يتردد مصطلح صفقة القرن كثيرًا خلال الاشهر الماضية تزامنا مع وصول رجل الاعمال الامريكي الملياردير دونالد ترامب الى البيت الابيض. ويوحي مصطلح صفقة القرن بأن ثمة طرفين أو أكثر يتحاورون حول بضاعة ما او شأن ما اقتصادي او سياسي للوصول الى تفاهم حول موضوع الصفقة وثمنها اليوم قبل ابرامها والاعلان عن تفاصيل،ها ويفترض في كل صفقة ان يحقق كلّ طرف من اطرافها مكسبًا او ربحًا من وراء هذه الصفقة. ولان الرئيس الامريكي دونالد ترامب هو صاحب المبادرة وراعيها ووكيل الطرف الرئيسي في الصفقة "اسرائيل"، فإن اسرائيل ستكون المستفيد الاول لهذه الصفقة على المستوى الاقتصادي والسياسي والامني ورغم أن صفقة ترامب لا تزال موضع تكهنات وتحليلات تدور حول مشمولاتها؛ فإن كل حدث فلسطيني او عربي او اقليمي جرى ويجري في المنطقة يتم ربطه قسرًا او طوعًا بصفقة القرن، الى درجة ان قرار رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية عن السودان هذا الاسبوع بأيّ لها علاقة بالصفقة ولكي تكون حكومة السودان طرفًا في الصفقة فهي مطالبة بقوف ما يسمى "دعابة الارهاب"والتهدئة في كردفان والنيل الازرق وقطع العلاقات مع كوريا الشمالية.
ولم تسلم المصالحة الفلسطينية التي انتظرها الشعب الفلسطيني بفارغ الصبر كرافعة للصمود في وجه الاحتلال الاسرائيلي ومخططاته لتهميش القضية الفلسطينية من تهمة تهيئة الاجواء امام اتمام صفقة القرن، وانها جاءت بطلب امريكي واخراج مصري.
المؤشرات الواضحة على مشمولات صفقة القرن ترتكز على قبول رسمي علني عربي واسلامي لوجود دولة اسرائيل على كامل الارض فلسطين التاريخية وتطبيع علاقات الدول العربية والاسلامية مع اسرائيل من اعتراف متبادل السفراء وفتح الاسواق والاستثمار وحركة المواطنين والتعاون الامني والعسكري.
لقد هيأت الولايات المتحدة المنطقة للاختراق الاسرائيلي المعلن والسري للدول العربية الذي بات من متطلبات اتمام الصفقة من خلال ما يجري في العراق وسوريا واليمن والبحرين وايران ومصر وليبيا وتونس والسودان والصومال وفلسطين ولبنان وقطر. وخلقت أعداء وهمين لدول المنطقة لصرف الانظار عن العدو الرئيس للعرب الذي يحتل الارض الفلسطينية واراضي سورية ولبنانية، وينتقص من السيادة المصرية على سيناء. ولم تكتفِ بذلك، بل اوحت تلك الدول إلى أن سلامة وامن الدول العربية وانظمتها الحاكمة لا يتحقق بغير التحالف مع اسرائيل والتطبيع معها بعيدًا عن المواقف الجامدة والعبارات التي باتت من الماضي في نظر الولايات المتحدة.
ولأنّ الشعوب العربية لا تزال صامدة الى حد ما امام الاختراقات الاسرائيلية ورافضة للتطبيع ما يمثل احراجًا للانظمة، فان الصفقة بحاجة الى "ترضية" في المسألة الفلسطينية لا تزال هذه "الترضية" لم تتبلور ولكن الظاهر منها هو رفض اسرائيل لحل الدولتين على اساس خطوط الرابع من حزيران 1967 هو امر يرفضه الشعب الفلسطيني وقيادته التي تتعرض لضغوط اسرائيلية وعربية ودولية للقبول بمخرجات الصفقة التي لن تكون غير صفعة لنضال الشعب الفلسطيني وطموحاته واماله في دوبة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية ودحر الاحتلال الاسرائيلي عن الاراضي العربية في فلسطين وسوريا ولبنان والتحرر من الكابوس والعدوان الاسرائيلي الذي يهدد الامن والسلام في المنطقة.