الأربعاء  03 تموز 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

22 عام على مقتل رابين: ما لا يجرؤ قادة إسرائيل على قوله وفعله

2017-11-03 01:09:31 PM
22 عام على مقتل رابين: ما لا يجرؤ قادة إسرائيل على قوله وفعله

الحدث ـــ محمد بدر

 

يقول آل جور في مقدمة كتابه "هجوم على العقل" أن أكثر من 70% من الشعب الأمريكي كان يعتقد أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل وأنه على صلة بالقاعدة، وهكذا وبكل سرور استقبل الأمريكيون الحرب على العراق، إنها صناعة الحرب في العقل قبل أن تنتقل على الأرض، ذات الأمر كشف عنه ضابط متقاعد في cia في كتاب له وكيف تعمل وسائل الإعلام على هندسة الرأي العام من أجل تحقيق أهداف كبرى بعضها دموي، فالرسالة الإعلامية قد تشكل فكر عضوي في البنية الفكرية للمتلقي ليتقلص الزمن بين السلوك المؤجل وبين حدوثه.

 

ما أن وقع إسحاق رابين رئيس وزراء الاحتلال الأسبق اتفاقية أوسلو مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، حتى بدأت عمليات تحريض كبيرة على شخصه وعلى الإتفاق في الصحف الإسرائيلية وقنوات البث، ففي اليوم التالي للاتفاق كتبت معاريف عن الإتفاق تحت عنوان "هذا كافيا للدموع والدم"، وبدأ التركيز في التغطية الإعلامية الإسرائيلية على الاحتجاجات التي يقوم بها المعارضون للاتفاق، وفتحت الصحف أبواب صفحاتها للمعارضين، حتى وصلت ذروتها في نوفمبر 1993 حين نشرت معاريف على صفحتها الأولى ملصقا وزعه المعارضين مكتوب عليه "يجب قتل رابين" .

 

ورغم تباين درجة التحريض، إلا أنه كان من الوضوح أن السمة الغالبة للمادة الإعلامية هي التحريض، صحيفة "ARUTZ SHEVA" أصبحت منصة كبيرة للحاخام "بيني أيلون" الذي كان يكرر توصيفه لرابين بأنه "خائن ومريض نفسي خطير"، وكذلك أتاحت مجال كبير أمام الحاخام "بيني كيريستوفر" الذي قال ومن خلال الصحيفة "رابين وبيرس انضما لخط الشيطان، هؤلاء يجب محاسبتهم على يد فرقة إطلاق نار"

 

يديعوت كان لها دور في إبراز المعارضة الشديدة للاتفاق، في بداية أكتوبر من العام 1995 حيث غطت الصحيفة وبشكل مكثف المظاهرات التي تركزت في "ساحة صهيون" وكانت مهاجمة أحد المحتجين لرابين عنوان رئيسي بارز على صفحتها الأولى، لتكتب في صفحاتها الداخلية في ذات اليوم أن رابين رشح نفسه للموت.

 

اغتيال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي قبل اغتيال رابين بثلاث أسابيع وكذلك بعض الأحداث في الجنوب اللبناني لم تساهم في وقف التحريض المستمر ضد رابين الذي توج بقتله في تاريخ 4/11/1995، إن التحريض على قتل رابين في وسائل الإعلام وعلى المستوى الشعبي يكشف عن خلل في العقد السياسي والاجتماعي داخل مجتمع وشعب يحلو لقادته تصنيفه على أنه مجتمع ليبرالي ديمقراطي، ويكشف عن أهم أسباب مماطلة قادة إسرائيل بعد رابين للوصول لحل مع الفلسطينيين، إنها معركة الرقاب التي تحدث عنها يعلون قبل أيام حين قال: إن التحريض مستمر وقتل سياسي يمكن أن يحدث في أي لحظة، كما ويكشف عن سبب من أسباب جنوح القادة في إسرائيل لليمين المتطرف، فما زالوا يخشون أن يتحول هذا اليمين لميليشيا تمارس القتل فتنكشف عورة إسرائيل ويتفكك مجتمعها، وهي الحقيقة التي تحدث عنها عالم الاجتماع الإسرائيلي "باروخ كيمرلينغ" عندما قال "إن الشعب الإسرائيلي في حالة فصام كبير".