في حفل حزين، تفتح الجراح مرة اخرى، تعيد لنا شريط الرحيل المبكر، وتستحضر الغياب المفجع، لمن حدث البحر عن همومه وجعل منها قصص تتحدث عنه، لمن حدث السماء بصمت، فأخرجت قصص العلن، لكاتب كبير لم يكبر بعد، لقصص عالمي لم يكمل مشواره، دفنت احلامه مع ذاك الرحيل الذي اراد ان يميز نفسه به مادامت روعاته لم تميزه في هذا العالم المنشغل بالعولمة، والسلطة، والفساد واخطره الفكري، كل ذنبه أنه مبدع في وسط الحصار، وطاقة متفجرة حكمتها الحدود والجغرافية السياسية، ولم تشفع له صيدلته التي تعلمها في اعطاءه الدواء الشافي من سقمه المعنوي، عبر عن رفض الحالة نيابة عن الجميع، فقرر التظاهر بعيدا عن الحضور بطريقته، ليكون الحصى في فجوة بركان لم ينتفض بعد ، تجسد واقع الشباب في شخصيته، وكان خير ممثلا لواقعهم المرير في لحظات قتل فيها الطموح، وغاب الافق، وتراكمت الهموم المجتمعية والوطنية، وتباطىء الحل، فتسلل اليأس شيئا فشيئا، ليدفن في النفق الذي كان يبحث فيه عن النور في نهايته، ويصبح شاهدا على تردي المشهد ، الذي لم يشفع ابداعاته، من جائزة العودة لقصص الاطفال، وجائزة الاجناس الادبية، فقدم اجمل مجموعة قصصية، " الاثار تترك خلفها اقداما"، فضلت اثاره باقية ، كشاهد على صدمة الرحيل المبكر، لصرخة مبدع، وتمرد الهدوء، تساقطت اوراق الخريف كسقوط ورقته الاخيرة من السماء، وضلت رواية نرددها في حفل حزين حضره الجميع فغاب هو عنه، مهند يونس، انهم يتلو كلماتك وكلمات الرثاء ، ورغم انك لست معهم لكنك تسمعهم، ومرتاح لانك حققت بالغياب اكثر ما حققت بالحضور .