خلال مراقبة الإعلام الرسمي سواء إعلام السلطة الوطنية أو إعلام حماس، لوحظ اهتمام بالغ في قضية المصالحة ومحاولة وسائل الإعلام هذه التأكيد على موقف الأطراف الساعي والداعي للمصالحة، لكن في الوقت ذاته لوحظ ضعف في متابعة الإعلام المحلي إجمالاً لتفاصيل المصالحة، وكأنَّ هناك تخوفًا مما يشعر به كثيرون من خيبة أمل جديدة من إمكانية تطبيق المصالحة على الارض.
أهم وأفضل وأكثر ما لمع خلال زيارة رئيس الوزراء رامي الحمد الله الى غزة، تلك الصور لمئات الغزيين وهم يقفون على أطراف الطرقات يلوحون لرئيس الوزراء، وقد حظيت هذه الصور بانتشار هائل في وسائل الاعلام المختلفة، وحتى العالمية منها، لكن هل الشعب الفلسطيني فقط ينتظر مثل هذه الصورة التي اختفت بمجرد مغادرة رئيس الوزراء لقطاع غزة؟؟.
الجميع تحدث عن دور الإعلام في تمتين وتجسيد المصالحة على الأرض، وهذا صحيح في الحالة الفلسطينية التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ اكثر من عشر سنوات، بخاصة أنَّ الشارع الفلسطيني لغاية اليوم، أي بعد ايام من زيارة رئيس الوزراء الى غزة، ينتظر تفاصيل التفاصيل في كيفية تطبيق المصالحة على الارض.
قنابل متعددة تنتظر الحكومة الفلسطينية في غزة، بدءًا من قنبلة الكهرباء، مرورًا بالموظفين (المدنيين والعسكريين)، مقاتلي حركة حماس، وصولاً الى قضايا التحويلات الخارجية والمرور عبر المعابر التي لم تتضح بعد الصورة النهائية لمن سيسيطر عليها.
كل هذه الأمور، وبتفاصيلها، من مسؤولية وسائل الاعلام المحلية تبيانها للرأي العام، وهو ما يتطلب انخراط وسائل الاعلام المحلية في تفاصيل المفاوضات، وبالتالي مرافقة وفود المصالحة من حركتي فتح وحماس الى
القاهرة، والمطالبة بالمتابعة اليومية والحثيثة لكل التفاصيل، كي يبقى الشارع على قناعة بأن المصالحة حقيقية هذه المرة، وليست سرابًا جديدًا.
أخطر ما في قضية المصالحة هذه المرة هو "فشلها" لأن الشارع لم يعد يحتمل تكرار الفشل لهذا الملف منذ العام 2005، وفي حال "لا قدر الله" فشلت القصة هذه المرة بأن كوارث من الممكن ان تنجم على الساحة الفلسطينية عمومًا.
من مسؤولية وسائل الاعلام المحلية اليوم، عرض تفاصيل التفاصيل، كي يكون المواطن قادرًا على تبيان المسؤول الرئيسي عن الفشل أو عن النجاح، بخاصة أنَّ القضية المثارة هي من أكثر القضايا المتعلقة بحياة المواطن أو "الرأي العام" بشكل عام.
ومن أهم من يلقى وسائل الاعلام المحلية ايضًا، تجنب الاكتفاء بما يعرضه الاعلام الرسمي من الطرفين، رغم ان ما يتم عرضه لغاية اليوم، معلومات وأجواء إيجابية، لكن في حال اشتداد المفاوضات بين وفدي فتح وحماس فشيء طبيعي أن يبدأ كلٌّ يغنّي على ليلاه، وسيكون المواطن حينها بحاجة ماسة الى وسيلة اعلام
مستقلة تغنّي على ليلاه.