الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترجمة الحدث | من سيحقق الاستقلال أولا، الكتالونيون أم الفلسطينيون؟

2017-10-08 06:26:01 AM
ترجمة الحدث | من سيحقق الاستقلال أولا، الكتالونيون أم الفلسطينيون؟
علم اسبانيا

 

ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة

 

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحليلا اخباريا يقارن بين مطالبة الكاتالونيين بالاستقلال عن اسبانيا ومطالبة الفلسطينيين بدولتهم متساءلة من سيحقق الاستقلال أولا.

 

وفيما يلي نص التحليل

 

انضمت برشلونة، الوجهة السياحية المفضلة للإسرائيليين مؤخراً إلى الشرق الأوسط من حيث التظاهرات التي اندلعت وواجهتها الشرطة، واستفتاء انتهى بنسبة 90% أيد انفصال كتالونيا عن الدولة الإسبانية، لكن المسؤولين أنكروا هذه الحقيقة على التلفاز وقالوا إنه (لم يكن هناك استفتاء). ولكن الآن بعد أن استقرت الموجة قليلاً، يبدو أن الكتالونيين الذين تخلفوا منذ سنوات عن تحركات مماثلة في جميع أنحاء العالم، قد تجاوزوا نظراءهم في الشرق الأوسط الذين استقطبوا معظم الاهتمام في السنوات الأخيرة.

 

في العلاقات الدولية، تقول الحكمة التقليدية إن حركات الاستقلال تزدهر في التناقضات بين مختلف بنود القانون الدولي، التي من ناحية تتمسك بالحدود القطرية المتفق عليها، ولكنها تؤيد حق الناس في تقرير مصيرهم من جهة أخرى.

 

وفي ظل هذا الفراغ، تكون حركات الاستقلال ذات الدعم الدولي الكبير أكثر نجاحاً -خاصة إذا نجحت في تأطير كفاحها كدولة تسعى إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان وليس من أجل الاستقلال. كما أن ضعف الحكومة المركزية التي تحاول قمعها يزيد من فرص تحقيق حلمها في دولة جديدة.

 

قد تكون برشلونة بالفعل وجهة سياحية مفضلة، ولكن سوء حظ الانفاصليين الكتالونيين يكمن في افتقارهم للدعم الدولي. منذ انهيار ديكتاتورية فرانسيسكو فرانكو أصبحت إسبانيا ديمقراطية، تمتعت الحكومة في مدريد بالشرعية الدولية وبنظام مستقر، حتى خلال الأزمة المالية الحادة التي شهدتها العقد الماضي. بل إن الحركة الانفصالية الموازية والأكثر عنفاً في إسبانيا في إقليم الباسك رفعت علمها الأبيض في السنوات الأخيرة، حيث أعلنت سرا في نيسان/ إبريل إنها تخلت عن أسلحتها. وعلاوة على ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي في المنطقة أنه لا توجد أغلبية حاسمة تؤيد فكرة الاستقلال عن الدولة.

 

ولكن الدراما السياسية في السنوات الأخيرة جعلت المستحيل ممكناً، وحولت المعقول إلى غير معقول. فإذا كان دونالد ترمب هو رئيس الولايات المتحدة، فيمكن لبريطانيا أن تقرر مغادرة الاتحاد الأوروبي، ويمكن لمارين لوبين الحصول على أكثر من ثلث الأصوات في فرنسا، ويمكن للحزب العنصري دخول البرلمان الألماني، ثم استقلال كتالونيا وتراجع إسبانيا. وعلى الرغم من أن الكتالونيين ليسو أول من يطالب بهذا الأمر، إلا أنه ما زال يبدو بعيداً بعض الشيء.

 

وإلى جانب تزايد عدم اليقين في السياسة الأوروبية والدولية، فقد أعطت الحكومة الإسبانية الانفاصليين الكتالونيين هدية كان يمكنهم أن يحلمونا بها فقط. حيث كان قرار رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي عدم التفاوض مع السلطات الكتالونية حول الاستفتاء ومحاولاته اللاحقة لقمع التصويت بالقوة قد أعطت الانفاصليين دفعة مزدوجة من الطاقة.

 

أولاً، الوضع الحالي الذي تشهده مدريد جعل سكان كتالونيا المعارضين للاستقلال في مأزق، حيث أنهم إذا امتنعوا عن التصويت لن تُسمع أصواتهم، وفي حال صوتوا فسوف يكونوا اخترقوا القانون الإسباني الذي ما زالوا يحترمونه.

 

ومن جهة أخرى، أظهرت عنف الشرطة ضد المواطنين "الذين كانوا يحاولون ممارسة حقهم الديمقراطي في التصويت"، الأمر الذي أدى إلى تعاطف دولي مع الانفصاليين. ونسيان الدولة حقيقة أنه ووفقاً للقانون الإسباني فإنهم يحتاجون إلى دعم ثلثي جميع الناخبين في إسبانيا للانفصال عن الدولة.

 

صوت تسعون في المئة لدعم الحركة الانفصالية الكتالونية، في حين أن الصور الوحشية للشرطة وهي تقمع الناخبين أسكتت أولئك الذين عارضوا الاستقلال وخاصة في أوروبا، حيث تجنب معظم القادة الحديث عن الأمر، ونقلوا رسالة موحدة حول الحاجة إلى "الحوار". وقد هدد زعماء الكتالات الآن أنهم يخططون لإعلان الاستقلال بحلول نهاية الأسبوع الجاري.

 

إن نجاح الكتالونيين يبرز بشكل خاص عند مقارنته بنتائج استفتاء آخر -الذي عقد مؤخراً في كردستان العراق-، وهناك أيضا تم اجراء الاستفتاء على الرغم من معارضة الحكومة المركزية. وهناك أيضا فاز الانفصاليون بأغلبية أكثر من 90 بالمئة. ولكن خلال لما حدث في كتالونيا، لم ينجح الاستفتاء في العراق في فصل الكردستانيين، بل أصبح بعض الحكم الذاتي الذي يتمتعون به في خطر، حيث تهدد بغداد بالسيطرة على حدود كردستان، وقد أغلق المجال الجوي للمنطقة وأغلقت تركيا حنفية بيع النفط المستقلة الموجودة لدى الأكراد.

 

في صورة مرآة لنجاح الكتالان، فقدت الحركة الوطنية الفلسطينية طريقها. وهذا يدل على مدى عدم تطبيق اتفاقيات العلاقات الدولية وعدم قدرتها على تحقيق الاستقلال. فالفلسطينيون يسعون إلى إقامة دولة دون تغيير أي حدود يعترف بها المجتمع الدولي، ويحظون في ظاهر الأمر بدعم جميع القوى العالمية الكبرى، إلا أنهم لا يصبحون كل يوم أبعد وأبعد عن تحقيق حلمهم. وحتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أصبح عجوزاً وهو ينادي بحل الدولتين، وقف على منصة الأمم المتحدة الشهر الماضي وتحدث عن حل الدولة الواحدة. وفي حين أن الكتالونيين لديهم طريق طويلة لنقطة ما قبل تحقيق الاستقلال، إلا أنه وعلى ما يبدو أنهم قد تجاوزوا الفلسطينيين.