بين أسبوع وآخر تأتي القرارات الأمريكية في الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي بل العربي الإسرائيلي صادمة وغير متوقعة من جهة تدعي رعايتها لعملية السلام في الشرق الأوسط ويقر لها بذلك 54 دولة عربية وإسلامية اجتمعت في الرياض تحت رعاية أمريكية متمثلة بالرئيس دونالد ترامب وسعودية ممثلة بالملك سلمان بن عبد العزيز.
القرار الصادم الأول قبل أسبوعين تمثل في إغلاق مقر البعثة الفلسطينية في واشنطن، وترتب عليه تعليق القيادة الفلسطينية الاتصال بالإدارة الأمريكية في كافة المجالات وحصرها بأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات ورئيس البعثة الفلسطينية د.حسام زملط.
وقبل أن تفيق القيادة الفلسطينية من صدمة قرارإغلاق مقر البعثة تواترت الأنباء من واشنطن حول قرار قد يعلن عنه الرئيس دونالد ترامب يوم غد الأربعاء يتعلق باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها.
القرار الأمريكي المتوقع صادم وصاعق كشحنة كهربائية توجه إلى قلب توقف عن العمل فتعيده إلى الحياة.
صادم وصاعق لـ54 دولة عربية وإسلامية اجتمعت مع ترامب في الرياض وأخص هنا الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الشاب الأمير محمد بن سلمان اللذين يهتمان كثيرا بحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ويلتزمان بحل عادل للقضية الفلسطينية ويريدان أن يريا الشعب الفلسطيني يعيش بأمن وسلام في وطنهما ودولتهما وفق ما صرّح به بالأمس كوشنير كبير مستشار الرئيس ترامب الذي أوكله متابعة عمليه السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
لم يفرط أحد من العرب والمسلمين بحق من حقوق الفلسطينيين وخاصة بمدينة القدس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، فكيف يجرؤ الرئيس ترامب على اتخاذ قرار بسلب القدس من العرب والمسلمين وهو الذي اجتمع بهم في الرياض في أول زيارة له لأي بلد أجنبي بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية حصد منه تأييدا ومالا عاد بهما إلى واشنطن.
يقول كوشنير إن الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مفقودة وأن الثقة بين قيادتي البلدين ليست كافية ولكنهما يثقان بالرئيس ترامب وبي (كوشنير)، فهل تتبقى ذرة من الثقة لدى الجانب الفلسطيني وقيادته بالرئيس ترامب ومستشاره كوشنير إن أقدم الرئيس على الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل سفارته إليها.
تسعى الإدارة الأمريكية إلى ما تسميه "صفقة القرن" مع بعض الدول العربية، وهي ترتكز في أساسها على قلب أولويات المبادرة العربية بحيث يتم التطبيع والتحالف مع إسرائيل قبل حل القضية الفلسطينية.
وباعتراف كوشنير أمام "سابان" أن كل الناس الذين تحدّث معهم الإماراتيين والقطريين والأردنيين والمصريين والسعوديين...يريدون حلا للقضية الفلسطينية وملتزمون بها وهي تقف عقبة أمام صفقة القرن التي من الممكن أن تفشل.
يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تعد قادرة على إخراج "صفقة القرن إلى حيز التنفيذ لأن انحيازها الأعمى إلى إسرائيل يفقدها ثقة شركائها من العرب والمسلمين ويأتي اعترافها المتوقع الأربعاء بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل أو تأجيل نقل سفارتها إليها المسمار الأول والأخير في نعش "صفقة القرن".
فلا يقبل عربي أو مسلم سواء كان حاكما أو محكوما أن يسجل عليه أنه تخلى عن القدس لإسرائيل وهي أولى القبلتين أو تخلى عن قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني فيدرج في خانة خونة القضية الفلسطينية.
وإذا كان اجتماع 54 دولة + ترامب قد أجمع على التحشيد ضد إيران الدولة المسلمة فإن التحشيد جاء لصالح إسرائيل وليس لصالح الدول العربية والإسلامية، فخطر إسرائيل هو الخطر الداهم والأول على الأمة العربية والإسلامية رغم ما يقال عن التقاء المصالح بين إسرائيل وبعض الدول العربية في مواجهة إيران.
أن الخلاف مع إيران أمر عارض واللغة التي تحدث بها الرئيس الإيراني روحاني بالأمس كفيلة بتبديد الغيوم التي تغطي سماء إيران والعالم العربي ونأمل أن يتتبع الرئيس الإيراني أقواله بالأفعال ولا يبطئ التحرك باتجاه الدول العربية وبخاصة المملكة العربية السعودية التي تسعى إلى جيرة طيبة وأمن مشترك وتعاون، لا أن تسعى إلى ذلك عند إدارة ترامب التي ليس لها ولاء إلا لإسرائيل بل إلى بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية الغارقة في الفساد والرشوة كحكومته، فكلا الاثنين "نتنياهو وترامب" ملاحق قضائيا ويبدو أن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل محاولة لتخفيف الضغط والملاحقات القضائية له ولزميله في الورطة نتنياهو فالغربي اليهودي في الولايات المتحدة هو الحكم لإسرائيل والولايات المتحدة أو هكذا يبدو.