الحدث- محاسن أُصرف
مثّل الثاني عشر من تشرين أول/ أكتوبر نقطة تحول مركزية في حياة الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، فالشقيقان الحاكمان المتخاصمان فيهما (فتح وحماس) أخيرًا طويا صفحة الانقسام بلا رجعة مدعمين ذلك بالتوقيع على اتفاق رسمي في القاهرة وبحضور مدير المخابرات العامة المصرية "خلد فوزي".
وبدت مشاعر الابتهاج جليّة على كل من تضرر من آثار الانقسام حتى أنهم خرجوا في قطاع غزة في احتفالات شعبية عفوية استقر مقرها في ساحة الجندي المجهول، ولعل كان أبرز المبتهجين هم الموظفين الذين عانوا ويلات عقوبات الانقسام وكذلك الإجراءات التعسفية منذ نيسان/ أبريل الماضي بخفض رواتبهم وإحالة الآلاف منهم إلى التقاعد المبكر، هؤلاء قالوا في أحاديث منفصلة مع "الحدث" : أن فرحتهم بالمصالحة لا توصف" وعبروا عن أملهم بأن تمنحهم حقوقهم التي حرموا منها على مدار 10 أعوام ماضية ونيّف من الانقسام.
وبحسب اتفاق المصالحة التي اطلعت عليه "الحدث" فإن لجنة القانونية والإدارية التي شكلتها الحكومة الفلسطينية مؤخرًا ستعمل على إيجاد الحلول لموظفي قطاع غزة الذين تم تعيينهم في المؤسسات الحكومية هناك خلال فترة الانقسام، قبل الأول من فبراير العام القادم 2018، وخلال ذلك فإن الحكومة بعد تمكينها من صلاحياتها الإدارية والمالية في القطاع ستعمل على استمرار استلام الموظفين رواتبهم التي تُدفع لهم حاليًا اعتبارًا من شهر تشرين ثاني/ نوفمبر القادم 2017.
تفاؤل
وأدخل هذا البند الذي يُعد الثاني في اتفاق المصالحة الذي وقعه رئيسا وفد الحركتين "أحمد عزام" عن فتح و"صالح العاروري" عن حماس الطمأنينة في قلوب قرابة 38 ألف موظف سدوا الشواغر بعد استنكاف موظفي السلطة وفقًا لقرار الرئيس محمود عباس بُعيد الانقسام في عام 2007، ويقول "هيثم عبد الرحمن" 29 عامًا الموظف في شرطة المرور بخان يونس: " إن إنجاز المصالحة أخيرًا سينعكس على ملف الموظفين خاصة وأنّه لم يخلو من التأكيد عليها في بنوده" آملًا أن تتم عملية الدمج بأسرع وقت وبصورة تحفظ للموظف حقوقه المالية والوظيفية.
فيما تُشير "ليلي زيدان" 39 عامًا الموظفة في قطاع التعليم إلى أنها تأمل أن يتم تطبيق بنود المصالحة فيما يخص الموظفين عاجلًا على الأرض، لكنها لا تُخفي خشيتها من انهيار الملف بين لحظة وأخرى، تقول: هناك العديد من القضايا الشائكة في ملفنا تحتاج إلى وضوح أكثر" وفي تفصيل هذه العقبات أشارت إلى استبدال بعض الموظفين مستحقاتهم المالية بـ الأراضي الحكومية وبالجمعيات الإسكانية، وقالت: حصلت على شقة سكنية في مدينة حمد يتم تسديد أقساطها من المستحقات المالية التي تراكمت على حكومة حماس السابقة وتساءلت ماذا سيحل بها؟.
ويبدو أن تساؤلات "زيدان" لم تكن الوحيدة فالموظف "محمد أبو ناصر" أخبرنا أنه ورغم أن اتفاق المصالحة ضمن بندًا بتسوية أوضاعهم إلا أن الغموض بشأن قضية الموظفين ما زال قائمًا، وأضاف: في الوقت الحالي لن يتغير علينا شيء ما سنتلقاه من رواتب هو ما كانت تستقطعه الحكومة السابقة أي نسب لن تصل إلى راتب كامل، واستكمل: حتى الآن لا نعرف ما سيحل بمستحقاتنا المالية الكبيرة على الحكومة السابقة؟ ولا نعرف مصير الأموال التي كانت تقتطعها الحكومة لهيئة التقاعد، وهل سيُحل ملف موظفي 2005 قريبًا وكيف؟.
يأمل الرجل أن يجد في الأشهر القليلة القادمة أجوبة على أسئلته تلك، تكون قادرة على إنصافه والموظف الغزي عمومًا الذي عانى على مدار سنوات الانقسام من التقشف والإنهاك المالي والمعيشي.
رواتب بالحد الأدنى
وبحسب "روحي مشتهى" عضو وفد حماس المحاور في القاهرة، فإن ملف الموظفين حظي باهتمام كبير في النقاشات أثمر اعتبار كل الموظفين الذين هم على رأس عملهم موظفو دولة، وقال في تصريحات إعلامية سابقة أنهم سيتقاضون رواتبهم بالحد الأدنى وفق الآلية المعمولة سابقًا ولكن بشكل منتظم بدءًا من تشرين ثاني/ نوفمبر القادم لحين هيكلتهم بشكل كامل خلال الأشهر الأربعة القادمة على كامل مساحة الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، نافيًا أن يتم النظر في ملف الموظفين العسكريين بسبب أن اتفاق المصالحة الموقع عليه يختص بتنفيذ اتفاقية 2011 التي نظرت في ملف الموظفين المدنيين، دون العسكريين –كما قال، لكنّه شدد على وجود لجنة فنية من "فتح وحماس" ستعمل على مناقشة قضاياهم وتكفل رواتبهم فقط خلال مدة عملها.
حل ملف تفريغات 2005
فيما شدد "رامي أبو كرش" الناطق باسم ملف "موظفي تفريغات 2005" أنّه سيتم حله بشكل يضمن حقوقهم وقال في تصريح لـ "الحدث" أن جهاز الإدارة والتنظيم التابع للسلطة الفلسطينية سيعمل عاجلًا على حصر هؤلاء الموظفين والتأكد من أوضاعهم الوظيفية وتابع أن مَن ينطبق عليه التقاعد المبكر سيتم تسوية أوضاعهم بإحالتهم إلى التقاعد مع حفظ حقوقهم المالية باعتبارهم موظفون رسميون.
وكشف أبو كرش: أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أوعز للإدارة والتنظيم بإعادة انتظام صرف رواتب هذه الفئة من الموظفين لما قبل الانقسام 14 يونيو 2007.
وفي سياقٍ متصل كشف "زكريا الأغا" عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن الأيام القليلة القادمة ستشهد إنهاء الإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس عبّاس بحق موظفي السلطة في قطاع غزة، وقال في تصريح خاص لـ "الحدث" : إن الإجراءات التي اتخذها الرئيس محمود عباس ضد قطاع غزة كانت من أجل الضغط لتسريع عملية إنهاء الانقسام، وأنها سوف تنتهي خلال أيام".