الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وجه آخر لغزة بقلم : سالي عابد

2017-11-10 08:11:58 PM
وجه آخر لغزة
بقلم : سالي عابد

رأى أحد  المواطنين شاب مازال في مقتبل العمر، بدا له من عائلة مستورة، يرتدي ملابس لا تدل على ما قام به حين اقترب من حاوية ليفتش عن بقايا قطع الخبز، شاهد آخد.. رأى في وضح النهار عائلة بأكملها عند باب احد المخابز، تجلس على حافة الحجارة، تقترب بأدب شديد من المارة،علهم يتعطفون عليهم بشيء يسد جوعهم، هنا غزة، هنا غابت الإنسانية، وهنا جوع كافر.

 

مدينة كانت تبحث عن من يأخذ فائض حاجتها، مواطنون يسلكون دروب البحث عمن يستحق الزكاة والمساعدة، لغزة هاشم قصص وحكايات عن كرم الأخلاق والعطاء، ماذا فعلتم بها؟ ملامح الشقاء والانهزام والانكسار تغزوها، كلما طل الأمل  جعلتم منه ندم، والتيه علامة مستقبلها، مدينة تحتضن الطعنات المخيبة للرجاء، تعولون عليها وقتما شئتم وتلفظونها عندما تكونوا قد اكتفيتم .

 

مروا على الإحصائيات المخيفة، ولا تتنصلوا من المسئولية، فانتم من أوجدتموها وانتم من حرصتم على ارتفاع النسب فيها، أكثر من 65% نسبة الفقر في قطاع غزة،  72% يعانون من انعدام الأمن الغذائي ، 43% نسبة البطالة ، ومازلتم تتغنون بصمود أهلها، أي حالة كارثية انتم عليها.

 

برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا ، لم تتعلم غزة بعد..!، برغم أن هذا الدرس مر على كل المواطنين ، يحفظونه مثل أسمائهم، يتباهون بمعرفتهم لكينونة الأشياء ، ويقعون عند أول اختبار في كل مرة، أهي الطيبة؟ أم التعلق بأي شعرة تنقذ واقعهم المرير، وفي كل مرة عليهم الدخول إلى كهف التائبين ، يا لسخرية قدرهم.

 

بأيدينا لا بيد غيرنا، نلتصق بمن يفرقنا ،ونجلد بعضا البعض، ونرتكب الإثم الأعظم في حق بعضنا، وكأننا نحتار أين نغرز السكين في جسدنا، إلى أي درك وصلنا؟..

 

غزة هاشم صاحبة التاريخ النضالي، ولازالت معظم التطورات التي تلتحق بالقضية الفلسطينية تبدأ من غزة، اسألوا أبو جهاد وأبو إياد ومروا على الياسر، وانفضوا الذاكرة، وراقبوا الحاضر وانسوا أن يكون المستقبل دونكم يا أهل غزة ، رتبوا أوراقكم، وميزوا الصالح من الطالح، ولا تغرنكم بعض الأقوال ونصف الأفعال، ولا تدعوا أحدا يسرق قوتكم وأعماركم، تذكروا بأن التاريخ دائما يبدأ بكم.

 

المرارة هنا تعلن انحيازها لهذا القطاع، الذي يطبق صدره على من فيه، وينتظر الفرج من البوابات وأولي الأمر، هي شريعة المتعاقدين، سنوات من القهر، سنوات جلبت معها استحقاقات متأخرة لصالح هذا الشعب، وسنوات تُحصَد من الشيب الذي اعتلى رؤوسهم.

 

عندما ننقب في وجه غزة نعود بالزمان إلى النسيج الاجتماعي المتماسك، إلى الحقوق التي تجد طريقها لأصحابها، إلى السؤال الدائم عن حالها من قبل أهلها، إلى غضبة لم ترحم المحتل، إلى ........ هي في حالة انتظار لتعبئة ما غاب وغيب عنها، وربما ترجع إلى سطر أخير عنون بمخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا.