التسريبات كثيرة، والتحليلات بشأن تلك التسريبات أكثر. وتظل معظم تلك التسريبات على قيد أمل أن يتغير فيها شيء ما ، ما لم يتم الإعلان عنها بشكل مباشر وعلني ومن جهة رسمية.
من أبرز ما يُسرب هذه الأيام ويجري تداوله في الأروقة السياسية تلك الورقة التي سلمتها السعودية للرئيس محمود عباس، خلال زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، إثر الاستدعاء العاجل والمفاجئ له.
ما يُقال إن الرئيس قد تسلم ورقة غير رسمية للملامح الأولى لخطة السلام، أو ما بات يعرف مجازا بـ "صفقة القرن"، والتي تتضمن إلغاء لحق العودة، وشكلا من الكونفدرالية مع الأردن، في مقابل التطبيع العربي الكامل مع دولة الاحتلال.
يضاف إلى ذلك طلب السعودية من الرئيس عباس، الموافقة على هذه الورقة أو تقديم الاستقالة، وهو ما تناقلته أيضا وسائل إعلام إسرائيلية، ودولية، لكن التسريبات التي علمنا بها في "الحدث"، أضافت أن الرئيس قد قال عند تسلمه تلك الوثيقة، وعندما طالبته السعودية بالرد عليها، إنه سيرد عليها فقط عندما يتسلمها بشكل رسمي.
ما من شك أن شيئا ما يتم الإعداد له، وهو ما نتفق عليه جميعا، وعلى ما يبدو أن العرب، وتحديدا السعودية قد سئمت من علاقاتها السرية مع دولة الاحتلال وتريد الخروج بها إلى العلن، وذلك في سبيل مواجهة عدوتها اللدودة إيران التي ترى فيها خطرا وجوديا أكبر من الخطر الإسرائيلي، إذ تلتقي مصلحة الطرفين، إسرائيل والسعودية، هنا في محاربة عدو مشترك.
المشكلة العويصة التي نمر بها اليوم كفلسطينيين، تتمثل في أننا نقع في وسط مثلث سياسي أرعن، يقف على زاويته الأولى رئيس أمريكي يدير الشأن السياسي الداخلي والعالمي كأنه صفقة تجارية، في حين يقف على الزاوية الثانية، ولي العهد السعودي المندفع محمد بن سلمان الذي سيدخل التاريخ عاجلا أو آجلا بسبب قراراته الجريئة في إدارة المملكة وإدارة العلاقة مع دولة الاحتلال، في حين يتربع نتنياهو على الزاوية الثالثة مستفيدا من أخطاء حليفيه الآخرين، لتكون المحصلة وضعا فلسطينيا لا نحسد عليه ابدا.
مؤخرا تبدو إدارة الرئيس عباس للأمور تسير في الاتجاه الصحيح، لكن الحكم النهائي يظل رهنا برده على الوثيقة التي تسلمها.
فالناس يدخلون التاريخ اما منتصرين أو مهزومين، فعلى الرئيس أن يختار الطريقة التي سيسجل بها نهاية تاريخه الذي لا يحسد عليه أبدا.