كامل أبو ماضي: عدم تلقي الموظفين رواتبهم منذ مايو الماضي، انعكس سلباً على أداء الوزارة، وأموال عائدات الضرائب تكفي لحل أزمتهم!!
يحيى موسى: الأمم المتحدة أعطت الضوء الأخضر للسلطة الفلسطينية باستقبال رواتب الموظفين!!
صلاح الدين أبو شرخ: حقوق الموظفين العسكريين محفوظة ولا يُمكن تجاوزها!!
غزة- محاسن أُصرف
اتسعت حدقتا الموظف العسكري بحكومة غزة السابقة "محمد نصار" غضباً جراء استثنائه وكافة الموظفين العسكريين من أموال الدفعة المالية التي أودعتها قطر في صندوق تابع للأمم المتحدة تمهيداً وضماناً لوصولها إلى القطاع دونما اعتراض من دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويتساءل نصار، لماذا يتم تجاهل حقوقنا ونحن من نقوم بحماية الوطن ومصالح حكومة الوفاق؟ مطالباً بضرورة مساواتهم بالموظفين المدنيين وعدم حرمانهم من حقوقهم.
ويُعاني نصّار وقرابة 17 ألف موظف عسكري أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة جداً نتيجة حرمانهم من رواتبهم منذ مايو الماضي، ويقول "نصّار": "وضعنا صعب للغاية، وتثاقلت الديون على كاهل الغالبية العظمى منا، وانتظارنا للراتب من أجل الوفاء بديوننا وتوفير الاحتياجات الأساسية لأبنائنا الذين تحملوا الكثير من عدم وجود مصروف أو طعام أو حتى دواء يخفف أمراضهم أو كسوة شتوية تحمي أجسادهم من البرد"، ويؤكد أن مطالبتهم برواتبهم أبسط حقوقهم التي يجب على حكومة الوفاق أن توفرها لهم.
وترفض حكومة الوفاق الوطني صرف رواتب الموظفين العسكريين الذين وظفتهم حكومة غزة السابقة إلا بعد انتهاء اللجنة الأمنية من عملها، مما يجعل حالة الترقب والانتظار لدى الموظفين تطول وتعكس آثارها السلبية على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.
عمل بلا راتب
ويشكو أحد الموظفين في الأمن الداخلي من عدم تلقيه راتبه منذ مايو الماضي رغم استمراره على رأس عمله، وقال الموظف ويُدعى أحمد عبد الرحمن: "مازلنا على رأس عملنا نؤمن على حياة الناس ونُسير ونُنظم المرور ونُكافح المخدرات والسرقات ونحافظ على الوطن جميعه، ولكننا لا نُعامل كموظفين قانونيين، ولم نتلقَّ حتى دفعة 1200 دولار أسوة بموظفي الوزارات الأخرى"، وتابع بمزيد من الألم: "على الجميع أن يعلم أننا موظفون شرعيون وعليهم دفع مستحقاتنا الشهرية التي ينص عليها القانون الحكومي".
وتساءل موظف آخر، رفض الكشف عن هويته، كيف لحكومة الوفاق أن تُطالبنا بتأمين مهرجان إحياء ذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي سيُقام في غزة قريباً، وفي ذات الوقت تتجاهل حقوقنا على هذا العمل؟! لافتاً أن ما يُقارب 3000 عنصر أمن كانوا سيتواجدون في المهرجان لتأمينه.
ويتمنى الموظفون العسكريون أن يتم مساواتهم بمن تلقوا الدفعة المالية البالغة 1200 دولار من الحكومة نهاية أكتوبر الماضي، ويقول الموظف "علي عليان"، نقيب في جهاز الشرطة الفلسطينية: "نأمل أن تُصرف حكومة الوفاق رواتبنا أسوةً بالموظفين المدنيين الذين تلقوا دفعة 1200 دولار نهاية الشهر الماضي"، وتابع: "القوانين الدولية جميعها تُصنف موظفي الشرطة على أنهم مدنيون باعتبارهم يقومون على خدمة وحماية المجتمع المحلي".
ويطالب "عليان" حكومة الوفاق بالإسراع في تشكيل اللجنة الأمنية التي أعلنت عنها للبت في قضيتهم وإنهاء معاناتهم الإنسانية والاجتماعية بتسلم رواتبهم.
تسوية
وعلى الرغم من عدم دمج ملف الموظفين العسكريين تحت مسئولية حكومة الوفاق الوطني حتى تاريخ 2/7/2014 الماضي، إلا أن وزير العمل "مأمون أبو شهلا" أكد في تصريحاته أن حكومة الوفاق لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاههم، وستتعاون مع جميع الجهات لحل مشكلاتهم، وأشار "أبو شهلا" إلى أن الدفعات المالية التي تسلمها الموظفون مؤخراً، وقيمتها 1200 دولار لكل موظف، "طارئة" ولم يتم حتى اللحظة التوافق بشأن صرف دفعات أخرى خلال الأشهر القادمة، مؤكداً أن هناك نوايا لم تتحول إلى قرارات فعلية بعد.
وفي المجال ذاته كشف "أبو شهلا" أن الحكومة أعدت خطة لتسوية أوضاع الموظفين في الحكومة السابقة بغزة جميعهم، وبدأت بالموظفين المدنيين أولاً في حين ستُشكل لجنة أمنية لتقييم أوضاع الموظفين العسكريين وحل قضاياهم العالقة، وقال: "لن يظلم أي موظف من حكومة غزة السابقة".
أموال الضرائب تكفي
وفي إطار البحث عن حلول لأزمة رواتب الموظفين العسكريين في قطاع غزة، تحدث "كامل أبو ماضي" وكيل وزارة الداخلية بغزة، عن إمكانية توفيرها مما تجنيه السلطة من الواردات إلى قطاع غزة، وقال "أبو ماضي" في تصريحاته لـ"الحدث": "أموال تلك الواردات تُغطي رواتب الموظفين والموازنات التشغيلية، ونحن لا نستفيد منها إلا بحدود ضيقة جداً"، وتابع: "إن اعترض أحد فبيننا وبينه الأرقام والإحصائيات التي لدى إدارة المعابر".
ولم يتلقَّ الموظفون في قطاع غزة رواتبهم رواتبهم منذ مايو الماضي باستثناء دفعة 1200 دولار، حُرم منها الموظفون العسكريون، وتساءل: "لمصلحة مَن يتم ذلك؟! إذا كان لمصلحة الوحدة الفلسطينية، فأعتقد أنه يضر بها، وإذا كان لمصلحة أخرى فهذا شأن من يقوم بذلك".
وألقى عدم تلقي الموظفون رواتبهم بظلاله على طبيعة العمل في الوزارات الحكومية في قطاع غزة، وكانت الآثار أكثر وضوحاً في تعطل مصالح المواطنين نتيجة الإضرابات التي تُنظم لافتقار الوزارات للموازنات التشغيلية التي من شأنها توفير أدوات العمل.
الحقوق محفوظة
ومن جهته قال اللواء "صلاح الدين أبو شرخ" مدير عام قوى الأمن الداخلي في غزة أن حقوق الموظفين العسكريين محفوظة ولا يُمكن تجاوزها، وأضاف "أبو شرخ" خلال اجتماع لقيادة وزارة الداخلية مع قادة الأجهزة والإدارات الأسبوع الماضي: "إن القيادة العليا للوزارة تُتابع عن كثب قضية الرواتب وتبحث عن حلول جذرية مع كافة المستويات والجهات المعنية".
ورغم عدم تلقي العسكريين رواتبهم منذ مايو 2014 إلا أنهم لم يتوانوا عن تأدية واجبهم تجاه الوطن والمواطن الفلسطيني في غزة، بالتزامن مع المطالبة بحقوقهم المالية ورواتبهم الشهرية ليتمكنوا من تأدية واجبهم الاجتماعي والإنساني أمام أسرهم ومحيطهم الاجتماعي القريب.
فيما أكد اللواء "أبو شرخ" أن صمود أفراد الأجهزة الأمنية بالرغم من الظروف الصعبة التي تعاني منها الوزارة من عدم صرف الموازنات والرواتب وشح الوقود، هو: "تعبير عن الانتماء والعقيدة الوطنية لهؤلاء الرجال الذين صمدوا في كل المحطات وقدموا دماءهم لأجل شعبهم".
مساعدة وليس راتباً
وحول استثناء الموظفين العسكريين من دفعة الـ1200 دولار التي تلقاها قرابة 24 ألف موظف في الوزارات المدنية، كشف "أبو ماضي" أن الدفعة المالية ليست راتباً، وإنما "مساعدة إنسانية" بما يُشير إلى عدم الاعتراف أيضاً بالموظفين المدنيين في غزة، وقال إن النص الإنجليزي الذي اطلع عليه بخصوص الدفعة المالية كان "مساعدة إنسانية"، وحول إذا ما كانت الدفعة ستكون الأولى والأخيرة للموظفين المدنيين، قال: "حتى الآن ليس لديَّ معلومات حول ذلك"، متمنياً أن تزول تلك الشكوك بتلقي موظفي غزة رواتبهم بالتزامن مع موظفي السلطة خلال الأيام القليلة القادمة.
وكان رئس الوزراء رامي الحمد الله، أعلن أنه تم تأمين دفعة مالية لموظفي قطاع غزة المدنيين من دولة قطر، والحصول على ضمان دولي، لافتاً إلى أن الدفعات ستكون لموظفي قطاع غزة المدنيين ممن عينوا بعد عام 2007 والبالغ عددهم 24 ألف موظف.
ليسوا عسكريين قانونياً
وينتقد "د. يحيى موسى"، النائب في المجلس التشريعي بغزة استثناء حوالي 17 ألف موظف فلسطيني في غزة من دفعة الـ1200 دولار التي تبرعت بها قطر وأوصلتها إلى القطاع الأمم المتحدة، بذريعة أنهم موظفون عسكريون "إرهابيون"، وقال في لقاء خاص مع "الحدث": "أولئك ليسوا عسكريين، والموظف العسكري هو الذي ينتمي إلى الجيش الوطني، ولا يمكن أن يُسمى عسكرياً إلا من كان في إطار جيش التحرير أو الأمن الوطني"، لافتاً إلى أن أعدادهم قليلة جداً في غزة.
ويُتابع: "موظفو الشرطة مدنيون وفقاً للتصنيف القانوني العالمي، هم شرطة مدنية تقوم على حماية وخدمة القطاع المحلي"، وقال فيما يتعلق برواتبهم ومستحقاتهم الشهرية: "هي حق لقاء خدماتهم، ولا يُمكن لأحد إنكارها عليهم"، وأشار إلى أن استثناءهم من دفعة الـ1200 دولار التي تلقاها حوالي 24 ألف موظف في مختلف وزارات غزة، قرار سياسي بامتياز، وقال: "في ظل حالة الاستكبار الدولي والتحكم الإسرائيلي، أصبحت كل أوراق اللعبة المحلية بيد الرئيس محمود عباس وكان بإمكانه تجاوز هذه الأزمات وصرف رواتب أولئك الموظفين، لكن يريد تعذيب غزة وشعبها"، بحسب قوله.
ويتهم د. موسى الرئيس "أبو مازن" بتدمير العلاقات الوطنية ومستقبل الشعب الفلسطيني بتجاهله غزة ومحاولة تعذيب شعبها بمنع مستحقاتهم، لافتاً إلى أن إدخال الأمم المتحدة للدفعات المالية قبل أسبوعين ينفي أي ذريعة للسلطة الفلسطينية ورئيسها "أبو مازن" بعدم دفع المستحقات الشهرية للموظفين في حكومة الوفاق الوطني جميعهم، والبالغ عددهم 45 ألف موظف في غزة بعدما استطاعت الأمم المتحدة إدخالها مؤخراً، وقال: "الأمم المتحدة ضمنت دخول الأموال لغزة لكي تقول للسلطة إذا فعلتم لن يعاقبكم أحد، وها هي الأمم المتحدة تفعل فافعلوا كما فعلت"، وأردف قائلاً: " لذلك ليس هناك مبرر بألا تقوم السلطة بدفع الرواتب بعد دفعها هذه المرة".
مستقبل ضبابي
فيما يرى "د. هاني البسوس" المحلل السياسي، أنه في ظل التصريحات السابقة لـ "أبو شهلا" فإن مستقبل 17 ألف موظف عسكري في قطاع غزة يبدو ضبابياً نتيجة عدم وجود حلول جدية وتبني رسمي لهم، وقال "البسوس": "ما يزيد الأمر صعوبة، تعامل الدول المانحة والأمم المتحدة بمبدأ السلامة المهنية"، لافتاً إلى أن ذرائع الاحتلال الإسرائيلي بأن الموظفين العسكريين في غزة يتبعون لـ"كتائب القسام" ينسف أي حل يمكن أن يؤدي إلى صرف رواتبهم قريباً، داعياً حكومة التوافق إلى الوقوف عند مسئولياتها تجاه الموظفين العسكريين وتحمل الأعباء والمهام التي كانت على كاهل الحكومة السابقة في غزة، بما فيها ملف الموظفين التابعين لها.
وعلى صفحة "فيس بوك" الخاصة به تساءل د. مصطفى الصواف، الكاتب والمحلل السياسي إلى متى سيبقى 17 ألف عسكري وأمني وشرطي في قطاع غزة بلا راتب يُحقق لهم تلبية احتياجات أطفالهم؟ وقال في نصه: "إلى متى؟ سؤال يطرحه 17 ألف عسكري وأمني وشرطي في قطاع غزة يتضورون جوعاً وبدأ صبرهم ينفد؟ هل فهمتم؟ هل وصلت الرسالة؟ هل سيكون هناك حل لسد رمق أطفالهم وحفظ كرامتهم كما يحفظون أمننا وكرامتنا؟