صفقة القرن كما يشاع اسمها، ولا احد يعرف ماهيتها إلى حتى هذه اللحظة، الكثير من الأقوال وسرعة الأفعال في المحيط ، ودائما العقدة والحل تبدأ بفلسطين، إنها كلمة السر لإحلال الأمن والسلام في العالم ، فالكل يتشدق بقضية فلسطين وهناك أيضا من يتستر تحت هذا الغطاء المقدس، والفلسطيني وحده من يدفع ثمن اغترابه عن الشراكة بوضع الرؤى والحلول بما ينسجم مع ثوابته ومتطلباته.
كان يتوقع الرئيس محمود عباس كل هذه الضغوطات، في إحدى اللقاءات التي جمعت ثلة من الإعلاميين، وكنت من بينهم وذلك قبل عدة أشهر مضت، بدأ الرئيس يتحدث عن دبلوماسيته وحكمته في اتخاذ بعض القرارات، هنا كان لي وقفة فوجهت له هذا السؤال : سيادة الرئيس من يتتبع خطواتك يدرك مدى حكمتك ودبلوماسيتك في الكثير من المواقف ومدى حرصك على جلب الدعم للقضية الفلسطينية حتى إعلان الدولة، ما هو قرارك الجريء في حال استنفذت جميع الوسائل وأُغلقت الأبواب أمامك؟ جاء الرد صارخا وواضحا.. اسمعي... انا مش حتنازل... مش حتنازل وعاد يكررها مرة أخرى.
مرحلة مخيفة تحتاجنا جميعا، في السابق حاصروا الشهيد ياسر عرفات، وردد كلماته الشهيرة يريدونني اما قتيلا او اسيرا وانا بقلهم شهيدا شهيدا شهيدا، وشهد الجميع على مواقفه وما اكثرهم بعد غيابه!!!، وهنا شهيد حي بمواقفه، دائما ما تذكر الشهادات بعد الممات ونبدأ بنبش الذاكرة، ونترحم على ثباتهم وعدم تفريطهم في الحق الفلسطيني، لذلك كان لابد أن اذكر هذا الموقف الذي حدث مع الرئيس محمود عباس، لم يسجل عبر الكاميرات لكنه وثق بكلماته وحرصه على فلسطين، كان حازما، مراقبا لما نتحدث به، حريصا على فهم الصورة من خلاله ومن خلالنا، لم نكن المجموعة الوحيدة ولا الأخيرة التي ستقابله وسيسمعون في كل مرة تلك النبرة الحادة ..مش حتنازل.
منعطف خطير على القضية الفلسطينية، نحتاج لترتيب الوضع الداخلي لمواجهة التحديات القادمة، وفق رؤية وإستراتيجية موحدة تنطلق من المصلحة الفلسطينية أولا، والتخلي عن كل المصالح مهما كانت جدوتها، فلا دولة بدون غزة والقدس ولا دولة في غزة فقط، لكن لا يمكن أن يحدث هذا بدون الإصلاح الداخلي، فلا يعقل أن يغرد كل فصيل حسب ما يرتئي ومنهم من يملى عليه، ولا يعقل أيضا أن ابحث عن دولتي خارجا واغفل عما يجري بها من الداخل، لا تُحاصِروا أنفسكم قبل أن تُحاصَروا.
ماذا سيحدث إذا رميت الكرة في الملعب الفلسطيني؟ مرمى واحد ولاعبين كثر، فمن يسجل الهدف يتحمل عبئ القرار القادم، ومصير الفلسطينيين جميعا ، الاستحواذ هنا قد يعلن من جديد حالة التفرد ، إذا لم تتم المصارحة والمكاشفة لما نحن مقدمين عليه ، لا يعلم الشعب ماذا يدور بينكم في الاجتماعات الموسمية ولا يدرك طبيعة وحقيقة الخلاف ، كلكم تقولون فلسطين فلا تدعوها تتسرب شيئا فشيئا من بين ثنايا مصالحكم ، وتشبثوا بكلمة حق قيلت في لحظة صادقة... مش حتنازل.