الحدث ــ محمد بدر
نشر موقع القناة الإسرائيلية الأولى تحليلا عن الطريقة التي من خلالها قد يواجه الفلسطينيون التهديدات الأمريكية بإغلاق مكتب المنظمة، جاء فيه:
بعد تهديد الولايات المتحدة للفلسطينيين بإغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، يتضح أن الأمر أبعد من موضوع الملاحقات الفلسطينية للقادة الإسرائيليين في المحاكم الدولية، فكما يبدو أن الموضوع يتعلق أكثر في تكثيف الضغوط على السلطة للقبول بصفقة القرن، ويشير هذا الضغط على أن الإسرائليين أيضا مطالبين بدفع ثمن سياسي كبير.
ومن الواضح أن الضغط السعودي على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يكن مقنعا كفاية للأمريكيين، فأخذ الأمريكيون على عاتقهم ممارسة ضغط مباشر ومن خلالهم على الرئيس عباس والسلطة.
وكان مسؤولون كبار في السلطة قالوا إن التهديد بإغلاق المكاتب يهدف إلى منع الفلسطينيين من التوجه للمحكمة الدولية وكذلك القبول بخطة ترامب الجديدة وتجديد التفاوض مع الإسرائيليين، ويشير مسؤولوا السلطة أن الخطة تتضمن أمورا خطيرة لا يمكن القبول بها، منها التنازل عن حق العودة وسيادة إسرائيل على غور الأردن وتأجيل النقاش في مستقبل القدس.
ويظهر توقيت نشر التهديد الأمريكي للسلطة الفلسطينية أن الإدارة تقوم بإعداد خطتها السياسية الجديدة بشكل مكثف وأنها تخطط لتقديمها إلى كلا الجانبين قريبا.
من جانب آخر فإن الفلسطينيين أكدوا أن السلطة تنسق بشكل كامل مع زعيمة المعسكر السني المعتدل (السعودية) في موضوع خطة ترامب التي من شأنها أن تشمل عقد مؤتمر سلام إقليمي تحضره الدول العربية، وتكون بداية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
ووفقا لمصادر في حركة فتح، فإن القيادة الفلسطينية تجتمع هذا الأسبوع لمناقشة التهديد الأمريكي الجديد، ولكن وراء الكواليس بدأت محادثات مع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن للعمل على تخفيف الضغط الأمريكي على السلطة.
عمليا، أعطي الفلسطينيين 90 يوما للرد على المطالب الأمريكية مقابل عدم إغلاق المكتب، وهو ما يدلل على محاولة ابتزاز سياسي بالنسبة للفلسطينيين.
وكان الرئيس محمود عباس قد قال في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل شهرين أن هناك نية لدى السلطة الفلسطينية بملاحقة الإسرائيليين وتقديمهم للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، والتهديد الأمريكي للرئيس عباس يعني أنه من غير المسموح تدويل القضية الفلسطينية.
الرد الفلسطيني على التهديد الأمريكي كان حاسما، وبعثت السلطة برسالة للأمريكان مفادها أن إغلاق مكتب المنظمة يعني تعليق العلاقات بشكل كامل مع الحكومة الأمريكية، وبدأت السلطة بنزع صفة الوسيط النزيه عن أمريكا والتعبير عنها كطرف منحاز لإسرائيل.
وفي ذات السياق قال المتحدث باسم السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن هذه الخطوة "خطوة غير مسبوقة ستكون لها انعكاسات خطيرة على عملية السلام والعلاقات الأمريكية مع الدول العربية"، كما وناقش وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي المسألة مع أحمد أبو الغيظ أمين عام جامعة الدول العربية، ويبدو أن السلطة تستعد لحشد ضغط عربي على ترامب كما فعلت سابقا في قضية نقل السفارة الأمريكية للقدس، وأيضا تحدث وزير الخارجية المصري سامح شكري في اتصال هاتفي مع وزيرالخارجية الأمريكية ريكس تيرلسون عن الآثار المترتبة على إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وشدد على أهمية الحفاظ على قنوات مفتوحة بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية للتحضير لاستئناف المفاوضات.
وتستعد السلطة لنضال سياسي كبير في حال لم تعجبها الخطة الأمريكية للسلام، مع الرغم من أن الأمريكان لم يقدموا الخطة فعليا، وهذا الأمر يتزامن مع انعقاد الفصائل الفلسطينية في القاهرة للتباحث في موضوع المصالحة، وكما يبدو فإن عباس يناور على كل المحاور وقد يحتفظ بخيار تحقيق وحدة فلسطينية مع حماس كنوع من مواجهة الخطة الأمريكية.
الضعف السياسي للرئيس محمود عباس هو أيضا قوة، فإن الإدارة الأمريكية تجد صعوبة في العثور على شريك فلسطيني معه لإجراء المفاوضات وانتظار خليفة عباس ربما يستغرق ذلك وقتا طويلا.
الرئيس محمود عباس يعلم هذا، ولذلك فهو يقف بالفعل على رجليه مرتاحا، والمناخ السياسي يسخن قبل نشر الخطة الدبلوماسية الأمريكية الجديدة، ولا يفترض أن تكون طريقة تجديد المفاوضات مشكلة لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.