الحدث- ياسمين أسعد
أوصى مشاركون في ورشة عمل حول دراسة بعنوان "الإطار القانوني للمساكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة" بضرورة إصلاح الوضع القانوني الخاص بالقطاع العقاري من خلال توحيد تشريعات البناء في الضفة وقطاع غزة.
وشدد المشاركون في الورشة التي نظمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" على ضرورة تخفييض الرسوم لتيسير حصول المواطنيين محدودي الدخل على مسكن خاص، إضافة إلى تهيأة البيئة لنظام رهن عقاري من خلال تشجيع عملية تسجيل العقارات لكلا المساكن المسويّة وغير المسويّة، وتحسين إجراءات التسجيل الجديد، وسن قانون جديد للمالكين والمستاجرين بما يحقق حال من التوازن بين مصالح الفرقاء.
وفي هذا السياق، قال الباحث محمود دودين في تصريح لـ"الحدث"، إن الدراسة تهدف إلى معالجة الإطار القانوني الناظم لقطاع الإسكان في فلسطين، وبحثت أنظمة البناء داخل حدود البلديات وخارجها وكذلك العقبات الموجودة في القوانين والقصور التشريعي وأثره على توطير قطاع المنشآت.
وأضاف: "بحثت الدراسة التصرفات القانونية الواقعة على العقارات السكنية في من بيع وأجار ورهن، وتبين من نتيجة الدراسة الاشكاليات قانونية تؤثر سلباً على سوق الانشاءات والمساكن في فلسطين".
وأشار أستاذ القانون في جامعة بيرزيت دودي لـ"الحدث": إلى أن "الدراسة خرجت بجملة من التوصيات بعد إجراء بحوث ميدانية على القطاع، ووضعت التجربة الفلسطينية ضمن تجربة الممارسات الفضلى وبعض تجارب المقارنة، ومن أبرز ما آلت إليه الدراسة ضرورة تطوير التشريعات القانونية المتصلة بقطاع البناء والعقارات والأراضي بهدف خلق بيئة استثمارية مواتية، توازن بين مصالح المستثمرين ومصالح المواطنين على حد سواء".
وركز دودين على محاور أساسية فيما يتعلق بـ"الإطار القانوني للمساكن الفلسطينية"، حول التشريعات القانونية الناظمة في فلسطين في مرحلة الترخيص للبناء السكني مرورا بمرحلة البناء، ووصولا للتصرفات القانونية على العقارات السكنية كالبيع، الرهن والايجار، مشيرا إلى الاشكاليات والمعيقات العملية والقانونية المتصله بذلك.
وسلط الضوء على القوانين الناظمة للبناء وغير الموحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، كقانون تنظيم المدن والقرى الأردن (1966) الذي ما يزال ساري المفعول في الضفة، في حين لا يزال قانون تنظيم المدن الانتدابي (1936) معمول به في القطاع، رغم أن كليهما غير ملائمين للعمل بهما في السوق العقاري. موضحا أن نظام الأبنية والتنظيم للهيئات االمحلية لعام 2011 الموحد جاء في وقت غير مستقر وغير ملائم، رغم توفيره لشروط منح الرخص، ومعايير السلامة ومواصفات البناء، كما يمنح للجان المحلية واللوائية صلاحية الرقابة وتوجيه الاخطارات في حال وجود مخالفة لرخصة البناء وهذه اشكالية أيضاً.
وتابع: "أصبحت بعض الصلاحيات غير واضحة، وباتت اللجان تمارس دور القضاء في تغريم المخالفين بغرامات أعلى من المنصوص عليها قانونياً، إضافة إلى القصور في آلية إعداد المخططات الهيكلية والتفصيلية الذي لاقى اعتراضا من قبل الملاك والمتصرفين بالأراضي، إضافة إلى أحكام محكمة العدل العليا بإلغاء العديد منها لمخالفتها للقانون".
وقال دودين إن من أبرز العقبات أمام تطور السوق العقاري وسوق المساكن؛ أن 70% من أراضي الضفة الغربية و 10% من أراضي القطاع غير خاضعة لأعمال التسوية الأمر الذي يترتب عليه عدم حصول ملاكها على سندات تسجيل رسمية، ما يحرمهم من الحصول على التسهيلات الائتمانية بضمانات عقارية، وتقييد سوق الرهن العقاري.
وأشار إلى أن معيار تصنيف الأراضي إلى أراضي خاضعة لتسوية وأراضي غير مسوّاه، يثير إشكالية في بيع العقارات ويقلل استقرار المراكز القانونية للمالك. فرغم أن القانون أجاز بيع العقار غير المسّوى بموجب عقد سند، إلا أن الملكية لا تنتقل للمشتري لمدة 10 سنوات على الأقل، الأمر الذي يخلق إشكالية تعدد البيوع بوكالات دورية للعقار ذاته، والمبادر الأول (المشتري الثاني) لتسجيل الوكالة لدى دائرة التسجيل يعطيه الاولوية للامتلاك العقار على حساب المشتري الأول.
وفيما يتعلق بقانون الشقق والطبقات الفلسطيني، أوضحت الدراسة حالة الغموض وعدم الإنسجام الذي اكتنفته، وذلك في جهة عدم تبنيه نظام تملك الشقق بالتقسيط، بالرغم من أهميته لتنشيط السوق العقاري، على خلاف القوانين المعلِّقة لملكية المشتري لحين تمام دفع أقساط الثمن الذي يضمن وفاء المشتري للبائع ويبقى المشتري قادرا على الشراء بآالية الدفع المحددة.
وأشارت الدراسة إلى مسألة الرسوم والضرائب المهلكة للمواطنين والمستثمرين إزاء تملكهم، خاصة محدودي الدخل منهم، إضافة إلى عدم التزام بعض الدوائر الحكومية بالرسوم المحددة، واسيفاءها رسوم فاحشة مخالفة للقانون.
وحول ما أسماه دودين آلية "التسجيل الجديد"، التي يتم بموجبها تسجيل الأرض دون انتظار التسوية، بينت الدراسة إشكالية هذه الآلية برغم النصوص على تشكيل لجنة خاصة للنظر في طلبات تسجيل العقارات غير المسجلة رسميا، إلا أن مجلس القضاء الأعلى إعاد تشكيل اللجنة على خلاف حكم القانون، إضافة إلى كلفة معاملة التسجيل الباهظة، ولزوم خضوع العقار المسجل مرة أخرى للتسجيل في حال إعلان مشاريع التسوية لها، بحسب تلك الآلية، وبالتالي قيمته القانونية غير جدية والمنح الائتمانية هي الممنوحة فعلياً.
وشملت الدراسة قانون الايجار للمساكن، مبينة أن قانون المالكين والمستأجرين يقرر حماية المستأجر على حساب المؤجر دون إقامة توازن بين مصالح الطرفين، تبعا لمبدأ الامتداد القانوني وتقييد حرية المؤجر في زيادة الأجر، الأمر الذي يدفع رجال الأعمال إلى الاستثمار في البيع بدلا من الايجار.
بدوره، نوه المدير العام لشركة النبالي والفارس للعقارات خالد الفارس، إلى إشكالية أساسية في القطاع العقاري وهي قضية "ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة"، فنحن بحاجة شركات تدخل بالتمويل الرهن العقاري والعمل بمبدأ التأجير التمويلي، لكن نحن لا يوجد لدينا وضوح بالقوانين، خاصة القيمة المضافة، نحن لا ندفع قيمة ولا يوجد فواتير لبيع الأرض، الأمر الذي دعا لهروب العديد من المستثمرين في الوقت الذي كان يمكن خلق نوع من المنافسة التي تعود بالفائدة للمواطن.
وأضاف الفارس: "لوزارة الداخلية مسؤولية مهمة في تسجيل ملكية الأراضي والعقارات لمنع الوقوع في اشكاليات التزوير وغيرها".