الجمعة  29 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

من واقع اللجوء في لبنان/ بقلم: بسام جميل

2017-10-26 06:40:52 PM
من واقع اللجوء في لبنان/ بقلم: بسام جميل
بسام جميل

 

بقلم: بسام جميل

 

 

لكل أمة عظيمة مثلها الأعلى، بل أمثلة عليا متعددة في مجالات مختلفة، ولا يكون المثل الأعلى  ذا قيمة تذكر إن لم يكن على قدر كبير من الالهام في منجزه و في نظرة الأمة إليه .

 

يمكننا تعداد عشرات بل مئات الشخصيات العربية التي كانت وبعضها لا يزال -رغم مرور مئات السنين - تملك من الالهام لشعوب منطقتنا ما لا يمكن اختزاله في سطور قليلة .

 

المثل الأعلى أو القدوة المثيرة للاهتمام هي تلك القادرة على منح ذاتها القوة لتحقيق منجزها فتسطع شمسها بعد ذلك على تلك الظلال الباحثة و المستجدية لدفء الانجاز .

 

بدأ العالم الجديد بالبحث عن تلك الشخصيات المميزة، كلٌ في بلده يشعل فتيل التميز و يبهر العالم بما لديه من مواهب و اصرار، و لنا كما لغيرنا من الأمم صفحات مشرقة مع التميز و النجاحات المتلاحقة على مستوى الأفراد و المؤسسات داخل فلسطين و خارجها، و الإلهام هو حقاً المعنى الذي علينا أن نعزز قيمته  لأثره الكبير في رفد نواة التغيير الثوري الذي يليق باسم فلسطين وطناً و شعباً .

 

ليس هناك من حاجة للتذكير بمن أنجز و من واصل الإنجاز  فالإعلام يغطي قصص من نجحوا وحصدوا نتاج هذا النجاح بوجود مظلة ترعاهم و متابعة تليق بمنجزهم، لكنني في هذا المقال سأتحدث عن إرادة مجموعة من الشباب الفلسطيني الذي لم يؤدي أكثر مما يقول أنه واجبه، تجاه نفسه و أبناء شعبه.

 

قد يظن البعض أن ملأ قدح زجاجي بالماء، أمر سهل و يسيير لمعظم الناس ولا يجب أن نعتبر مثل هذا الفعل انجازاً ملهماً، إلا أن الظروف التي مُلأ أثناءها القدح و طريقة الحصول على الماء، كل هذا يسرد قصة الانجاز و الالهام .

 

في بعلبك اللبنانية، قرب مخيم الجليل، استطاعت مجموعة من الشباب الفلسطيني أن تحقق - من وجهة نظري- ما يمكن أن يحاكي قصة القدح، فمنجزهم و رغم بساطته و طبيعته التي يمكن أن ينجزها أي كان في بلد آخر و في مكان آخر، بل و هي محققة فعلاً في المخيم ذاته، هي من القصص الملهمة . حيث تمكنت هذه المجموعة من تحقيق نتائج مجدية في تقديم المعرفة المدرسية لللاجئين الفلسطينيين و السوريين القادمين من سوريا و استطاعوا خلال أربع سنوات أن يقدموا الدعم اللازم لطلابهم ليتمكنوا من تقديم امتحاناتهم في الشهادات الاساسية - التاسع و البكالوريا - و بنسب نجاح مقبولة في مثل هذه الظروف الصعبة على الطلبة .

 

بدأ الأمر كمبادرة شبابية على نطاق ضيق لمساعدة الطلاب على دراسة المنهاج السوري و رغم عدم توفر أي امكانات استطاعوا أن يثيروا اهتمام جمعية مجمع الكنائس لتدعم توجههم فقدمت لهم مركزاً مستأجراً ليكون مركزاً تعليمياً مؤازراً جهود و طموح الطلاب بتحصيلهم العلمي، ثم التقدم للامتحانات النهائية لطلبة الشهادات في سوريا و التكفل بتكاليف النقل و الاقامة  و تسهيل الاجراءات القانونية لمغادرة لبنان و العودة بعد انتهاء الامتحانات .

 

بعدد لا يتعدى الثلاثين طالب وطالبة في العام الأول و نسب نجاح مشجعة، يستمر المركز بتقديم خدماته هذا العام بواقع اعداد بلغت التسعين طالب و طالبة  و معدل نجاح 65%  في الشهادتين الاعدادية و الثانوية في العام الدراسي المنصرم .

 

أما عن التميز في هذا الأمر فهو إرادة القائمين على المركز و جهودهم بتقديم كل الامكانات للطلبة و هذا التفاعل الملفت الذي استطاعوا تحقيقه و رغبة الطلبة في متابعة تحصيلهم العلمي رغم ظروفهم المضطربة و المقلقة في واقع اللجوء الجديد في لبنان .

 

دليلك إلى وطن قوي و مستقبل واثق، هو رغبة الشباب الفلسطيني في المثابرة على الدوام و تحقيق الانجازات على كل المستويات التعليمية و الحياتية و عدم الخضوع للظروف القاهرة التي تضغط عليهم من كل حدب و صوب.

 

الدليل إلى الوطن المشتهى هو ما يظهره شبابنا بخياره اليومي الذي يأخذه على عاتقه و يقدمه كخيار وحيد لا يمكن أن يحيد عنه. بمثل هذا الشباب و هذه العزيمة يمكننا يمكننا أن نرى الدليل الذي يقودنا إلى عودتنا للمساهمة في بناء وطننا الحر و القوي .