الحدث - محمد بدر
نشر موقع ديبكا المقرب من الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية عن قضية تجسس كبرى كشفتها "إسرائيل"، تمكنت من خلالها المخابرات الروسية من مراقبة نشاط وكالة الإستخبارات الأمريكية ونشاط شركات أمريكية كبرى، وكان التقرير كالتالي :
قبل عامين في عام 2015، لاحظ قراصنة يعملون لدى الحكومة الإسرائيلية شيئا مشبوها تم العثور عليه في أجهزة الكمبيوتر التابعة لشركة أمن المعلومات الروسية "Kaspersky Lab " والتي مقرها موسكو. فباشرت إسرائيل التحقيق في الأمر، وكشف التحقيق أن هذه المواد لا يمكن أن تأتي إلا من وكالة الأمن الأمريكية للمعلومات "NSA". وقد اتصلت المخابرات الإسرائيلية بـ "NSA و زودتهم بما لديها من معلومات.
وبدأت عملية مطاردة واسعة لمصدر الخلل فوراً، ولم يستغرق البحث وقتا طويلا وتم العثور على المصدر، فبداية الإختراق كانت بسبب استخدام موظف في وكالة التجسس الأمريكية على جهاز الكمبيوتر في منزله الخاص تطبيق روسي لمكافحة الفيروسات تابع لشركة "Kaspersky Lab "، مما مكن المخابرات الروسية من اختراق نظام الاستخبارات الأمريكي، ولا يزال الموظف قيد التحقيق، ولم يتضح بعد ما إذا كان قد زرع البرنامج الروسي لمكافحة الفيروسات بقصد أو إهمال.
برنامج الفيروس التابع لـ "Kaspersky Lab " يستخدمه حوالي 400 مليون شركة وأفراد في جميع أنحاء العالم، وقد استخدمت المخابرات الروسية البرنامج للوصول إلى أنظمة الكمبيوتر السرية للمخابرات الأمريكية ، كما ووصلت لحواسيب شركات ومؤسسات مالية في جميع أنحاء العالم.
في الشهر الماضي، أمرت الحكومة الأمريكية جميع مكاتبها بإزالة هذا البرنامج من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، كما وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI جميع الشركات الأمريكية الكبرى في الولايات المتحدة من عدم استخدام البرنامج.
هذه الاكتشافات، بطبيعة الحال لها الكثير من الاستنتاجات السياسية المحلية والدولية والنتائج في الولايات المتحدة وروسيا. فما هي هذه النتائج والاستنتاجات :
1. حتى لو افترضنا أن الشركة الروسية ليس لديها اتصال مع وكالات الاستخبارات الروسية كما تدّعي موسكو؛ والتي هي موضع شك نظرا للصداقة الشخصية التي تسود بين مسؤوليها والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإنه من السذاجة الاعتقاد أن وكالات المخابرات الروسية لا تتابع الشركة.
2. منذ أن حذرت إسرائيل الولايات المتحدة من ما يجري وهذا قبل عامين، فمن الممكن والضروري أن نفترض أنه خلال هذه الفترة كانت هناك بالفعل اختراقات روسية جديدة لأنظمة الكمبيوتر الأمريكية.
وساعد الاكتشاف الإسرائيلي الأمريكيين على التغلب على مشكلة التجسس هذه، ولكن ليس هناك ما يضمن عدم وجود اختراقات روسية أخرى في الأنظمة الأمريكية.
3. يسمى برنامج الأمن الرقمي الروسي "التوقيعات الصامتة"، ويتم التعبير عنها من خلال سلسلة من الرموز الرقمية، وظيفتها تحديد الفيروسات التي تنشط في التخفي للعثور على البرمجيات الخبيثة، ولكنها يمكن أن تستخدم أيضا كأداة بحث في الكمبيوتر على الوثائق والمعلومات عن طريق الكلمات الرئيسية، وبعبارة أخرى، إنها سلسلة من الجواسيس الرقمية، حيث لا يمكن لأحد أو أياً من البرامج معرفة أين الإختراق وكيف تم.
4 - ويظهر هذا الاكتشاف سبب الحملة السياسية واسعة النطاق التي شنها أعداء الرئيس ترامب والمعارضون السياسيون له عندما اتهموه بأن روسيا ساعدته لكي يصبح رئيسا، وقد تم الاختراق الروسي لأجهزة الكمبيوتر الأمريكية قبل أن يقرر ترامب ترشحه للرئاسة، وإذا كانت إسرائيل قد أبلغت أمريكا عن هذا الاختراق في العام 2015، فإنه ينبغي ويفترض أنه تم توجيه انتباه الرئيس أوباما إليه، لماذا لم يفعل أي شيء ضد الروس؟
5 - تقوم المخابرات الإسرائيلية بمراقبة الحواسيب والبرمجيات الروسية، وتمرير نتائج أبحاثها إلى وكالات الاستخبارات الأمريكية، وبعبارة أخرى، فإن الصورة التي تحاول إسرائيل وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسمها في السنوات الأخيرة، أن هناك تقاربا بين روسيا وإسرائيل هي صورة زائفة.
من وجهة نظر موسكو، كانت إسرائيل دائما وستظل جزءا من الاستخبارات العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وما وراءه، بمعنى أن روسيا تستمد جميع القرارات السياسية والاستراتيجية تجاه إسرائيل على هذا الأساس.