الحدث ــ محمد بدر
نشر موقع ويلا العبري تحليلا عن الاتفاق الأخير في القاهرة، والذي ترجمته "الحدث" فيما يلي نص التحليل مترجم:
وصل ممثلون عن الفصائل يوم الثلاثاء إلى القاهرة، وأصدروا بيانا لكنه لم يكن جديا، وبعد شهر من الاتفاق بين حماس وفتح فإنه لا يوجد بوادر تحركات على الأرض لإنفاذ الاتفاق، وفي ذات الوقت تتجه الأنظار نحو الضفة وهل إذا ما كانت السلطة ستسمح لحماس بإقامة احتفالات الانطلاقة الثلاثين في الضفة الغربية.
وترأس اجتماعات المصالحة مدير المخابرات المصرية خالد فوزي، والذي تحوّل خلال الاجتماعات كوصي على القضية الفلسطينية.
الواضح أن المجتمعين أو جزء كبير منهم لم يكن لديهم سقف توقعات عالي، والبيان الذي صدر بعد الاجتماعات أظهر أن الفصائل لم توقف اتصالات المصالحة ولكنها لم تحرز أي شيء جديد في هذا الإطار، وحتى إعلان إجراء الانتخابات كان معقدا، فعلى الرغم من أن الفصائل حددت تاريخها إلا أن الرئيس هو من يحدد الموعد النهائي لإجرائها بحسب الاتفاق.
وبدأ البيان بإعلان دراماتيكي نسبيا بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وهو ما يبدو استجابة من حماس على طلب قديم من فتح، ومع ذلك لا يوجد أي توقيع لممثلي الفصائل على الوثيقة، وقال القيادي في حماس صلاح البردويل إن حماس حاولت إنهاء العقوبات وفتح المعابر من أجل تحقيق المصالحة، إلا أنه لم ينجح في ذلك.
ولكن كان من الواضح للمشاركين الآخرين أنه كان على حق، ولم يتضمن الإعلان خطوات ملموسة، وحتى الآن، وبعد مرور أكثر من شهر على توقيع اتفاق المصالحة الأصلي في القاهرة، لم تقم السلطة الفلسطينية بعد برفع العقوبات عن غزة.
كما وأن العقوبات نفسها تجعل من الصعب تزويد قطاع غزة بالكهرباء، كما وتمنع السلطة دفع مبالغ العلاج الطبي لسكان غزة وشراء الأدوية، وبالتالي فإن شكوك كبيرة لدى حماس ومصر بأن السلطة الفلسطينية تسحب أقدامها ولا تنوي التوصل إلى مصالحة حقيقية.
وفي الواقع فإن دراسة الوضع في قطاع غزة يظهر أن المواطن الغزي لم يشعر بأي تغيير منذ توقيع الاتفاق، وعلى الرغم من أن حماس لم تعد تحقق مع كل من يدخل إلى القطاع، إلا أنه تبين بحسب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية يوآف مردخاي أن حماس استدعت مئات التجار وطلبت منهم دفع الضرائب مباشرة، رغم أن حماس لم تعد تجبي الضرائب على معبر كرم أبو سالم، يعني أن حماس أيضا لا تلتزم حرفيا بالاتفاق.
ومعدل تشغيل الكهرباء في المنازل فقط خمس ساعات، انقطاع التيار الكهربائي المتكرر يمنع محطات معالجة مياه المجاري من التشغيل بحيث تتدفق مياه الصرف الصحي بشكل سريع في البحر الأبيض المتوسط.
الذي تغير أن حماس تركت المعبر لـ 140 عنصرا من السلطة، هؤلاء العناصر غير مسلحين، وفي الأيام الأخيرة أعيد بعض عناصر حماس للمعبر وذلك لتشغيل أجهزة الحاسوب، وأزيلت ضرائب حماس .
وبصفة عامة، يبدو أن حماس أكثر رغبة في التوصل إلى المصالحة، أو بالأحرى التخلي عن السيطرة المدنية على قطاع غزة، في حين أن السلطة الفلسطينية ليست في عجلة من أمرها لتأدية هذه المهمة الكابوسية. وفي رام الله، فهم يتفهمون جيدا أهمية إدارة قطاع غزة للمياه والكهرباء والصرف الصحي، في حين من المتوقع أن يواصل الجناح العسكري لحماس العمل بشكل مستقل في القطاع في بناء ذاته وأن يفعل ما يشاء.
وهذا بالفعل التغيير الوحيد الذي لا يبدو أن حماس مستعدة للتخلي عنه أو إحداث أي تغيير بشأنه.
وعلاوة على ذلك، لا يوجد حتى الآن أي توافق في الآراء بشأن القضايا المركزية الأخرى، تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل مسؤولين حكوميين من غزة.
هذا تقدير تقريبي لحوالي 110،000 مسؤول يتلقون أو يحصلون على رواتب من حماس والسلطة الفلسطينية ويتعين عليهم الآن إيجاد حل لهؤلاء.
حوالي 40،000 موظف تم تعيينهم خلال إدارة حماس للقطاع، بالإضافة إلى حوالي 40،000 مسؤول حكومي سابق قضوا السنوات العشر الأخيرة في منازلهم وحوالي 35،000 من أفراد أجهزة الأمن الداخلي التابعة لحماس.
ومع ذلك لا يبدو أن حماس أن قد تعزل نفسها عن إدارة غزة، وفي المقابل فإن يحيى السنوار قائد حماس في غزة عازم على تحقيق المصالحة، في الأسبوع الفائت كان له ابنة بعد 22 عام من الاعتقال، وهو يتحدث لمحيطه بأن التغيير الذي دخل حياته الشخصية (ابنته الجديدة) يدفعه أيضا باتجاه المصالحة وأنه يتمنى أن يرى مصالحة من أجل الأطفال، السنوار ليس رجلا مسالما، لكنه شخص يفكر باستراتيجية، هو يحاول أن يحقق المصالحة وإذا ما تحققت فإنه سيظهر فتح كمعرقل للمصالحة، وهو عدو إسرائيل اللدود، ولكنه يفضل أن تقود منظمة التحرير المرحلة مع إبقاء حماس على سلاحها.
وفي السياق الإسرائيلي، عاد التنسيق الأمني في الضفة الغربية بكامل طاقته. وتنفذ السلطة الفلسطينية عمليات اعتقال وتشن حملات ملاحقة، وقد عادت اللقاءات الأمنية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهناك مكالمات هاتفية بين الجانبين يوميا، والسلطة الفلسطينية لا تعمل فقط ضد االعمليات المحتملة ولكن أيضا ضد التجنيد والتمويل في حماس.
وهذا يثير التساؤل بين العديد من كوادر حماس في الضفة الغربية: أي نوع من المصالحة هو الذي يحظر حتى النشاط السياسي لحماس في الضفة الغربية؟ ومن المتوقع أن يتفاقم التوتر حول هذه القضية مع اقتراب الذكرى السنوية الثلاثين لإنشاء حماس، ستعمل حماس في عقد احتفالات جماهيرية في الضفة الغربية، كما فعلت فتح في ذكرى الرئيس ياسرعرفات في غزة، والسؤال الكبير هو ما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستسمح بذلك أم لا.