ترجمة الحدث - أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا تحليليا حول افق التسوية.
وفيما يلي نص المقال:
السؤال الذي يواجه رئيس السلطة الفلسطينية الثمانيني هو ما إذا كان سيجد سبيلاً لتحقيق السلام من خلال المفاوضات مع إسرائيل، أو البقاء في دوار دبلوماسي مع عدم القدرة على الخروج من هذا الدوار. ومن المأساوي والواضح أن الخيار الأخير هو إرث الرئيس الفلسطيني لشعبه.
الغريب أن الرئيس عباس غير مستعد لقبول هذا الخيار. وقال الرئيس الفلسطيني في مقابلة تلفزيونية مصرية "إنني متفائل بأن الوقت سيأتي لتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة، ولكن ليس قريباً". وأضاف "إننا نبني الدولة الفلسطينية طوبة طوبة". مشيراً إلى أنه قد تم وضع طوبة للدولة حين اعترفت اليونسكو بدولة فلسطين كعضو كامل العضويةف ي عام 2011، كما أن آخر طوبة وضعت حين قبلت الإنتربول فلسطين كعضو هذا الشهر.
وكان السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور أكثر مباشرة من الزعيم الفلسطيني، وقال منصور في كلمته أمام وسائل الإعلام الدولية حول السلام في الشرق الأوسط في فيينا "نحن نتصرف كدولة، ونحن مقبولون كدولة وسنواصل السير على هذا الطريق".
وقد صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على دولة فلسطين في تشرين الثاني نوفمبر 2012 بأغلبية 138 صوتاً مقابل 9 أصوات معارضة وامتناع 41 عضواً عن التصويت، حيث رفع التمثيل الفلسطيني في الهيئة الدولية من بعثة مراقبين إلى دولة مراقبة غير عضو. فقط مجلس الأمن هو من يستطيع جعلها عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وفي المحاولة الأخيرة ديسمبر 2014 لم يتمكن الفلسطينيون سوى من الحصول على تسعة أصوات مؤيدة.
ومن الملاحظ أن العديد من الدول قبلت بوجود دولة فلسطينية. وفي كانون الثاني/ يناير، أصبح الفاتيكان أحدث دولة من أصل 136 دولة اعترفت بفلسطين، 75 منها تستضيف سفارات فلسطين في عواصمها.
أما الآخرون الذين يطمحون إلى تحقيق دولة مستقلة خاصة بهم ولا سيما الأكراد الذين أجروا مؤخرا استفتاء في المنطقة الكردية شمال العراق، فلا يسعهم إلا أن يتساءلوا عن السبب الذي جعل العالم يعترف بالفلسطينيين ولا يعترف بالأكراد.
وكان الرئيس عباس نفسه قد تم تكريمه كرئيس دولة حسن النية على الرحلات الدولية وخلال الافتتاح السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تم إدراج اسمه كرئيس لدولة فلسطين.
وقال الرئيس عباس على منصة الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي "لا أفهم كيف يؤثر الاعتراف بدولة فلسطين على فرص السلام!" وأضاف "إنني أحث الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين بعد على أن تفعل ذلك تطبيقاً لمبدأ المساواة الذي يمكن أن يعزز فرص السلام".
ومن الناحية التاريخية، فقد تحقق السلام المستدام عن طريق المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع. وأدى هذا النهج إلى محادثات السلام بين مصر وإسرائيل من جهة وبين الأردن وإسرائيل من جهة أخرى، فضلاً عن اتفاقات أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ويفترض كاتب المقال إن الوعد بحل الدولتين المتفاوض عليه في اتفاقات أوسلو لم يتحقق، وقد تخلى عباس عن هذا النهج منذ فترة طويلة بمساعدة من دول متعددة. وبدلاً من الضغط على عباس للدخول في حوار جاد مع إسرائيل، عززت قائمة الدول الآخذة في التوسع استراتيجيته في استخدام الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى لفرض حل يعترف بدولة فلسطين. وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر، ناشد عباس مراراً دول العالم بالاعتراف بدولته.
وأضاف الرئيس عباس "إننا نتطلع إلى موافقة مجلس الأمن على طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، وعلى كل من يدعم حل الدولتين أن يعترف بالدولة الأخرى.. فلسطين".
بيد أن الرئيس عباس رفض مقترحات لتسوية النزاع القائم على حل الدولتين. وفي حين يبدو أنه يتفاوض بحسن نية، فقد رفض عرضاً وصفته إسرائيل بالرائع من رئيس الوزراء إيهود أولمرت في عام 2008. وقد خرج من الجولة الأخيرة من محادثات السلام المباشرة التي انتهت في عام 2014، ومنذ ذلك الحين رفض العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل أو حتى لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويواصل عباس هذا النهج الذي اتخذه من معلمه وسلفه ياسر عرفات في كامب ديفيد عام 2000 وطابا عام 2001.
في سن الـ82، بات حريًّا بعباس أن يفكر بما أنجزه لشعبه الذي بات ليس أقرب إلى سلام شامل مع إسرائيل. وعلاوة على ذلك، هناك حالة من الانقسام لدى الفلسطينيين، خاصة وأن حماس تسيطر بقوة على غزة منذ أكثر من عقد من الزمن بعد إطاحتها بحكومة وحزب فتح من القطاع. وتواجه اتفاقية المصالحة الأخيرة بين حماس وفتح نفس العقبات التي تواجهها الحركتان والأهداف المتضاربة التي أضرت بالمحاولات السابقة.
ومن خلال الالتزام بإنشاء قائمة بالدول والمنظمات الحكومية الدولية التي تعترف بفلسطين، تجاهل الرئيس عباس بشكل غير مقصود القناة الدبلوماسية التي تحظى بالكثير - إسرائيل- التي بدونها لا يمكن أن يكون هناك سلام شامل ومستدام.
وفي هذه المرحلة، فمن غير المرجح أن يحدث تغيير أساسي في تفكير عباس، ومن المتوقع أن يكون الدوران في الدائرة هو إرثه الذي سيتركه للشعب الفلسطيني.