كسرت حادثة النفق في قطاع غزة "شرق خانيونس" حاجز الصمت من جديد ما بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وبدأ الاختبار الأصعب على الجميع بما فيها إسرائيل، توقيت يلقي بظلاله على المصالحة الفلسطينية، والاستعدادات لتوحيد الصف الفلسطيني، وبدء المشاورات حول ماهية العمل المشترك لوضع الاستراتيجيات والرؤى الوطنية لمعالجة كافة الأزمات التي خلفتها سنوات الانقسام.
إسرائيل من جديد تعلن عن معرفتها المسبقة لما تخطط له الفصائل عبر أنفاقها، حيث كانت تراقب عن كثب بناء النفق شرق خانيونس، وذلك عبر الطفرة الكبيرة في التكنولوجيا حيث سمحت لهم بالتعامل مع أنفاق غزة بشكل أفضل حسب تصريحات افيغدور ليبرمان وزير الجيش الإسرائيلي، النية مبيته، والحديث عنها لم يأت البارحة وإنما جاء في كل تصريح تنطق به إسرائيل، وهنا نستذكر حديث نتياهو عام 2016 على القناة العبرية العاشرة "إن إسرائيل ستواصل العمل حسب الحاجة لكشف ومواجهة خطر النفق ونحن لا ندخر جهودا وموارد لازمة إلا ونبذلها لتوفير الأمن لسكان غلاف غزة". إنهم يعرفون، يبدو أننا وقعنا في مصيدة التوقيت الإسرائيلي.
التوقيت هنا ألزم الجميع على محاولة اجتياز هذه المرحلة الدقيقة التي تمر على الشعب الفلسطيني، إلا أن الحرب الإعلامية بدأت تطفو على السطح، وهنا تعلن حركة الجهاد الإسلامي عبر جناحها العسكري " سرايا القدس" بان الوقت.. ينفذ، وبرغم حديثها بأنها لن تخرج عن الإجماع الوطني، إلا أنها توعدت بالرد في الزمان والمكان المناسبين، وهذا ما يخيف إسرائيل التي لا تنفك تردد مقولة إنها لا تريد التصعيد مع قطاع غزة!!!، ويخيف البعض تدهور الأوضاع، إلا أن حالة الصمت بعدم الرد الفوري من الجهاد الإسلامي أثارت الريبة لدي المحلل العسكري في صحيفة هآريتس "عاموس هارئيل" حيث أشار أنهم فوجئوا من الصمت المدوي للفلسطينيين في أعقاب قصف النفق، واعتبر أن حركة الجهاد لربما تخطط لهجوم كبير، يستوجب استنفارا متواصلا من جانب إسرائيل.
في المقابل إسرائيل لا تدخر جهدا في التصعيد عبر وسائل الإعلام، وزج بعض المعلومات المبهمة بأنها حققت نجاحا آخر غير حادثة اكتشاف النفق في غزة ، وتعود سرايا القدس لتؤكد أن النفق المستهدف ليس النفق الوحيد لديها في خانيونس، هذه المؤشرات تضعنا أمام حرب باردة يخشى الجميع لسعتها.
ضبط النفس ، كلمة لا تحمل حتى هذه اللحظة تذكرة مرور من الطرفين "الجهاد الإسلامي – إسرائيل"، والترقب والحذر يسود المحيط والجوار، الصراع هنا مختلف، حركة الجهاد الإسلامي تدرك تماما أي تصرف دون إجماع وطني قد يوئد مشروع المصالحة الفلسطينية، وينشب براثن الحرب على قطاع غزة، إسرائيل تريد اصطياد أهدافها دون إعلان حرب مع قطاع غزة ، تفترس التوقيت وقتما شاءت.
عملية النفق كشفت عن الاستعدادات المستمرة لفصائل المقاومة، وأظهرت التقنيات المتطورة لدى إسرائيل، وما بينهما ضباب لا ينقشع إلا بتوحيد الجهود الفلسطينية والانطلاق برؤية وطنية للخروج من هذا النفق المظلم ومجابهة الواقع المؤلم.