الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل حالَتُنا المزاجيَّة قَدَراً مَحْتُومَاً؟؟ / بقلم: رائد دحبور

2014-11-13 10:15:56 AM
 هل حالَتُنا المزاجيَّة قَدَراً مَحْتُومَاً؟؟ / بقلم: رائد دحبور
صورة ارشيفية
 
الإجابةُ عن هذا السؤال؛ هي: نعم؛ ولكن !!... نعم؛ الحالةُ المزاجيَّة تَتَّصِلُ وبشكلٍ أساسي بالإستجابات الشُّعوريَّة التي يكتسبها الشَّخصُ بفعلِ الوراثة؛ كأنْ يكون مفرط الحساسيَّة أو مُفْرِط الخَجَل أو مُفرِطُ الجرأة؛ أو مُفرِط التَّسرُّع؛ إنَّ هذا الأمر يخضعُ لطبيعة استجاباتنا الشُّعوريَّة للمؤثِّراتِ من حولنا؛ وهو مُرتَبِطٌ بالإستجابات المعتادة للمؤثِّرات بفعلِ الوراثة؛ بمعنى أنَّ الحالة المزاجيَّة تولّدُ مع الشَّخص؛ وهي جزءٌ من الميراث الجيني الَّذي يفرِضُ سطوته على حياة الأشخاص؛ منذ سِنِيِّ الطُّفولة المبكِّرة؛ وتُسْهِمُ أنماطُ التربية الأسريَّة والإجتماعيَّة في تعزيز تلك الإستجابات العاطفيَّة والشعوريَّة المعتادة؛ أو تعملُ على إقصاءِ عوامل قوَّتها؛ أو التَّخفيف من حدَّةِ تأثيرها؛ في حياة الشَّخص.
 
يَذْكُرُ " دانيال جولمان " في كتابه المُهِمُّ والشَّهير؛ الَّذي يحملُ عنوان " الذَّكاء العاطفي " عن الخبير في علم النَّفس الإرتقائي في جامعة هارفرد "جيروم كِجَان " أنَّ هناك – على الأقل – أربعةُ أنواع من الطَّبائع المزاجيَّة؛ هي: الخَجِلةُ، والجريئة، والنَّشِطَة، والحزينة – وأنَّ كلَّ طبيعةٍ من هذه الطَّبائع تَرْجِعُ الى نمطٍ مُختَلِفٍ تماماً في النَّشاط العقلي. وأنَّ هناك اختلافات لا تُحصى في الطَّبائع المزاجيَّة التي يُولَدُ بها الشَّخص؛ وأنَّ ذلك يتوقَّفُ على الإختلافات الفرديَّة في الدَّائرة العاطفيَّة.
 
وعل ذلك يمكننا القول: إنَّ كلَّ شخصٍ يختلِفُ عن الآخر من حيث سهولة استثارة مشاعر معيَّنة لديه ومن حيث الفترة الزَّمنيَّة لاستمرار تلك المشاعر ومن حيث حدَّتها وقوَّتها وتأثيرها على سلوك الفرد العاطفي والعملي.
 
إذَنْ الحالة المزاجيَّة تولَدُ وتنمو وتتفاعل في الدَّائرة العصبيَّة بفعلِ الوراثة وبفعلِ عوامل البيئة الإجتماعيَّة والتربويَّة؛ وعليه فإنَّهُ بامكاننا القيام بإجراءَاتٍ من التَّحكُّم الدَّاخلي؛ بواسطة المحاولة المستمرَّة لتعديل طبيعة استجابتنا للمواقف وللمؤثِّرات – وذلك ضمن دائِرَتِنا العاطفيَّة والإنفعاليَّة العصبيَّة الدَّاخليَّة – كما يمكننا العمل ضمنَ بيئتنا التربويَّة والإجتماعيَّة بواسط محاولة تعديل تلك الإستجابات والتأثير في الأنماط المزاجيَّة من خلال وسائل التأثير التَّعليمي والمعرفي وبواسطة الوسائل  التربويَّة الإيجابيَّة الفعَّالة والصَّحيحة؛ بحيث لا نترك حالتنا المزاجيَّة نهباً للتأثير الطَّاغي للعوامل الوراثيَّة الجينيَّة دون محاولة تعديلها وتصحيحها.
 
باختصار: إنَّنا نحنُ من نرسم حدود سياقات تأثير – قَدَرْ – المشاعر والطَّبيعة الأصليَّة للحالة المزاجيَّة على حياتنا من خلال سلوك مسلك الإستسلام والتَّسليم بأنَّها قدراً محتوماً لا يمكننا تعديله أو تغييره.