بلا شك ان الفلسطينيين، وتحديدا أهالي قطاع غزة هم أكثر المستفيدين من توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، ليس لأن الاتفاق يعني وحدة التمثيل الفلسطيني فقط، ولكن لأن الاتفاق يعطي أملا لأهلنا في قطاع غزة بأن تحسنا تدريجيا قد يطرأ على حياتهم في غزة البائسة التي قدرت التقارير الأممية أنها لا تصلح للعيش.
ومعنى أن غزة مكان لا يصلح للعيش يعني أن 95% من المياه غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وأن امدادات الكهرباء تقلصت حتى تكاد لا تفي بالاحتياجات البشرية اليومية هناك، وأن معدلات البطالة بين الشباب قد وصلت إلى 60% وأنهم بشرٌ محاصرون ممنوعون من الحركة والتنقل.
الوضع الحياتي الذي المتسارع نحو الأسوأ فالأسوأ، كان التخلص من أعباء إدارته وتحمل مسؤوليته هو المكسب الأول لحركة حماس من اتفاق المصالحة، هي اليوم لم تعد مسؤولة عن ادارة حياة مليوني فلسطيني هناك، ستعود الحكومة الحالية مسؤولة عن اما نجاحها في اخراج غزة من ازمتها الإنسانية أو أنها ستكون مسؤولة عن مفاقمة هذه الأزمة.
المكسب الثاني لحماس، هو أنها خرجت منتصرة إعلاميا امام منتقديها ومؤيدها، ذلك أن استطاعت أن تظهر للجميع بأنها كانت مستعدة لتقديم كل التنازلات التي من شأنها أن تُتمم المصالحة وأن يجري الاتفاق، لذلك أبدت درجات عالية من المرونة ما أجبر المصريين على الاقتناع بأنها لن تكون الجهة المعرقلة للاتفاق وبالتالي كانت مصر تنتظر موقفا مشابها من فتح، وهو ما حصل، فجرى الاتفاق، وحصلت حماس على التأييد الشعبي المبارك لتوجهاتها التصالحية مع فتح، وهو ما اخفقت فتح في ادارته إعلاميا خلال فترة المباحثات بين وفديهما.
المكسب الثالث لحماس، يتمثل في أنها حافظت على سلاحها، ما يعني أنها ستكون قوة فعلية ليس فوق الأرض وحدها كما تروج وسائل الإعلام وإنما فوق الأرض أيضا، فالأسلحة التي تمتلكها حماس لن تكون مطروحة للنقاش إلا بعد التوصل لاتفاق سياسي مع دولة الاحتلال، هكذا كان الوعد المصري لحماس على الأقل.
المكسب الرابع، أن حماس معنية باستعادة وجودها العلني في الضفة، وحرية حركتها فيها، وهو ما ستستفيد منه في اطار أية حراك سياسي مستقبلي سواء في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس أو في لحظة الاتفاق على اجراء الانتخابات العامة.
المكسب الخامس، أنها سحبت من اسرائيل والسلطة ومن مصر شرعية استمرار حصار قطاع غزة، وبالتالي أفرجت عن مليوني فلسطيني، وأفرجت أساسا عن نفسها، ما يعني أن حرية حركتها أصبحت أكبر.
المكسب السادس، تستطيع حماس الآن اعادة جدولة فاتورتها المالية بعد التخلص من عبء الانفاق العام، وتحديدا على شريحة واسعة من موظفيها الذين سينضون الآن ضمن قائمة موظفي السلطة، ما يعني مزيدا من الحرية المالية لحماس للعمل من أجل استعادة قاعدتها الجماهيرية وتوسيعها في الضفة وغزة معا.
المكسب السابع، حتى الآن لم تقدم حماس أي تنازل سياسي يتعلق "بالاعتراف باسرائيل" أو بالمساومة على جنود الاحتلال، وهو امر يستحق المتابعة بحسب توالي الامور، وخاصة إذا ما قررت حماس المشاركة عن بعد في أية حكومة مستقبلية.