم الموارد الطبيعية الموجودة في فلسطين، مشيرًا إلى أنه حق طبيعي للفلسطينيين ويلبي جزءًا كبيرًا من احتياجاتهم خاصة في قطاع غزة.
ويحتاج قطاع غزة إلى (400-450) ميغاواط من الطاقة الكهربائية، بينما لا يتوفر حاليًا سوى 220 ميغاواط، توفرها كل من محطة التوليد في القطاع العاملة بالوقود الصناعي، و(إسرائيل)، ونسبة ضئيلة من مصر.
تجدر الإشارة، إلى أن الشركة البريطانية حددت الكمّيّة الموجودة من الغاز في بحر غزة بنحو 1.4 تريليون قدم مكعب، أي ما يكفي قطاع غزة والضفة المحتلة مدة 15 عامًا، حسب معدلات الاستهلاك الحالية.
وكانت شركة "شل" الهولندية البريطانية قد اشترت مؤخرًا حصة شركة "بريتيش غاز" البريطانية في الحقل المكتشف منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، وأصبحت هي المطور الحالي للمشروع بدلًا من الشركة البريطانية.
ويمتلك الائتلاف المكون من شركة بريتيش غاز "شل حاليا"، وشركة المقاولين المتحدين "سي.سي.سي"، وصندوق الاستثمار الفلسطيني، حقوق التنقيب الحصري عن الغاز الطبيعي قبالة شواطئ قطاع غزة، وكذلك هو المسؤول عن العمليات التسويقية للمشروع.
وتأسس صندوق الاستثمار الفلسطيني في عام 2003 كشركة مساهمة عامة تتمتع باستقلال مالي وإداري وقانوني، وذلك في إطار برنامج الإصلاح المالي للسلطة الفلسطينية.
وتبلغ حصة صندوق الاستثمار الفلسطيني من مشروع حقل "غزة مارين" نحو 17.5%، ولا يبعد الحقل أكثر من 40 كيلومتر في عمق البحر عن قطاع غزة الذي يعيش منذ قرابة عقد من الزمان أزمة نقص في الطاقة الكهربائية.
المصدر: فلسطين أونلاين