ترجمة الحدث- أحمد بعلوشة
نشرت صحيفة هآرتس المقال التحليليي التالي حول كيفية احتساب الأغلبية في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يلي نص المقال:
كان الكثيرون من أعضاء اليمين الإسرائيلي غاضبين من تصريحات الرئيس رؤوفين ريفلين في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست.
وقال ريفلين في خطابه "نشهد اليوم رياح ثورة أو انقلاب ثانٍ. هذه المرة حكم الأكثرية هو الحاكم الأوحد. وبدلا من أن يكون كل شيء قابل للمحاكمة.. بات كل شيء سياسي". وأعلن ريفلين إنه قلق جدا من تعاظم وزيادة الاتهامات من قبل السياسيين تجاه مؤسسات الحكم والسلطة وأذرعها الأمن بأنها "تسيّس" الأمور، وتخلق واقعا فيه "كل شيء سياسي"، معتبرا أن "الكنيست هو الممثل وصاحب السيادة ويعبر عن الرأي الشعبي في إسرائيل.. الشعب أجمع.
واعتبرت وزيرة الثقافة ميري ريغيف أن ذلك يمثل استهتار بإرادة شعبه، كما اعتبرته خطاباً غير ديمقراطياً وحذرت الرئيس من وجود ثقافة "قواعد حظ الأغلبية".
يمكننا أن نفهم من ريغيف أنه وبعد كل شيء، فإن جميع قوانين الديمقراطية تتم وفق نظرية فرص الأغلبية. حيث أن قوانين الأرض تتكون من قرارات ديمقراطية بأغلبية اجتمعت في الماضي وكونت هذه القوانين. إذن ما هو التناقض في خطاب ريفلين؟
اعترف ريفلين في خطابه بأنه كان في الماضي من بين أكثر منتقدي الثورة الدستورية صراحة برئاسة رئيس المحكمة العليا الأسبق أهارون باراك. ويمكن وصف الانتقاد المعبر عنه آنذاك حول "التعدي القضائي على السلطة التشريعية" بأنه توتر بين قيم أمس واليوم. وكان يمكن بالأمس وصف السلطة القضائية بأنها مخلصة للقوانين والمبادئ التي تعبر عن إرادة الشعب. في حين أصبحت اليوم السلطة التشريعية هي من تعبر عن إرادة الشعب!
وفقا لاتهامات اليسار ضد اليمين. هذه ليست "قيم اليوم" ولكنها عبارة عن عملية فقدان للقيم. بينما يقول هيكل السلطة إن بنيامين نتنياهو يرفض السماح للسلطة بهيكلة سلطة جديدة.
والموقف التكنولوجي الديمقراطي للحق الجديد يقول إن الديمقراطية هي حكم الشعب، وما هو أكثر عدلاً من أن يسأل الناس عما يريدون؟
ولكن جذور المسألة هي أن ريفلين هو الذي يعرب عن عدم ارتياحه للأغلبية الإسرائيلية. ويدعم ريفلين الضم الكامل للأراضي مع حقوق متساوية لجميع الفلسطينيين. ويعتبر ريفلين -حسب وصف الكاتب- ديمقراطيا حقيقياً.
لماذا هو ديمقراطي حقيقي؟ لأنه يدرك أن الديمقراطية تعني شخصاً واحدا وصوتاً واحداً. فإذا كان الجناح اليميني يريد أن يلعب بنا ويقتصر الديمقراطية على نظام إجرائي فقط، فليقم بإعطاء 13 مليون شخص يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي حق التصويت ثم يأتي للقول إنه يعبر عن إرادة الأغلبية.
وسوف يقول البعض أن اليسار لا يدعم حق الفلسطينيين في التصويت. هذا صحيح، ولكن لا يسعى اليسار إلى ضم الأراضي الفلسطينية. ويعترف دليله الخاص بالقيم السياسية أن هذه حالة غير عادلة وأنه ينبغي أن يكون هناك تطلع إلى تصحيحها عبر دولتين لشعبين.
لكن الجناح اليميني "الضموي" يريد السيادة فقط على أرض الفلسطينيين وليس على الفلسطينيين أنفسهم. حيث أنه لا يرغب أصلاً في دعوتهم إلى لعبة الديمقراطية، كما أنهم لا يريدون أن يسمحوا للفلسطينيين بإقامة دولتهم. وإذا كان ريفلين "ديمقراطيا حقيقياً" فإن نتنياهو وريغيف ليسا ديمقراطيين.
وحالة قانون "توسيع حدود القدس" تقدم لمحة عن أنواع الأعمال الاحتيالية التي سيتطلبها المشروع الديمقراطي الوهمي الإسرائيلي. سيتم ضم المستوطنات إلى بلدية القدس جسدياً ولكن ليس سياسيا. هذا هو التلاعب الخرائطي كاستجابة للتهديد الديمغرافي. وكان وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعرب عن "ارتياحه للضعف الذي تواجهه القبضة العربية على العاصمة".
ويتطلب المشروع الديمقراطي للحق الإسرائيلي نشاطاً تشريعياً لمنع الأقلية من أن تصبح أغلبية. وبعد كل هذا، فإنه يريد فقط الأغلبية اليهودية في الحكم، وليس الأغلبية الحقيقية.