ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس تحليلا حول الفائدة التي ستعود على دولة الاحتلال الإسرائيلي وعلى مصر من المصالحة.
وفيما يلي نص التحليل:
وقعت حماس وفتح اتفاق مصالحة جديد، وهو ليس الاتفاق الأول، وقد لا يكون الأخير. ولكن في هذه المرة يبدو أنهما تنويان التغيير. قبل أكثر من 10 سنوات، ألقت حركة حماس بنظيرتها فتح من غزة في اقتتال داخلي طاحن. والآن.. فإن السلطة الفلسطينية بزعامة حركة فتح تأتي إلى غزة لتفرض السيطرة المدنية على القطاع. والاتفاق هو نتيجة تقارب مصالح فتح وحماس، إضافة إلى حاكم مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وقد ادعى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لسنوات أنه يمثل الشعب الفلسطيني وأنه له سلطة التفاوض باسمه. ولكن منذ الانقسام الذي وقع بين حركتي فتح وحماس وبدأ في العام 2006، كان من الصعب التأكد من أنه يمثل الكل الفلسطيني. وعلى الرغم من أن جميع بلدان العالم تُظهر أحقيته بتمثيل الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، إلا أنه عرف أنه ليس في وضع يسمح له بتمثيل الجميع، وبالتالي فإنه لا يستطيع التفاوض باسم الشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من إنكار الرئيس لذلك إلا أنه كان يعلم بالأمر وكان في حاجة لإضفاء الشرعية، ويقصد بالاتفاق الجاري المضي خطوة في هذا الاتجاه.
في السنوات الأخيرة تآكلت سلطة حماس في غزة. ونتيجة للعمليات العسكرية الاسرائيلية والسنوات التي تلت ذلك، تدهورت الأحوال هناك بشكل كبير. معارضة حماس من قبل السكان المحليين في غزة آخذة في الازدياد لأنهم يدركون أن قيادة حماس غير قادرة على توفير حياة جيدة لهم، كما أصبحت حماس معزولة بشكل متزايد، ويبدو أن مصادر المساعدات المالية الخارجية قد جفَّت، كما تم حجب الدعم المالي الذي كانت تقدمه السلطة عمداً. وترى قيادة حماس أنه ليس أمامها خيار سوى التوصل إلى حل وسط مع حركة فتح، كما يبدو أنها أصبحت مستعدة لتسليم إدارة غزة للسلطة الفلسطينية التي تديرها حركة فتح.
وبدون المصريين، ربما لم يكن ليحدث الاتفاق. حيث أن المصريين أيضا لديهم مصالح، وبقدر آخر لديهم نفوذ على طرفي النزاع. وتشارك الحكومة المصرية في المعركة اليومية مع الإرهابيين الذين يتركزون أساساً في سيناء. وبذلك يبدو أن الحفاظ على حماس من مساعدة هؤلاء الإرهابيين أو توفير ملجأ لهم في قطاع غزة هو هدف أساسي للسياسة المصرية. حيث أن الحصول على مساعدة من حماس في مكافحة الإرهاب الذي تعاني منه مصر سيكون إضافة نوعية بالنسبة للأخيرة.
هل يمكن لاتفاق حماس وفتح أن يحقق ذلك؟ الوقت سوف يجيب على هذا السؤال. كما يهتم السيسي بتعزيز دور مصر كقوة رائدة في العالم العربي، فإن الاتفاق سيعزز موقف مصر. ومن أجل النهوض بمصالحها فإنها تحاول تعزيز نفوذها، خاصة وأنها هي التي تسيطر على الخروج والدخول من وإلى قطاع غزة عبر مصر التي يمكن أن تكون شريان الحياة لسكان غزة ولحماس نفسها. وكما يمكنها أن تؤثر على موقف بعض الدول العربية تجاه حماس، فإنها في الوقت نفسه يمكنها أن تجعل الأمور صعبة على حماس.
وهنا يأتي التقارب بين المصالح الإسرائيلية والمصرية: إسرائيل تساعد مصر في حربها ضد الإرهاب في سيناء. وإذا كان الاتفاق يقوي مصر في معركتها ضد الإرهاب، فإنه أيضاً في مصلحة إسرائيل.
لكن الاهتمام الإسرائيلي الأساسي يكمن في تفكيك القدرة العسكرية لحماس في غزة، حيث أنها تملك مخزون من آلاف الصواريخ التي تملكها هي وحركة الجهاد الإسلامي، الأمر الذي يشكل خطراً على إسرائيل والمناطق الجنوبية تحديداً. وكلما زاد نطاق هذه الصواريخ، تزداد القدرة على استهداف مناطق جديدة في إسرائيل، وكان أحد أهداف العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة في القطاع هو القضاء على هذه القدرة.
قد يكون اتفاق فتح وحماس خطوة جيدة تتزامن بشكل كبير جداً مع مصالح مصر، إضافة إلى أن تجدد القتال بين حماس وإسرائيل لن يكون في مصلحة مصر.
وإذا كان الاتفاق الذي يجري الآن قد وقع فعلاً، فإنَّ الحفاظ على أمن إسرائيل سيكون على الطاولة، ولكن هل نفوذ مصر على حماس سيكون كافيا لتحقيق ذلك؟