بعد الإعلان عن حكومة الوفاق الوطني
الحدث- تقرير إخباري خاص
الاثنين، 2/6/2014
بإعلان حكومة التوافق الوطني بين حركتي فتح وحماس والإعلان عن انتهاء الانقسام السياسي الذي بدأ منذ سبع سنوات وعزل غزة عن الضفة؛ بدأ الفلسطينيون بطي صفحة أجمعوا على سوادها في تاريخ نضالهم أمام الاحتلال الإسرائيلي.
هكذا كان للفرقاء رأيهم بأن تبدأ عجلة المصالحة الفلسطينية بإعلان حكومة واحدة تمثل الكيانية السياسية الواحدة، لتكون بوابة المرور إلى إجراء انتخابات عامة تجدد مشروعية المؤسسات الفلسطينية بعد ستة أشهر من تولي حكومة التوافق لمهماتها التي يعتبر إعادة إعمار غزة، وهيكلة الأجهزة الأمنية، وتحقيق المصالحة المجتمعية جزءا من الإجراءات التي ستسير بالتوازي مع أعمالها.
تجاوزت الحركتان (فتح وحماس) العقبات والخلافات في تشكيلة الحكومة التي يُلاحظ على مكوناتها بصمة الرئيس الفلسطيني وغياب أي شخصية مقربة سوى منه، باستثناء خروج وزير الأوقاف د. محمود الهباش من المشهد السياسي في المرحلة الراهنة، كما يلاحظ بأن إعلان أسماء الوزراء والحقائب المسندة إليهم تجاوز ما تم الحديث عنه في اللحظات الأخيرة قبيل حلف الحكومة لليمين أمام الرئيس محمود عباس بإسناد وزارة الأسرى لرئيس الوزراء د. رامي الحمد الله.
وفي معزل عما شاب ولادة الحكومة من عقبات، استطلعت "الحدث الفلسطيني" بعض ردود الأفعال والآراء لمراقبين ومهتمين بملف الانقسام الفلسطيني، حول المرحلة التي تلي إعلان الحكومة، ومدى الاقتناع بجدية المصالحة وإمكانية تحقيق فصولها جميعا.
يقول الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب: "الحكومة الجديدة معرضة بشكل دائم خلال الفترة القادمة لهزات أو خلافات مرتبطة بالإشكاليات ذاتها التي تحاول حلها".
وأوضح حرب أن هذه الخلافات سيكون سبب حدوثها خضوعها لرقابة مزدوجة، فمن ناحية هناك الرقابة الشعبية، ومن ناحية أخرى هناك الرقابة الفصائلية، مشيرا في سياق حديثه إلى خصوصية الخلافات بين حركتي فتح وحماس.
وأكد حرب أن العقبات كثيرة في طريق الحكومة الجديدة لإنجاز إنهاء الانقسام موضحا: " توحيد كافة المؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، واستحقاقات عملية إنهاء الانقسام مواضيع شائكة، علاوة على الضغوط التي ستتعرض لها من قبل الاحتلال الإسرائيلي".
أما الإعلامي زعل أبو رقطي فشدد على أن الحكومة الوليدة ليست حكومة وحدة وطنية، بل حكومة وفاق بين فصيلين لا تشمل كل مكونات العمل الفلسطيني.
ويرى أبو رقطي أن الحكومة لا علاقة لها بالمصالحة فيقول: " هي حكومة تكنوقراط لتسيير الأعمال لحين الانتخابات، ولا علاقة لها بموضوع المصالحة التي لا تزال كما هي، فلم يطرأ أي تغيير على الوضع القائم في غزة من حيث النظام الأمني وكل ما يتعلق بأدوات حماس".
ولم يكن "أبو رقطي" متفائلا بالخطوة الراهنة، إذ يعتقد بأن استمرار الحالة في قطاع غزة يعني الشك بأن ما تم ليس مبنيا على أسس سليمة ولا يلبي طموحات أهالي قطاع غزة.
وأضاف أبو رقطي: " أعتقد أننا أمام هزة عابرة سينهار بعدها كل شيء ونعود للمربع الأول، والمتابع لتصريحات قادة حماس يكتشف أن هناك خلافات بينهم بخصوص المصالحة".
ويتفق مع أبو رقطي عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية الأسير المحرر "عصمت منصور" في النظرة غير المتفائلة للحكومة الفلسطينية المعلنة، فهو يعتقد بأن حكومة الوفاق لن تنجز الكثير في موضوع إنهاء الانقسام وستجمد – من وجهة نظره – الوضع الراهن إلى أن يعاود الانفجار مرة أخرى.
وتابع منصور للحدث الفلسطيني: " الحكومة لم تتشكل نتيجة توجه جاد لتجاوز المرحلة السوداء التي عاشها شعبنا، أو لإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني وإصلاح بنيته المتهالكة".
أما عن برنامج الحكومة فاعتبر عصمت منصور أنه لا يلبي الإجماع الوطني ويكتفي بعبارة مبهمة هي برنامج الرئيس، التي يعتبرها منصور جملة تسترضي المانحين واللجنة الرباعية الدولية.
وأضاف: " المصالحة تمت بإبقاء حالة الانقسام وإدارة أزمة يعيشها الفصيلان الكبيران، وهذه وصفة أكيدة لفشل الحكومة".
ولم يبتعد الصحافي محمود حريبات كثيرا برأيه عن الآراء السابقة، فهو يعتبر أن الحكومة شكلت لإدارة الخلافات وتنظيمها، دون أن تحمل العصى السحرية – بحسب تعبيره – مضيفا بأن طريقها لن يكون معبدا بالورود.
وأضاف حريبات: " لا يمكننا أن نفتي بنجاح أو فشل الحكومة والمصالحة إلا بعد 100 يوم من بدء الحكومة بمهماتها".
ولم يتجاهل حريبات في حديثه للحدث الفلسطيني الإشارة إلى أن حلف اليمين وإعلان الحكومة لا يعني إنجاز المصالحة الفلسطينية التي تحتاج إلى الإرادة السياسية من قبل حركتي فتح وحماس لإنجازها مشيرا في سياق ذلك إلى الخلافات والتراشق الإعلامي الذي حدث في الساعات التي سبقت إعلان حكومة الوفاق.
أما الناشط والصحافي الغزي "علاء الدواهيد" الذي عاش سنوات الانقسام في غزة حتى إعلان حكومة الوفاق الفلسطيني فعبر عن رغبته بأنه غير متفائل من التصريحات المتضاربة من الطرفين (فتح وحماس) رغم إعلان الحكومة.
وأكد الدواهيد أن المصالحة تحتاج المصداقية وأضاف: "يجب إعطاء التطمينات الواضحة للمواطن الفلسطيني وخصوصا الغزي الذي عانى من الحصار والحروب، وأن تكون المصالحة ملموسة وظاهرة على الأرض وهذا ما يجب أن يحدث في الأشهر القادمة".
جملة من الآراء عبرت في معظمها عن ترقب مشبوب بالحذر وغياب التفاؤل الحقيقي بأن يكون إعلان الحكومة الفلسطينية محطة أولى ينطلق منها قطار المصالحة الفلسطينية للتخلص من الانقسام الفلسطيني إلى الأبد، فالبعض يرى أن المهمة صعبة أمام تحفز الفصيلين الكبيرين وارتباك العلاقة بينهما وما يشوبها من توتر واحتقان يعزز موقف المتشائمين والمشككين في إمكانية الخلاص من الوضع الراهن، ونية حركي فتح وحماس التخلص من الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، وأما البعض الآخر فينتظر ما ستخرج به الأيام القادمة، مراقبا أداء الفصيلين وما سيقدمانه في القريب العاجل للمواطن الفلسطيني وقضيته.