إسرائيل: الدولة الوحيدة في العالم التي تبيع أسلحة مجربة على لحمنا الفلسطيني ويضاعف تجارتها الحربية وخدماتها الأمنية
رام الله ـ الحدث/ خاص:
- يفتعلون الحروب مع غزة ولبنان لإفشال محاولات وزارة ماليتهم لتقلص ميزانية جيشهم
- طبقة في المجتمع الإسرائيلي تجعل كل ضابط برتبة رائد فما فوق مليونيراً
- تجارة الحرب الإسرائيلية تشكل أكبر رافد للاقتصاد الإسرائيلي،وهي جزء من السياسة الاستراتيجية للرأسمالية في إسرائيل
- ارتفاع الميزانية العسكرية الاستراتيجية الإسرائيلية بقيمة 17 مليار شيقل خلال ثلاث سنوات
- مصائب السياسة الاقتصادية الإسرائيلية تنعكس على الفئات والشرائح الضعيفة في كل فلسطين
كشف الخبير الاقتصادي في فلسطين 48 نظير مجلي، عن احتلال تجارة الحرب والأمن الإسرائيلية مواقع خفية في الميزانية العسكرية الإسرائيلية التي باتت تشكل أكبر رافد للاقتصاد الإسرائيلي إذ تسهم في ميزانية الدولة بمبلغ يتراوح بين 9 إلى 12 مليار دولار في السنة، من ضمنها تجارة السلاح.
وأكد مجلي في لقاء خاص بـ "الحدث" على هامش لقاء بحثي في معهد "ماس" أن إسرائيل تصدر أسلحة إلى 70 دولة في العالم، وفيها 304 شركات لبيع الأسلحة، منها 4 شركات ضخمة كبيرة مثل الصناعات الجوية والتي يعمل فيها 14 ألف عامل، فيما يشتغل في الصناعات العسكرية 3400 عامل، إضافة إلى 300 شركة صغيرة.
الحرب في إسرائيل هي جزء من عملية الاقتصاد
وأفاد أن هذه الشركات توزع أسلحة بما قيمته 7.5 مليار دولار كدخل لإسرائيل حسب حسابات 2013، وباقي إجمالي المبلغ من 1.5 – 4.5 مليار دولار سنوياً هو عبارة عن بيع خدمات أمنية، والتي هي عبارة عن قيام ضباط وشركات تقاد بواسطة ضباط جيش الاحتلال وتضم في صفوفها خريجي جيش الاحتلال خصوصاً من المحاربين المقاتلين الذين يبيعون خدمات أمنية، "حراسات شخصية وبنوك ومؤسسات تجارية" وغيرها، وتدريب جيوش في العالم.
ويذهب مجلي إلى أبعد من ذلك بقوله، في الوقت الذي تدخل فيه هذه الخدمات إلى إسرائيل ما بين 1.5 – 4.5 مليار دولار في السنة، فإننا عندما نتحدث عن سايكولوجية الميزانية للذين يعملون في قطاع الخدمات، فكل سوبر ماركت وبنك ومدرسة ومجلس محلي في إسرائيل لها حراستها، إضافة إلى 3 - 4 حراس لحراسة رؤساء المجالس المحلية وأعضاء الكنيست والوزراء وكبار الموظفين والقضاة، فهذا جهاز هائل، إضافة إلى أن عسكرة المجتمع الإسرائيلي يجعلهم يتطلعون ويفكرون فقط في سيكولوجيتهم التي تستهدف قهر الفلسطيني والعربي بوصفه عدوهم والانتصار عليه وإذلاله على الحواجز العسكرية الاحتلالية أو أي مكان، ويعتبرون ذلك أهم من الرواتب والمعاشات، ما يجعلهم أيضاً لا يتظاهرون ولا يحتجون على الإجراءات والسياسات الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية في الشوارع.
ويؤكد مجلي أن الحرب في إسرائيل هي جزء من عملية الاقتصاد، وجزء أيضاً من عملية التفكير التوسعي، وهي بالتالي جزء من السياسة الاستراتيجية للرأسمالية في إسرائيل.
وعند الحديث عن ميزانية الحرب على غزة، فالرقم فيها غير واضح، وحسب ما يعلن عنه الآن هو أن الجيش طلب تعويضاً بقيمة 9 مليارات شيقل، بينما ترى وزارة المالية أن 4.5 مليار شيقل كافية، ولكنهم توافقوا واتفقوا على تعويض عن الحرب على غزة بقيمة 6 مليارات شيقل.
دفعنا ثمن ألاعيب وزارة "الدفاع" مليارات الشواقل
ولكن رئيس دائرة الميزانيات في وزارة المالية الإسرائيلية، أعلن مؤخراً أن هذه الأرقام غير صحيحة، وقال: "إن دخلت في حسابات ألاعيب وزارة "الدفاع"، سنصل إلى أننا حقيقة دفعنا الثمن مليارات الشواقل تعويضات".
ويرى مجلي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه الحرب كان من أكبر الرابحين من الميزانية، بالرغم من أن وزارة المالية الإسرائيلية أقدمت على تسريب أرقام للصحف تتهم فيها جيشها بالمبذر، "وليس كل ما يطلبه من أموال يصرف حقيقة على الأمن، وإن هناك طبقة يبنيها جيش الاحتلال في المجتمع الإسرائيلي من المتمولين تجعل كل ضابط إسرائيلي برتبة رائد فما فوق مليونيراً".
وحينما يترك عمله في الجيش في سن يتراوح بين 35 إلى 45 عاماً، يحصل كل ضابط برتبة رائد على مليون و100 ألف شيقل تعويضات، وتظهر التقديرات إلى أن هناك، حسب وزارة المالية الإسرائيلية، 1100 ضابط في الجيش الإسرائيلي برتبة رائد لا حاجة لهم، وهذا يعني مكتب وسكريتيرتان وسائق وسيارة.
ويؤكد مجلي، أنه كلما حاولت وزارة المالية الإسرائيلية تقليص ميزانية جيشها فإن كبار قادته يفتعلون الحرب كما حصل في الحرب الثانية على لبنان في سنة 2006 في زمن حكومة أيهود أولمرت، منوهاً أنه في ذلك الوقت كان النقاش والجدل حول ميزانية الجيش داخلي سري ولا يخرج للشارع.
قادة جيش الاحتلال يخرسون وزارة ماليتهم بافتعالهم الحرب على غزة
وقال مجلي: "عندما تعمدت وزارة المالية إخراج هذا الجدل إلى الشارع، أقدم قادة جيشها على إخراسها بافتعالهم الحرب على غزة والحصول على الميزانية التي يطلبونها، مع أن هذه الحرب غير ضرورية، وأصبح واضح اليوم أن أهدافها بعيدة جداً عنما يعلن عنها في الشارع الإسرائيلي بأنها رد على صواريخ حماس التي كانت ذريعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي للقيام بالحرب. علماً أن هناك جوانب فيها لا تدخل في الميزانية كتجارة الحرب، وتجارة الأمن".
ويوضح مجلي، أن الميزانية الإسرائيلية أقرت في الحكومة لكنها لم تعرض على الكنيست، مبيناً أن الصراعات الداخلية في الحكومة الإسرائيلية بين أحزاب الائتلاف تجعل الميزانية التي أقرتها غير نهائية، ولكن قد يكون الأمر النهائي فيها هو رقم قيمتها المالية فقط، وهو 328 مليار شيقل.
وعلى الرغم من كل الجدل الذي رافق عملية إعداد الميزانية وحصة الجيش منها، يؤكد مجلي أنهم توافقوا على أن تخصص الميزانية للسنة الحالية مبلغ 65 مليار شيقل، في حين يظهر المخطط الإسرائيلي المستقبلي للميزانية العسكرية الاستراتيجية التدرج في ارتفاعها بقيمة 17 مليار شيقل خلال ثلاث سنوات، حيث من المقرر أن ترتفع إلى 75 مليار شيقل في سنة 2016، وإلى 81 مليار سنة 2017 وإلى 86 مليار شيقل سنة 2018 لتصل في 2019 إلى 92 مليار شيقل.
وقال مجلي: "هذا يعني أن المجتمع الإسرائيلي يستمر في تطوير العنصر الأمني الذي يعتبره المكون الأساسي، ليس فقط في ميزانية الدولة، بل في بناء اقتصادها لأنه يشكل أكبر فرع اقتصادي في المجتمع الإسرائيلي". مؤكداً أن الحرب الإسرائيلية على غزة تعتبر العنصر الثاني الذي لم يبرز في المجتمع الإسرائيلي، ولكنه مكون أساسي يتمثل في تجربة الأسلحة.
جربت 11 نوعاً من الأسلحة الجديدة على لحمنا الفلسطيني
وذكر مجلي أن إسرائيل في حربها على غزة جربت 11 نوع من الأسلحة الجديدة التي استخدمتها، منها قنبلة ذكية إسرائيلية تخترق الأرض والتي دمروا بواسطتها عمارات، والصواريخ ذات المدى القريب التي يضربون بها الجدران لاختراقها، والطريقة التي هدموا فيها الأنفاق، وعدد آخر من الأسلحة التي تعتبر جديدة.
وقال: "كما هو معرف، فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تبيع أسلحة مجربة على لحمنا الفلسطيني. وهذا يضاعف ويعزز وينمي تجارة الحرب والخدمات الأمنية، ويساعد على نجاح صفقات أسلحتهم".
وبهذه الطريقة، أكد مجلي أن صفقة الأسلحة والذخيرة والخبرات الأمنية مع الهند التي ستوقع في سنة 2016 بقيمة 112 مليار دولار، تخضع لهذا المقياس المجرب، وبالتأكيد هذا يؤدي إلى تعزيز مكانة الجيش الذي يعتبر مصدر التحول إلى مؤسسة إنتاج عسكري، وبالنتيجة فإن كل من لا يخدم في الجيش، والمقصود هنا "العرب واليهود المتدينين" هو خارج نتائج الأرباح التي تحققها المؤسسة العسكرية، وهنا يرى مجلي أنها سياسة اقتصادية مبنية بناء لم يسبق له مثيل على الجانب العسكري.
وقال مجلي: "عندما نجد أن 65 مليار شيقل ميزانية الأمن لهذه السنة، فهي أعلى ميزانية في تاريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن المتوقع أن تكون أعلى في السنوات التي تليها، ولكن لا نرى ذلك فقط في السياسة الحربية التي تحتاج إلى تجربة هذه الأسلحة، ونحن المرشحون دائماً للتجربة، وحالياً لبنان وحزب الله، ولكنهم ينتظرون الظرف المناسب، لذلك هذه العملية مستمرة".
ويؤكد مجلي أن فشل "القبة الحديدة" الذي ظهر بشكل جلي في الحرب على غزة، أوجد مشكلة في تسويقها، ولكن التجارب عليها مستمرة، وهذا يعني أن فشلها يعني تفجير حرب من أجل أن تنجح". وقال: "لذلك نحن أمام اقتصاد مبني على الحربجية والعسكرة، ليس فقط كهدف استراتيجي سياسي، وإنما أيضا كهدف اقتصادي اجتماعي يحول المجتمع الإسرائيلي من مجتمع مبني على الصهيونية واليهودية كقيمة عليا، إلى مصلحة أعمال فيها العنصر العسكري والحرب مكون أساسي".
تقليص قدرات الطبقة الوسطى لصالح العليا وزيادة الضعيفة
ويؤكد مجلي بقوله: "كل مصائب السياسة الاقتصادية الإسرائيلية تنعكس على الفئات والشرائح الضعيفة في كل فلسطين الكاملة "إسرائيل والمناطق الفلسطينية" كل الشرائح الضعيفة تتضرر منها، وإن تدرجنا في مستويات التأثر، فإن الرأسمالي الفلسطيني يتضرر من الرأسمالية الإسرائيلية، بالرغم من محاولاته الاستفادة، ولكن دائماً أرباحه أقل ودائماً أخطاره أكبر، والمجتمع الفلسطيني يتحرك بناء على عدم الوضوح والاستقرار، ففي الاقتصاد فإن الاستقرار هو مفتاح وسر النجاح، وانعدامه يبقي الاقتصاد الفلسطيني كله في مهب الريح".
في حين يعاني المجتمع الإسرائيلي اليوم، بكل مستوياته وخصوصاً في الاقتصاد، من تراجع إسرائيل عن نفسية وطريقة حياة الدول المتطورة في العالم، إلى مستويات أقرب إلى العالم الثالث بمفهوم تقليص قدرات وقوة الطبقة الوسطى لصالح الطبقات العليا وزيادة الطبقات الضعيفة.
وهذا من الممكن أن يترك أثراً على الوضع الفلسطيني، فرغبة القرار الإسرائيلي بزيادة عدد عمال الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل خاص في إسرائيل، ليس حباً في الفلسطينيين، وإنما هو محاولة لرفع مستوى العامل الإسرائيلي المهني والتقني إلى أعلى في سبيل تنشيط الاقتصاد.
ويرى مجلي أن الطبقات الوسطى في إسرائيل ما زالت هي المتضررة من هذا الموضوع، إضافة إلى الضرر الهائل الذي يحدث منذ 66 سنة للطبقات الفقيرة التي يشكل فيها العرب قوة هائلة، وقال: "نحن العرب ووفقاً للمعطيات الإسرائيلية، فإننا نشكل من عدد السكان في إسرائيل 17.5% نسبتنا من الفقراء 40% نسبتنا من البطالة 35%".
بدء مظاهر الجوع بالظهور في المجتمع العربي داخل إسرائيل
وعليه فان مجلي يعلن عن بدء مظاهر الجوع بالظهور في المجتمع العربي داخل إسرائيل، لكن هذا لا يعني أن العرب في إسرائيل ماتوا من الجوع، فحتى مستوى الفقر عندنا محدود، فمستوى الفقر هو من يعيش بـ 4 آلاف شيكل في الشهر.
ويؤكد أن الحكومة في إسرائيل ما زالت بعيدة عن التفكير بطرق علاج جدية لهذه المشكلة، وما زالت تعتمد على التأمين الوطني ومؤسساته التي هي من جهة، تجعل المستوى منخفضاً للحياة، وتجعله بحدود حد الفقر، ولكنها من جهة ثانية تخلق نوعية من الناس غير مبادرين تعودوا على الكسل وبعيدين عن المشاركة في الحياة الاجتماعية.
ويرى مجلي أن الحل لهذا الواقع، يكمن في رفع مستوى الاقتصاد العربي في إسرائيل، وهي مشكلة أيضاً يواجهها المجتمع اليهودي المتدين، ولذلك فإنه قال: "نحن العرب نحتل مع "الحاريديم اليهود" حوالي 70% من نسبة الفقراء داخل إسرائيل".
ويؤكد مجلي: "أن أثر تكاليف الحرب وارتفاع ضريبة القيمة المضافة على العرب في إسرائيل، مستمر في التمييز وفي عدم أخذهم بالاعتبار في الأمور الجوهرية في تطوير الاقتصاد، حيث لا توجد في القيادة العربية في إسرائيل قوة أو طاقم يضع رؤية استراتيجية لتطوير الاقتصاد في الوسط العربي داخل إسرائيل، علماً أن إمكانيات هذا التطوير هائلة حقيقة، ووجدنا في مراحل معينة أن لنا حقوقاً كثيرة بين متناول اليد ولا تستغل".