"في شهر الانتصارات على عدونا اللدود حققنا حلمنا المنشود، 100 مليون مبروك لمنتخب مصر الصعود لكأس العالم 2018 في روسيا"... بهذه التغريدة علق نجم الكرة المصري السابق محمد أبو تريكة، على صعود منتخب بلاده إلى نهائيات المونديال على حساب فريق الكونغو بعد مباراة عصيبة، شهدت الكثير من الإثارة التي اختتمها "الفرعون الصغير" نجم ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، بهدف قاتل سجله من ضربة جزاء مستحقة في الدقيقة الـ 95 من عمر المباراة.
مخاض هذا الفوز الدرامي دفع اللاعب الدولي السابق "جون بينيت"، كبير محللي الرياضة في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى وصف اللاعب المصري محمد صلاح بأنَّ لديه أعصابًا من فولاذ. قائلاً في تدوينة له: "تخيل إنك تتصدى لضربة جزاء في الدقيقة 95 والتي على أساسها ستصل بلد بعد 28 سنة انتظار لكأس العالم"، مضيفًا: "صلاح لديه أعصاب من فولاذ".
كل ما سبق وغيره يدلل على مدى صعوبة اللقاء الذي كان في مواجهة منتخب "الكونغو" صاحب المركز الأخير بنقطة يتيمة، لا تساعده، وإنْ فاز على منتخب مصر أن يحقق أي شيء يذكر، إلا أنّ المبارة كانت قوية وصعبة، وهو أمر طبيعي في مثل هذه التصفيات التي تؤهل الفائزين إلى أهم محفل رياضي عالمي.
ولكنّ الأمر غير الطبيعي - إنْ صحت بعض الأنباء التي تتحدث عن دفع "الاتحاد القطري لكرة القدم" مليون دولار لكل لاعب في فريق الكونغو لو تعادلوا أو فازوا على مصر- هو هذا التدخل الذي لا يتوانى عن تسييس كل ما يمكن تسييسه في الحياة بما في ذلك كرة القدم.
حينما بدأت هذا المقال، بتعليق النجم المصري أبو تركية، كانت الاشارة إلى مدى ارتباط اللاعب المصري بخاصة والإنسان المصري بعامة، بوطنه وإنْ اختلف معه سياسيًا، إلا ما ندر من شواذ القاعدة أو استثنائها الذي لا يمكن وصفه إلا بالشاذ.
ولنعرج في سياق متصل على تدخل حدث قبل شهر من اليوم، ولكن هذه المرة من خلال قناة "الجزيرة"، التي تناولت المنتخب السوري لكرة القدم ومسيرته في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، حيث تبنت وصدّرت تسمية المنتخب الوطني السوري باسم "منتخب البراميل"، في محاولة لنزع الوطنية عنه، وذلك من خلال عملاء، تم دعم مواقفهم بضيف لم يردد خلال لقاء مباشر بين الجملة والأخرى إلا هذا المصطلح البغيض، بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع النظام السوري.
لو عدنا قليلاً للوراء، سنلاحظ أنَّ سياسة هذه القناة القطرية، تهدف طيلة الوقت إلى تشويه النظم المعادية لها بأيِّ وسيلة ممكنة، ومنها ما بات يتدحرج من مصطلحات رافقت ما اسمته هي بالـ" الربيع العربي" فنجدها وراء مصطلح " البلاطجة في اليمن، والشبيحة في سوريا، والبلطجية في مصر"، وجميعها مصطلحات تشير إلى نوع من النشاط الإجرامي الممارس من قبل فئة خارجة عن القانون لا الفئة التي تنفذ القانون، وهو تشويه متعمد لا يهدف إلا تزييف الوعي في سياق ضرب النسيج المجتمعي في هذه الدول وغيرها، ولا يمكن أن ينسى المتابع الجيد كيف انتشر مصطلح "حكم العسكر" على النظام المصري، ليس فقط في إشارة للنظام الحالي، وإنما أيضًا لمن حكم مصر منذ ثورة يوليو وصعود نجم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
خلاصة القول: إنْ صحّت الأنباء التي تتحدث عن رشوة لاعبي "منتخب الكونغو"، فعلى القيادة المصرية
والعربية التعامل مع أسلوب المافيات الرخيص هذا بأسلوب أكثر حزمًا ووضوحًا من فكرة المقاطعة التي أخذت وقتها وأكثر، لا لشيء إلا لكون الحروب القذرة تشمل فيما تشمل المصطلح والرشوة ودعم الإرهاب، حتى وإنْ تمكنت ركلة الجزاء المصرية من تمزيق شباك الرشوة القطرية.