الجمعة  29 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فشلتُ أن أتعلّمَ كيفَ أعيش آية بسيسو

ترجمة وتقديم: خيري حمدان

2017-10-25 09:19:51 AM
فشلتُ أن أتعلّمَ كيفَ أعيش
آية بسيسو

لم أتوقّع يومًا أن أرتبط بصفتي مترجم مع أحد أقرباء الشاعر الفلسطيني الكبير معين بسيسو، لكن يبدو أنّ عبقرية الشعر والإبداع ترافق حملة هذا الاسم الكبير بعيدًا عن الوطن. عرفت آية علي بسيسو، ابنة صديقي العزيز علي بسيسو صغيرة خجولة ترافقه هنا وهناك، ثمّ كبرت وعلمتُ بأنّها تنظم الشعر بمهارة، وسرعان ما نالت جوائز أدبيّة رفيعة المستوى، وهاهي قد بلغت العشرين من العمر، تشارك في الأمسيات الشعرية وقد جمعتني الصدفة بها في إحدى هذه الأمسيات في العاصمة صوفيا. طلبت من طالبة الطبّ في السنة الثانية، أن ترسل لي بعض نصوصها الشعرية لترحل إلى الوطن الذي لم تراه، لتعانق غزّة ورام الله وكلّ بقعة من فلسطين، التي طالما حدّثها عنها والدُها – عاشقُ فلسطين.

 

كلّما صعدت آية إلى المنصّة لتقرأ قصائدها التي ترقى دون شكّ للشعر العالمي، يتفاعل معها الحضور وأرى في عينيها ذاك البريق المتألّق لمبدعة واعدة اسمها آية بسيسو.

 

أصعب الدروس

Най-трудният урок

عشتُ في جلدِ

رحّالةٍ

متسكّعٍ

لم أحطّ مرساتي

في أيّ مكان

ولا عندَ أحد

لم أستقرّ في بيتٍ

فلديّ مجرّد مأوى

لم أرتبط أبدًا بمكانٍ

أو ببشرٍ

تجاوزت بحنكة

خيبة الأمل والإحباط

والآن أتعلّم

ترويض نبضَ

قدماي

تراهُما على وشك

الانطلاق بجلبةٍ

لأتوه

وأن لا أعودَ

أبدًا

لكنّ البقاءَ

دومًا

أصعبَ بكثيرٍ

من الهروب.

 

ملأ، ترامات وشوارع

Хора. Трамваи. И улици

في هذه المدينة

ذات الشوارع السريعة المكتظة

والزقاق الخجلة

والتفرّعات الغامقة

وكوابل الكهرباء

المعلّقة قلائد.

وأنوار الليل

كأنّها شموعٌ مضيئة

ألوان الترامات الزاهية

وجلجلة عجلاتها فوق

سككِ الحديد

وأروقةِ أرواحِها

مفعمة بملأ لاهث

يسرعُ الخُطى دومًا

إلى مكانٍ ما

في هذه المدينة

المسترسلة بالهذيان

مدركة جنونها الذاتيّ

لا نملك سوى أن نجنّ

وربّما أن نعشق

والأفضل من هذا وذاك

أن نجنّ

ونعشق. 

 

ضيق

Тясно е

لا مكان

لمزيد من الماضي

في حاضري هذا.

 

* * *

كنتُ أحسنُ دومًا

تحصيل العلم

دومًا متفوّقة

في كلّ أصناف العلوم

اكتسبتُ مهارةَ

التقوقع في ذاتي

بعيدًا عن الآخرين

والبقاء هناك طِوال الليل

وفي النهارِ

تعلّمت أن أبْهَمَ

أحزاني

أن أسمح لكلّ من يرغب

أن يبلغَ سطحَ روحي

أن يفعلَ

وقلّة ينفذون خلف الحجاب

تعلّمت أن أعشقَ

الفِكْرَ

ليس الورى

أن أخفي عوالمَ

خلف جفنيّ

وصمتًا

خلفَ كلماتي

أن أكون في

كلّ مرّةٍ

مختلفة

حسب تقلّباتِ الطقسِ

والظروف

(لكن وفي كلّ مرّة

لم أتعلّم ما يكفي)

عن الجاذبيةِ الأرضية

التي تمنعُني من التحليق

دون أجنحتي

وأنّني كما أنا

وشيءٌ ما في مركّب

نواياتي

قد ضلّ الطريق بقسوةٍ

تعلّمت العيشَ  

متكافلةً

مع شياطيني

وأنّ الواقع رهنَ

الخيالِ

تعلّمت ربطَ رياحي

بالأذيال

واحتواءَ المحيطاتِ بعينيّ

هكذا تعلّمتُ الكثير

لكنّي فشلتُ تعلّم

كيف لي أن أعيش!   

* * *

أعثُرْ على ذاك الذي يحبّك ودعْهُ يقتلك.

تشارلز بوكوفسكي

 

لا ضرورة

أن أترك ذاتي

لشخصٍ ما

ليقتلني

أفعل ذلك

وحدي

بامتياز.