الحدث – باسل مُغرَبي
نشر جيش الاحتلال الإسرائيليّ فيديو على الشبكة العنكبوتيّة، تم تصويره في منطقة الخليل ونُشر لكي يُطمئن كل القلقين على سلامة الفلّاحين الفلسطينيين ولِيُظهر للعالم أجمع أن عام 2017 لقطف الزيتون سيكون عاما آمنا، لا مشاكلَ فيه.
يظهرُ الفيديو رجلا فلسطينيّا في الستينات من عمرهِ داخل أرضه في منطقة الخليل.
يقولُ الرّجل إن لديه 90 شجرة زيتون، ولأن الجيش أرسل جنديا إسرائيليا لحراسته، فالأمور تسير على ما يرام قائلا: "ها أنا أعمل وكل شيء على ما يرام".
السّؤال الذي يُطرحُ هنا :لمن هو موجه هذا الفيديو؟ ومن هو الجمهور المقصود استدرار عطفه ؟. إذ أنه من الغريب أن يقوم رجل فلسطيني بشكر جيش الاحتلال الإسرائيليّ لأنه يقومُ بحراسته أثناء عملٍ اعتاد على القيامِ به منذ عشرات السّنين.
فالوضع في تل رميدة ليس مُماثلا لما أظهر الفيديو أبدا، ففي الأراضي الزّراعيّة الفلسطينيّة هناك يتحوّلُ موسم قطف الزيتون لمهمة عسكرية معقّدة يتحمّل مسؤوليتها جنود الاحتلال، الذين "يضحّون" بأنفسهم و"يُخاطرون" في السير داخل حقول من الألغام فلأجل من كل هذا؟ كل هذا بسبب المستوطنين يا سادة، فهم الذين يحاولون بشتّى الطّرق إبعاد الفلسطينيين عن أراضيهم, ونفيهِم منها بكل وسيلة ممكنة، إنهم يفعلون هذا كل عام.
أصبحت مهاجمة الفلسطينيين داخل أراضيهِم روتينيّة, حتّى أن جيش الاحتلال قرر هذا العام البدء بخطّة "دفاعيّة متطوّرة لحفظ سلامة الفلاحين العرب من الظّاهرة التي تُسمّى مستوطنون".
بعد كل هذا من الأسهل التحكّم بالفلسطيني المُسلّح بأكياس البلاستيك والدّلاء، ويمكن إخبار الفلسطيني في أي ساعةٍ عليه القدوم لحقله وفي أي ساعة عليه الانتهاءُ من العمل، يمكن حتى أن يقوم الجنود بتوصيله للمنزل، وفي الطّريق يمكنُ تصويرُ الفلاح الفلسطيني مع أفراد الجيش الإسرائيلي وهم يتناولون اللبنة والزّيت كنوع من الدّعاية الإعلاميّة للجيش الإسرائيلي.
قد تدفع الأعمال البُطولية التي يقوم بها الجنود، المستوطنون إلى سلوكٍ جديد فلا يقومون حينها بقطع أشجار الزيتون أو سرقة ثمارها قبل أن يكمل أصحابُ الأرض أعمال تنسيق حصاد الزيتون مع قوات الأمن، كما حدث بالقرب من قرية الجانية قبل أسبوع وبلدة سنجل قبل أيام.
دعونا نفترضُ للحظة أن لُطف وقِيم "الجيش الإسرائيلي" تُلزمه بحمايةِ الجانبِ الضّعيف، وجعلِ كروم الزيتون في متناول أصحابها، وإبعادِ المستوطنين الموجودين على طول الطريق.
على افتراض أن هذا هو الحال، فلماذا لا يُظهر الفيلم الدّعائي للمُشاهد كيف يقوم الجيش الإسرائيلي بالضبط بهذه المهمة بكلّ مراحلها؟ أو على الأقل مِن مَن سيحمي الجيش الإسرائيلي الرّجل الفلسطينيّ المسكين؟، أليسَ إخفاء هذا جزءا من المؤامرة؟ ماذا؟ ألا توجد صور لمستوطنين يُهاجمونَ العربَ خلال موسم قطفِ الزّيتون؟.
في النّهاية ما الذي نستحقّهُ نحنُ المُشاهدين؟ فيلم سيّئ ناقص وغير مُكتمل؟ّ وهمي وخيالي في آن؟ لعلّ هذه الصّورة هي الصّورة الحقيقيّة للجيش "الأخلاقي" الذي يحمي المستوطنين من الفلسطينيين ويحمي الفلسطينيين من المستوطنين.