الحدث ــ محمد بدر
في هذه المقالة يشارك موشي يعلون الجمهور الإسرائيلي تجربته كقائد سياسي وكقائد استخباراتي وكذلك عسكري في دولة الاحتلال، ويعتبر يعلون أن مهمة السياسي تتلخص في تحويل المصالح إلى أهداف ورؤى، ومهمة رجل المخابرات هي وضع السياسي في صورة الحقائق وما يجري، ولا تتوقف مهمة المخابرات عند هذا الحد بل من مهماتها هو التحقق من المعلومات وتقييمها لكي تكون الصورة لدى السياسي أكثر وضوح.
ويرى يعلون أنه على أهمية المعلومات الاستخباراتية إلا أن السياسي يتأثر برؤيته الخاصة التي قد تتناقض ورؤية الاستخبارات، أو قد يتأثر بالوعي الشعبي أو التوجه الشعبي على حساب المعلومة الاستخباراتية، وقد تكون مصالحه فوق المعلومة الاستخباراتية والتقدير الاستخباراتي.
ويعتبر يعلون أن ضابط المخابرات لا ينظر للمجتمع الذي يدرسه من خلال نظارات قيمية أو عقائدية أو معرفية مسبقة، لأن ذلك يشوش الحقائق، ومع أن ذلك صعب، ولكن هذه الميزة هي التي تظهر الذكاء الاستخباراتي، وهنا يرى يعلون أن هناك اختلاف بين السياسي الذي ينظر من خلال المرآة فيرى نفسه ومحيطه وبين ضابط المخابرات الذي يرى الأمور كما هي في الجانب الآخر، دون اعتبارات معرفية مسبقة.
ومن الفروق بين القائد السياسي وضابط المخابرات من وجهة نظره، أن السياسي يصنع الواقع من خلال القرار، ولكن ضابط المخابرات يفهم الواقع من خلال البحث والمعرفة، والسياسي قد يتعرض لضغوط في إطار مصالحه ومصالح حزبه، لكن ضابط المخابرات لا يعمل تحت أي ضغط، ويؤدي أدواره بذكاء وهدوء، ولكن الضغط الذي قد يخلقه السياسي على ضابط المخابرات يتمثل في محاولة استنطاق ضابط المخابرات بما يريد السياسي له أن ينطق به.
ويرى يعلون أن تبادل الآراء بين السياسي وضابط المخابرات هو وحده الكفيل بالخروج بقرار صحيح، ويشير أن هناك ضباطا كثر يسعون لإرضاء المستوى السياسي من خلال تقديم المعلومات التي تخدم رؤاهم وهنا يصبح أي قرار يفتقد للبنية التحتية الحقيقية للمعرفة وبالتالي للنجاح، ومع ذلك يرى يعلون أن قرار السياسي إذا ما اتخذ فيجب على المستوى الأمني الدفاع عنه.
ويعتبر يعلون أن السياسيين يحبون التقارير المكتوبة، وفي هذه الحالة لا يستطيع ضابط المخابرات سرد كل التفاصيل، كما أن الكثير من الوزراء لا يقرأون ما تكتبه المخابرات لهم من تقارير، ويشير يعلون أن مؤسسة المخابرات نفسها تعاني من خلافات، وهو ما يستغله السياسي أحيانا، ولكنه يرى أنه من الواجب السماع لأصغر الضباط كما لأكبرهم، فتقديرات صغار الضباط كانت أكثر دقة من كبارهم في الفترة التي سبقت حرب أكتوبر مع مصر، وعدم الانتباه لرؤيتهم وتقديراتهم قاد لتلك النتائج غير الايجابية لاسرائيل.