ترجمة الحدث- احمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس تحليلا يوضح قصة اعلان بلفور والذي جاء فيه ايضا منح اليهود الاردن ولبنان.
وفيما يلي نص التحليل:
قصة إعلان بلفور معروفة، وهي في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، حيث أنه وفي خضم الحرب العالمية الأولى، وقَّع وزير الخارجية البريطاني، اللورد بلفور، رسالة واعدة لليهود "بوطن قومي" في فلسطين.
هذا الخطاب القصير يحتفل به اليهود ويندب فيه العرب هذا اليوم. وهو خطاب غير معروف بشكل كبير لكنه مسجل في الكتب العلمية ولا سيما كتاب بيني موريس "تاريخ الصراع الصهيوني العربي، 1881-1999" والذي يتحدث عن المؤامرات المكثفة في ذلك الوقت، والتي جرت مع فرنسا قبل خمسة أشهر من إصدار بريطانيا للبيان المؤيد للصهيونية وقلق بريطانيا من أن عدوتها ألمانيا قد تفعل الشيء نفسه.
أوروبا كانت متورطة في حرب دموية خانقة، ولكن في الشرق الأوسط كانت الامبراطورية العثمانية القديمة التي تقاتل إلى جانب ألمانيا تتفكك تدريجياً. وفي نوفمبر / تشرين الثاني، كانت القوات البريطانية وقوات أخرى تقود الجنود الأتراك وومستشاريهم الألمان إلى خارج فلسطين.
كان الشرق الأوسط منطقة حاسمة بالنسبة لبريطانيا -سواء فيما يتعلق بدول النفط الناشئة أو في قناة السويس- مما يتيح الفرصة للوصول إلى الهند والمستعمرات الأخرى. وبالإضافة إلى فرنسا، قررت بريطانيا بالفعل تحديد دول الشرق الأوسط الجديدة التي ستنشئها وتسيطر عليها، تاركة تركيا وحدها في الامبراطورية العثمانية.
وفي الوقت نفسه، كان اليهود المؤثرون في بريطانيا يضغطون على حكومتهم لدعم الصهيونية، بعد 20 عاماً من إعطاء ثيودور هرتزل صوتاً لإنشاء دولة لليهود، لإنهاء ما يسمى بقرون الاضطهاد.
وقد ساعدهم في ذلك ظروف محفوفة بالمخاطر: الدكتور حاييم وايزمان ليس فقط من العلماء البارزين المولودين في روسيا والذي قدم مساعدة لا تقدر بثمن لبريطانيا من خلال تطوير المواد الكيميائية للذخائر، ولكنه كان أيضاً رئيساً للاتحاد الصهيوني البريطاني.
كان لوايزمان القدرة الكبيرة والشخصية الكاريزمية، وكان صديقاً وموثوقاً بالنسبة للنخبة البريطانية بدءً من سي بي سكوت محرر صحيفة مانشستر غارديان الذي دعم الطموحات الصهيونية، مروراً بديفيد جورج الذي أصبح رئيساً للوزراء في ديسمبر 1916، ووصولاً إلى اللورد بلفور وزير الخارجية.
عبرت وزارة الخارجية الفرنسية عن اعتقادها بأن اليهود كانوا مؤثرين في روسيا في النظام القيصري، كما أرادوا أن دعم اليهود لوجود فرنسي بعد الحرب في فلسطين.
في 4 يونيو 1917، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية رسالة كامبون، وهي بيان أنها وافقت على نص قدمه لها الصهاينة بأن "الظروف تسمح، وسيتم ضمان استقلال الأماكن المقدسة، من أجل نهضة الجنسية اليهودية في الأرض التي نفي منها شعب إسرائيل منذ قرون".
وربما كان الفرنسيون معنيون أن يكون بيانهم مجرد كلمات دون تنفيذ. لكنه فتح الطريق أمام بريطانيا لإصدار بيان دعمها للصهيونية. خاصة أن لويد جورج كان يحاول دعم المصالح الإمبريالية البريطانية وعزم على حماية منطقة قناة السويس من أيدي الفرنسيين.
كانت فلسطين تحت السيطرة البريطانية، وكان اللورد بلفور قد أوضح في وقت لاحق أنه ولويد جورج تأثرا "بالرغبة في إعطاء اليهود مكانهم الصحيح في العالم، وأنه لا يجب أن يظلوا بلا وطن". إن حومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى ضرورة إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسيبذل قصارى جهده لتسهيل تحقيق هذا الهدف، على أن يكون مفهوماً بوضوح أنه لا يجوز القيام بأي شيء قد يضر بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين أو الحقوق والمركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".واعتقد لويد جورج وبلفور وآخرون مثل ونستون تشرشل أن إعلاناً لصالح دولة يهودية سيجلب النفوذ والسلطة اليهودية في جميع أنحاء العالم إلى جانب الحلفاء.
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى ضرورة إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسيبذل قصارى جهده لتسهيل تحقيق هذا الهدف، على أن يكون مفهوماً بوضوح أنه لا يجوز القيام بأي شيء قد يضر بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين أو الحقوق والمركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر". كان هذا نص البيان.
على الفور، أصبح هذا ميثاق الحركة الصهيونية لتحويل كلمات الوعد إلى واقع، واستغرق النجاح أقل من 31 عاماً، حيث تم إنشاء ما يعرف بدولة إسرايئل في 14 مايو 1948.
مُنحت بريطانيا ولاية فلسطين عقب عصبة الأمم 1922، بهدف الوفاء بإعلان بلفور. لكن تشرشل كان يتفاوض أيضا مع القادة العرب حول مطالبهم بالأرض، وهكذا أعيدت صياغة التفاصيل: لم تعد بريطانيا ملزمة بتعزيز دولة يهودية شرق نهر الأردن، وفي الوقت نفسه سلمت بريطانيا أيضا أرضا في شمال فلسطين إلى فرنساً، التي منحت تفويضاً للبنان.
وكانت النتيجة في عام 1921 أن أرض شرق نهر الأردن التي تشكل 75% من فلسطين قد تم ضمها لتوفر ملاذ لعبد الله. واحتج وايزمان وكتب إلى تشرشل أن يلاحظ بأن "حقول جلعاد وموب وإدوم ترتبط تاريخيا وجغرافيا واقتصاديا بفلسطين". إلا أن زعماء صهاينة آخرين كانوا يعتقدون أن هذه التقاسيم مؤقتة، ومع ذلك ذهب شرق نهرب الأردن تحت الوصاية البريطانية.
وفي عام 1946، طلبت بريطانيا من منظمة الأمم المتحدة إنهاء ولايتها على منطقة شرق نهر الأردن وأصبحت ما يسمى اليوم بالمملكة الأردنية الهاشمية. وظلت نسبة 25% المتبقية من فلسطين تحت حكم الانتداب البريطاني حتى عام 1948 الذي أصبحت فيه ما يعرف اليوم بإسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.