كان مفاجئا موقف كامل الباشا الذي أعلن في بيان صادر عنه اثر منع عرض فيلم زياد دويري (القضية رقم 23) في قصر رام الله الثقافي، أنه سيقاطع BDS وأنه يدعو إلى تشكيل كيان مناهض لها، واستحضرتُ فوراً ما قام به المخرج البريطاني كين لوتش الذي قام بالتبرع بإيرادت فيلمه "I, Denial Blake" لصالح حركة المقاطعة BDS، إثر علمه بقيام شركة التوزيع التي يتعامل معها بتوقيع عقد مع جهات اسرائيلية دون استشارته خاصة وأنه من أكبر المناهضين لسياسة إسرائيل، وهو الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينيمائي فقام في اليوم الثاني بنشاط ضد سياسات الاحتلال لأنه كان يعلم أن كل وسائل الإعلام ستكون مسلطة عليه، فأراد أن يخدم القضية الفلسطينية.
ذلك هو مكمن المفارقة، ليس بالضرورة أن تكون فلسطينيا كي تستطيع أن تكون صاحب موقف فيصل عندما يستلزم الأمر ذلك، فــ "كين لوتش" بالنسبة لي، وفي هذا الموقف تحديدا، فلسطيني أكثر من الكثير منا، لأنه عبر بموقف واضح وصريح عن مبادئه تمام مثلما عبر الفلسطيني عن نفسه.
فدعوة الباشا لمقاطعة BDS، لن تخدم أحدا سوى الاحتلال، وخاصة أنها الجهة التي أوجعته طوال السنوات الماضية فحشدت كل طاقاتها في كل مكان لمواجهة تأثيراتها التي باتت تؤتي نتائج باهرة رغم كل القيود والتضييق التي يفرضها عليها الاحتلال.
أما الادعاء بأن حركة BDS تخبطت، وكانت مزاجية في التعامل مع قضية عرض الفيلم، فأعتقد أن الأمر صحي للغاية، لأنه يأتي في سياق من التطور، والنمو، والحراك، والحركة، فنحن مجتمع حي، نراقب ونرى ونقيم، حتى وإن أراد البعض منا دعشنتنا أوطلبنتنا، كي يظهر بمظهر "المثقف العضوي المستبد به" أو حتى ليظهر كامل الباشا بمظهر الفنان التنويري الليبرالي، المقموع من جهات فئوية تُحاربه وتحارب نجاحه الذي لم نسمع به لولا زياد الدويري.
على أية حال يبقى من الضرورة بمكان الإشارة إلى أمور هامة أبرزها: