الحدث ــ محمد بدر
نشرت معاريف العبرية مقالة لعضو كنيست يعمل في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست ـ قسم الاستخبارات ـ بعنوان: "في الصراع ضد إيران، فشل نتنياهو بشكل فادح"،والتي ترجمتها "الحدث".
فيما يلي نص المقال مترجم:
في سياق الحديث عن طهران، فأن وضع إسرائيل اليوم أسوأ بكثير مما كان عليه عندما تولى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السلطة في عام 2009، في حين أن وضع الجمهورية الإسلامية أفضل بكثير من قبل.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من منبر الكنيست "لا يوجد تسونامي سياسي ولا عزلة سياسية"، مضيفا "هناك نهضة سياسية". هذا البيان لا يرتكز على الواقع. والحقيقة البسيطة هي أن هدف نتنياهو السياسي هو النضال ضد إيران، وهذا الهدف قد فشل بشكل فادح. وقد بدأ الفشل مع عدم مقدرته على إلغاء الاتفاق النووي الإيراني. بعد انتخاب دونالد ترامب، قال نتنياهو للمحيطين به إنه سوف ينجح في إقناع الرئيس الجديد ب "تمزيق" الاتفاق، ولم يحدث ذلك. وقد وضع خطاب ترامب الشهر الماضي حدا لهذا الاحتمال، وبدّل نتنياهو شعاره المفضل (تمزيق الإتفاق) إلى مطالبات بمراقبة حثيثة للبرنامج النووي الإيراني، وحتى هذا ربما لن يحدث.
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي بالفعل أنه سيمنع أي محاولة لنسف الاتفاق أو الإضرار به، ويقود هذا النهج ألمانيا، أقرب صديق لإسرائيل في الاتحاد، ألمانيا تجاهلت محاولات نتنياهو. أما الصين، وهي بلد آخر يفخر نتنياهو بعلاقاته القوية معها، تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على الاتفاق النووي. وتعد الصين الآن أكبر شريك تجاري لإيران، ونطاق علاقاتها الاقتصادية مع إيران آخذ فى الازدياد. ويرتكز جزء كبير من برنامج "طريق الحرير الجديد" الصيني على العلاقات مع طهران، بما في ذلك السكك الحديدية التي تمر عبر إيران إلى أوروبا.
والفشل الثاني لسياسة نتنياهو هو منع إيران من التواجد في سوريا. وعلى المستوى الاستراتيجي، فوجئت إسرائيل ولم تكن تتوقع تشكّل المحور الروسي-الإيراني-السوري، كما أنها لم تتوقع الانسحاب الأمريكي الكامل من أي مشاركة في المنطقة.
على الرغم من الزيارات الإسرائيلية المتكررة للاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو وسوتشي، وعلى الرغم من التقارب المعلن والكبير مع إدارة ترامب، ولكن في لحظة الحقيقة لم يأخذ الروس ولا الأميركيين بعين الاعتبار احتجاجات رئيس الوزراء. وكان قد أعلن وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس أن الولايات المتحدة لا تملك سياسة معادية لايران في سوريا، كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن "وجود ايران في سوريا مشروع"، وقد اكتمل الفشل الإسرائيلي عندما دعا بوتين أولا بشار الأسد إلى روسيا، تلاه روحاني وأردوغان، وأغلق الطريق الذي من شأنه أن لا يسمح للإيرانيين بحضور عسكري دائم جنوب دمشق في المستقبل.
عندما لا يكون هناك سياسة، كل ما يتبقى هو التهديد. منذ شهور هددت إسرائيل باستخدام القوة العسكرية ضد الإيرانيين في سوريا، دون توضيح أي قوة وتحت أي ظروف. وإذا استمر الإيرانيون في تقوية أنفسهم في سوريا، ولم ترد إسرائيل على ذلك، فإن الضرر الذي يلحق بردعنا سيكون قاتلا.
في ظل الظروف العادية، يجب أن يكون أي عمل ضد التوطيد الإيراني في سوريا بدايته من واشنطن. في حالات مماثلة في الماضي، تمكنت إسرائيل من تجنيد الأميركيين من خلال دبلوماسية ذكية، وخاصة من خلال اليهود الأمريكيين الذين كانوا دائما الأداة الأكثر فعالية للحكومات الإسرائيلية في مواجهة الحكم الأمريكي. ولكن حتى الآن نحن ندفع الثمن إلى الإيرانيين بسبب عدم وجود سياسة واضحة.
إن خطاب نتنياهو الثاني ضد التوطيد الإيراني في سوريا تركز على التحالف مع المحور السني. ويقود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خطا هجوميا ضد إيران، وترى إسرائيل أنه شريك محتمل. والمشكلة هي أن هذه الشراكة في اتجاه واحد. إن بن سلمان على استعداد لقبول المساعدة الاستخباراتية من إسرائيل، ولكن بالسر دون الاعتراف بأنه يتلقى هذه المساعدة.
إن ما يجب على إسرائيل فعله هو أولا وقبل كل شيء توضيح أنه إذا كان الأسد هو صاحب السيادة على الأرض، فإن مسؤولية منع الوجود الإيراني تقع عليه. وهذا يخلق ضغطا على الروس الذين يرغبون في استقرار نظام الأسد. وما دام الأسد الأخير يمنع الإيرانيين من بناء قاعدة بحرية وقاعدة جوية، يجب أن نوضح له أن هذا هو الطريق الصحيح. يجب أن نحدد كهدف استراتيجي عودة المشاركة الأمريكية إلى سوريا، والأهم من ذلك، عودة السياسة الأمريكية المصممة على كبح الهيمنة الإيرانية. يجب أن نوضح للروس الذين يريدون استقرار سوريا حتى يتمكنوا من سحب قواتهم، بأن إسرائيل لن تسمح لسوريا بأن تكون مستقرة ما دام هناك جنود إيرانيون في أراضيها.
وعلى المدى الأطول، لا يمكن لإسرائيل أن تواصل العمل بدون مساعدة أجنبية قوية وفعالة. وتعاني وزارة الخارجية من محنة حقيقية في هذه الأيام. ويقولون إن عدم القدرة على تحديد التحركات الاستراتيجية هو نتيجة مباشرة لتآكل الأدوات المهنية. وبالنسبة لأحزاب الائتلافات الصغيرة، قسمت وزارة الخارجية بين ستة وزراء مختلفين، لم يعرف أي منهم ما يفعله الآخرون. تم تقسيم الحملة الإعلامية الإسرائيلية بين خمسة وزراء مختلفين. والنتيجة هي الفوضى المطلقة. لا توجد سياسة، لا إدارة، وغاب التفكير الاستراتيجي المنظم.