الحدث-رام الله
نظم المتحف الفلسطيني مؤخراً ندوة بعنوان "سرقة المقتنيات التراثية والآثار، ودور المتاحف الحكومية في حفظ المجموعات التراثية" في موقع تل بلاطة الأثري في نابلس. وعقدت هذه الندوة خلال جولة نظمها المتحف الفلسطيني إلى متحف آثار طولكرم والمتحف السامري وموقع تل بلاطة الأثري، كواحدة من سلسلة جولات نُظمت للتعريف بالمتاحف الفلسطينية ضمن برنامج المتحف الفلسطيني في قلنديا الدولي، بهدف تطوير العمل مع القطاع المتحفي، واستكمالأ لجهد مشترك بدأه المتحف الفلسطيني من خلال معرض " مقدمة في المتاحف الفلسطينية".
ونظمت الندوة بالتعاون مع وزارة وشرطة السياحة والآثار، تحدث فيها صالح طوافشة مدير عام حماية الآثار في وزارة السياحة والآثار، والمقدم منتصر التميمي من شرطة السياحة والآثار، وضرغام الفارس مدير مواقع الشمال في وزارة السياحة والآثار. وقدم طوافشة مقدمة تاريخية عن تطور الاهتمام بالآثار في فلسطين، وأثر الاحتلال الإسرائيلي على التراث الثقافي، كما تحدث عن حجم ظاهرة سرقة الآثار ودوافعها، وعن جهود وزارة السياحة والآثار في مواجهة عملية نهب التراث الثقافي وأبرز المعيقات التي تواجه عملها، وعن نتائج الحماية التي قامت بها الوزارة حتى عام 2014، إضافة إلى القوانين والتشريعات التي المختصة بحماية التراث الثقافي في فلسطين.
من جهته استعرض المقدم منتصر التميمي والذي قدم ورقة بعنوان " دور الشرطة الفلسطينية في حماية الموروث الثقافي" التحديات والصعوبات المحيطة ببيئة العمل من حيث القوانين التي يتم العمل بها في المحاكم الفلسطينية الخاصة بحماية المملتكات الثقافية وهي قوانين قديمة غير رادعة ولا تغطي الكثير من الجرائم المستحدثة، إضافة إلى التقسيمات السياسية وعدم التواصل الجغرافي ووقوع الكثير من المواقع الأثرية بالقرب من المعسكرات أو المستوطنات مما يحد من مقدرة شرطة الآثار على التعامل مع السرقات، عدا عن قلة الوعي بأهمية الموروث الأثري وضرورة الحفاظ عليه. وأشار إلى رؤية شرطة السياحة والآثار ودورها في الوصول إلى بيئة سياحية آمنة ومستدامة من خلال الإجراءات الشرطية التقليدية والإجراءات التفاعلية مع المجتمع لبث خطاب توعوي عن أهمية الموروث الثقافي وضرورة الحفاظ عليه. كما قدم تعريفاً عن الإدارة الشرطية المسؤولة عن ملف حماية الممتلكات الثقافية وحدود اختصاصها وصلاحياتها ومجالات عملها واهتمامها في الموضوع.
كما استعرض مهام شرطة السياحة والآثار والتي تتمثل في منع التنقيب والاتجار بالآثار والمواد الأثرية أو حيازتها أو تهريبها،منع الحفر أو التجريف أو البناء في المواقع الأثرية وهدم أو ترميم البيوت التراثية عشوائياً بدون ترخيص وإشراف من جهة الاختصاص ، ومنع سرقة المواد التراثية وحجارة البيوت التراثية المهدومة أو إتلافها.
وبحسب المقدم منتصر التميمي فإنه يتم العمل الآن على تحقيق ذلك من خلال نوعين من الإجراءات هي: الإجراءات الاستباقية لمنع وقوع أي نوع من أنواع الاعتداءات على الممتلكات الثقافية. والإجراءات الشرطية اللاحقة بعد وقوع الاعتداء، والتي تهدف الى ضبط الفاعل وتقديمه للقضاء بالإضافة إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المسروقات الأثرية.
كما تحدث ضرغام الفارس عن الأهيمة التاريخية لبعض المواقع الأثرية في فلسسطين مثل مدينة نابلس والتي تم إدراجها في القائمة التمهيدية للتراث العالمي، إضافة إلى التأكيد على كنعانية المدينة ودحض الروايات التوارتية المتعددة بخصوص ملكية المدينة تاريخياً . كما قدم عرضاً سريعاً لمجموعة من النشرات التوعوية التي قام بإصدارها من خلال وزارة السياحة والآثار عن حماية الآثار في مدينة نابلس وعن أهم المواقع الأثرية في المدينة.
وكانت الجولة قد تضمنت أيضاً زيارة إلى متحف آثار طولكرم وتعريفاً بتاريخه وأهم مقتنياته إضافة إلى التعريف بالمتحف السامري وتاريخ الطائفة السامرية من خلال جولة قام بها الكاهن حسني السامري القائم على المتحف للمشاركين في الجولة.
ونظمت جولة المتحف الأخيرة إلى مدينة بيت لحم حيث تمت زيارة متحف بتير البيئي وقدم خلالها المدير الإداري للمتحف وسام عوينة تعريفاً بفكرة انشاء أول متحف بيئي في فلسطين وأهمية وجوده في بلدة بتير المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، إضافة إلى التعريف بتاريخ البلدة وأهم معالمها الطبيعية والأثرية، واشتملت الزيارة على جولة في المسار المائي للبلدة إضافة إلى جولة لنبع الماء والبركة الرومانية.
كما تمت زيارة متحف التاريخ الطبيعي حيث قدم مؤسس المتحف د. مازن قمصية لمحة عن فكرة المتحف المنبثقة من ضرورة احترام البيئة الفلسطينية بمكوناتها النباتية والحيوانية كواجب وطني وأخلاقي. كما تحدث عن أهم الدراسات العلمية التي يقوم بها المتحف حيث تم نشر 150 دراسة عن التنوع النباتي والحيواني في فلسطين. واختتمت الجولة بزيارة مجموعة بنك فلسطين في بيت لحم قدم خلالها مالك المجموعة جورج الأعمى لمحة عن أهم القطع الموجودة في المتحف وتاريخها والقصص المرتبطة بها، مثل مجسم كنيسة القيامة المصنوع من خشب الزيتون والعظم والصدف والذي تم صنعه من قبل فنانين من بيت لحم وفقاً لمخطط قام بعمله الأب الفرنسيسكاني برناردينو أميكو بين الأعوام (1596-1600) والذي يعتبر من أهم القطع الموجودة في المتحف، وهي من بين مجموعة مماثلة من القطع الموجودة خارج فلسطين والتي استطاع مالك المجموعة استعادتها من لندن.
وتأتي جولات المتاحف هذه كجزء من مشروع بحثي ينظمه المتحف الفلسطيني ويعمل على استكشاف الجوانب المختلفة من القطاع المتحفي في فلسطين والتعرف به. وبدأ المتحف هذا الجهد من خلال تنظيم معرض "مقدمة في المتاحف الفلسطينية" والذي شارك فيه 39 متحفاً فلسطينياً إضافة إلى إصدار كاتالوج تعريفي بهذه المتاحف. وتعتبر فعاليات المتحف الفلسطيني ضمن قلنديا الدولي المرحلة الأولى من مشروع عمل وتعاون بين المتحف الفلسطيني ومجموعة من المتاحف الفلسطينية، لنسج شبكة من العلاقات بينها، إضافة إلى التشبيك وتطوير وتفعيل العمل المشترك، والتعريف بهذا القطاع محلياً، وتحسين الخدمات التي يقدمها لزواره وللمجتمع وتطوير مهارات العاملين فيه.
يذكر أن المتحف الفلسطيني هو أحد مشاريع مؤسسة التعاون، ويجري بناؤه حالياً في بيرزيت، ومن المتوقع أن يتم افتتاحه في عام 2016.