الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مفارقة المثقف الفلسطيني: كامل الباشا وBDS

2017-10-23 03:38:47 PM
مفارقة المثقف الفلسطيني: كامل الباشا وBDS
رولا سرحان

 

كان مفاجئا موقف كامل الباشا الذي أعلن في بيان صادر عنه اثر منع عرض فيلم زياد دويري (القضية رقم 23) في قصر رام الله الثقافي، أنه سيقاطع BDS وأنه يدعو إلى تشكيل كيان مناهض لها، واستحضرتُ فوراً ما قام به المخرج البريطاني كين لوتش الذي قام بالتبرع بإيرادت فيلمه "I, Denial Blake" لصالح حركة المقاطعة BDS، إثر علمه بقيام شركة التوزيع التي يتعامل معها بتوقيع عقد مع جهات اسرائيلية دون استشارته خاصة وأنه من أكبر المناهضين لسياسة إسرائيل، وهو الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينيمائي فقام في اليوم الثاني بنشاط ضد سياسات الاحتلال لأنه كان يعلم أن كل وسائل الإعلام ستكون مسلطة عليه، فأراد أن يخدم القضية الفلسطينية.

 

ذلك هو مكمن المفارقة، ليس بالضرورة أن تكون فلسطينيا كي تستطيع أن تكون صاحب موقف فيصل عندما يستلزم الأمر ذلك، فــ "كين لوتش" بالنسبة لي، وفي هذا الموقف تحديدا، فلسطيني أكثر من الكثير منا، لأنه عبر بموقف واضح وصريح عن مبادئه تمام مثلما عبر الفلسطيني عن نفسه.

 

فدعوة الباشا لمقاطعة BDS، لن تخدم أحدا سوى الاحتلال، وخاصة أنها الجهة التي أوجعته طوال السنوات الماضية فحشدت كل طاقاتها في كل مكان لمواجهة تأثيراتها التي باتت تؤتي نتائج باهرة رغم كل القيود والتضييق التي يفرضها عليها الاحتلال.

 

أما الادعاء بأن حركة BDS تخبطت، وكانت مزاجية في التعامل مع قضية عرض الفيلم، فأعتقد أن الأمر صحي للغاية، لأنه يأتي في سياق من التطور، والنمو، والحراك، والحركة، فنحن مجتمع حي، نراقب ونرى ونقيم، حتى وإن أراد البعض منا دعشنتنا أوطلبنتنا، كي يظهر بمظهر "المثقف العضوي المستبد به" أو حتى ليظهر كامل الباشا بمظهر الفنان التنويري الليبرالي، المقموع من جهات فئوية تُحاربه وتحارب نجاحه الذي لم نسمع به لولا زياد الدويري.

 

على أية حال يبقى من الضرورة بمكان الإشارة إلى أمور هامة أبرزها:

 

  • موقف وزارة الثقافة الضعيف والمتأخر لدرجة الغياب عن كل حالة الجدل، حيث كان من المفترض أن تكون الجهة المسؤولة عن الأمر وخاصة وأنها راعية مهرجان FILM LAB،  فهذه سقطتها الثانية في شبهات تطبيعية، لأنها تحتفي بالفلسطينيين الحاصلين على جوائز دون التدقيق والتمحيص في الأمر، ففي مرة سابقة احتفت وكرمت صاحب رواية "مصائر: كونشيرتو الهولوكوست والنكبة"، ربعي المدهون، والذي فاز بجائزة  البوكر فدعته ليكون ضيف شرف في معرض فلسطين الدولي للكتاب عام 2016، وهو الكاتب الذي احتفى بالجلاد الإسرائيلي وسخف الضحية الفلسطيني، والذي كنا كتبنا مقالا مفصلا بشأنه، وفي حينه.

 

  • لكل الذين كانوا ضد منع الفيلم بحجة "حرية الرأي والتعبير" نشير إلى أن المنع لا يعني الحجب، فبإمكان عشاق الدويري مشاهدة الفيلم عبر الانترنت، فلم يحرموا من التمتع بمزايا المخرج الذي بنى سيرته الذاتية مجسدا دونية العربي، لذلك وجب التنويه إلى أن هنالك شعرة رفيعة ودقيقة بين حرية رأي والتعبير وبين حماية الثقافة الوطنية تحت الاحتلال، وهنا نعود لأهمية عملية صناعة القرار في المواقف التي تقتضيها، وتحمل المسؤوليات وتبعات القرار المتخذ والتي لم تكن وزارة الثقافة على قدرها  فكان على قدرها وأكثر رئيس بلدية رام الله، رغم الاستدراك المتأخر نوعا ما.

 

  •  أما فيما يتعلق بموقف كامل الباشا، فكان بإمكانه أن يكسب قلوبنا جميعا، لو لم تأخذه العزة بالإثم، ولو قال إنه يلتزم بموقف حركة المقاطعة الذي طالب بوقف عرض الفيلم إلى أن يتم التوصل إلى صيغة جمعوية مشتركة بشأن كيفية التعامل مع "القضية 23"، لكنه، وعلى ما يبدو، آثر الاحتفاء بنفسه، وبجائزته، فهنيئا له جائزة الدويري.