ترجمة- ريم أبو لبن
القرار المنتظر لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، يعتبر تحولاً تاريخياَ للسياسة الأمريكية لاسيما وأن وزارة الخارجية اتخذت استعداداتها لعملية نقل السفارة، وهذا القرار كان بدوره قد يشعل مواقف الحلفاء الرئيسين، بحسب ما نشر موقع " بلومبرغ".
من المقرر اليوم الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت واشنطن، (أي الساعة الثامنة مساءً بتوقيت فلسطين)، أن يعلن ترامب عن نيته نقل السفارة، فيما كان قد أبلغ ثلاثة مسؤولين في الإدارة الأمريكية البارحة الصحفيين بمعلومات مفصلة عن نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.
البيت الأبيض حذر من أن أي تحرك فعلي على أرض الواقع لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس سيستغرق سنوات، غير أن الحدود المحددة ضمن السيادة الإسرائيلية على القدس لا تزال خاضعة لمحادثات السلام والتي عصفت بعقول الرؤساء الأمريكيين وتم طرحها منذ سنوات ماضية، بحسب ما ذكر موقع " بلومبرغ".
" لا يوجد أي رئيس لحتى هذه اللحظة يريد المخاطرة بذلك، لأنه لا يوجد أي تصعيد يدفع للقيام بذلك". هذا ما قاله مدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط إيلان غولدنبرغ في مركز الأمن الأمريكي الجديد.
وفي تساؤل طرحه غولدنبرغ بحسب الموقع : "السؤال الأكثر عمقاً هل قرار نقل السفارة سوف يخلق حالة عدم الاستقرار في الأردن من خلال نشوب أعمال الشغب واستهداف السفارات الأمريكية أو حدوث احتجاجات في الضفة الغربية؟".
في ذات الوقت أثار الإعلام المخطط بنقل السفارة الأمريكية مواقف محذرة أطلقها قادة الشرق الأوسط والدول الأوروبية، معتبرةَ هذه الدول أن القرار سيقوض جهود السلام وسيشعل المظاهرات والاحتجاجات في جميع أنحاء تلك المناطق.
وكان الرئيس الأمريكي ترامب قد أبلغ الزعماء الإقليميين بخطة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وقد أبلغ بذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس و الملك عبد الله الثاني قد حذرا من عملية نقل السفارة الأمريكية وقد اعتبر العاهل الأردني بأن هذه الخطوة قد ينجم عنها عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط كما سيثير مشاعر المسلمين والمسيحيين في كافة أنحاء العالم، وفي حديثه قد عبر عن موقفه الداعم للرئيس عباس.
من جانبه، أجرى الرئيس الأمريكي ترامب اتصالاَ مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذلك العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
الخطوط الحمراء
وزارة الخارجية السعودية قد أعربت عن قلقها "العميق" تجاء التحرك القادم، بينما الرئيس التركي رجب أردوغان وهو حليف للناتو قد أعلن عن قطع العلاقات مع إسرائيل في حال حقق ترامب خطوته بنقل السفارة.
وفي رسالة وجهها أردوغان إلى ترامب : " السيد ترامب القدس هي خط أحمر بالنسبة للمسلمين".
أَضاف: "هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل".
وفي ذات السياق، قال مسؤولون أن خطة ترامب بنقل السفارة الأمريكية هو اعتراف واقعي بأن نقل السفارة هو ليس مفتاحاَ لضمان التوصل إلى اتفاق سلام "نهائي".
القانون الأمريكي والمعمول به منذ عام 1995م نص على أن السفارة الأمريكية عليها أن تتواجد في " القدس الغير مقسمة". بينما أوضح المسؤولون بأن تحديد معالم الحدود الدقيقة والواضحة للسيادة الإسرائيلية على مدينة القدس ستحتاج إلى اتفاقية سلام موسعة.
القانون يسمح للرؤساء بتأجيل خطوة نقل السفارة بإصدار تنازلات كل ستة أشهر، غير أن الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوا ترامب قد فعلو ذلك من باب الشعور بـ" القلق" تجاه ما سيحدث من عواقب استراتيجية.
في ذات الوقت أكد مسؤولون بأن ترامب سوف يفعل كما فعل أسلافه وسيوقع تنازلاَ عن خطوته الحالية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
غير أن عملية نقل السفارة كما هو مخطط أمريكياً سيستغرق سنوات بحسب ما ذكر مسؤولون، غير أن الإدارة الأمريكية تحتاج إلى وقت طويل للعمل مع المؤسسة الدستورية الأولى الكونغرس الأمريكي من أجل توفير التمويل لإنجاح الخطة، بجانب العثور على موقع لذلك، ثم البدء بالبناء.
وقد رفض مسؤولون ذكر تفاصيل إضافية عن الإطار الزمني لعملية بدء نقل السفارة إلى القدس، غير أن بنائها يتطلب (4-3) سنوات قادمة.
" العاصمة الأبدية"
الرئيس الأمريكي ترامب وأثناء حملته الانتخابية للترشح قدم وعوداَ بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والتي وصفها بأنها " العاصمة الأبدية" للشعب اليهودي.
ولكنه في ذات الوقت، وأثناء حديثه مع حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هاكابي أوضح ترامب بأنه لا يريد أن يحقق السلام قبل أن يفكر بعملية نقل السفارة إلى القدس.
المفاوض السابق في محادثات السلام في الشرق الأوسط دنيس روس، والذي رافق مهنياً ثلاثة من الرؤساء الأمريكيين ، بأنه على الرغم من إدراك البعض بأن إسرائيل ستسيطر على الجزء الغربي من القدس، إلا أن إدارة ترامب لم تضع الأسس لإعلان هذا القرار الذي وصفه بـ " الكبير" وفي المدينة ككل.
من جهة أخرى، قال روس في مؤتمر صحفي: " إن كان هناك تحرك تجاه وضع أحكام مسبقة للخطة فقد يتبين أنه من المستحيل المضي قدماَ في عملية السلام، ودائما هناك قلق تجاه ردة فعل وقد تكون عنيفة أيضاَ".
أضاف : " إذا كانت الدول العربية تريد أن تلعب دوراً فعليها أن تكون في مكانة لتقول أنه لا يمكن حل الوضع النهائي للقدس إلا من خلال المفاوضات".
في الأسبوع الماضي، وجهت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرات إلى السفارات والقنصليات في الدول ذات الأغلبية المسلمة، وهي بذلك تحذر من احتمال وقع اضطرابات.
وقبل صدور قرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة، عمدت القنصلية الأمريكية في القدس على منع موظفي الحكومة وأسرهم من التنقل الشخصي في البلدة القديمة في القدس وكذلك الضفة الغربية وتشمل مدينتي بيت لحم وأريحا.
كما أن هناك دعوات واسعة النطاق لحدوث مظاهرات واعتصامات تجوب الأراضي الفلسطينية ابتداءً من اليوم، أي اليوم المقرر فيه إعلان نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
مكاسب سياسية
أكد موقع (غالوب) بأن خطوة نقل السفارة قد تحقق مكاسب سياسية محلية تعود بالمنفعة على الرئيس ترامب ويجاوره في هذه المكاسب العديد من اليهود الأمريكيين والمسيحيين. وقد تتحقق هذه المكاسب في الوقت الذي نال فيه ترامب تأييد قرابة 37% من السكان الأمريكيين لخطوته المعلنة اليوم.
وفي رسالة وجهها اتحاد التجمعات اليهودية الأرثذوكسية الأمريكية للرئيس ترامب كان مفادها : " إن سياسة الولايات المتحدة كما هو مقنن في النظام الفيدرالي، توضح بأن حكومتنا تعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل".
في الوقت الذي تعتبر إسرائيل بأن القدس كلها هي عاصمة لها، فإن الفلسطينين يبدون رغبتهم بأن تكون دولتهم المستقلة في القدس الشرقية.
في ذات السياق، دولتي كوستاريكا والسلفادور، قد اعترفتا بأن القدس عاصمة لإسرائيل، على الرغم من أن هذين البلدين يحتفظان بسفارتيهما في تل أبيب.
أما عن موقف الأمم المتحدة، فيتضح بأنه يجب تسويه وضع مدينة القدس ضمن مفاوضات السلام القائمة ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس حذر الرئيس ترامب من خطوة نقل السفارة، معتبراَ أن هذه الخطوة ستضعف من جهود ترامب لاستئناف محادثات السلام والتي يقودها صهره أي مستشاره الخاص جاريد كوشنر، وموفده في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات.
أما السعودية فقد وصفت هذا التحرك الأمريكي بـ التحريك " غير المبرر" لاسيما وأنه يعرقل الجهود الرامية إلى إحياء محادثات السلام، فيما حذرت المملكة من نقل السفارة قد ينجم عنه عواقب " وخيمة".
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد خلال اتصاله يوم الإثنين بالرئيس ترامب على ضرورة تسوية وضع مدينة القدس من خلال محادثات السلام ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. واصفاَ بذلك فكرة الاعتراف من جانب واحد بأن القدس عاصمة لإسرائيل هي أمر سيء وغير جيد.
مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض أكد للقناة الأمريكية ( فوكس نيوز) بأنه ليس لديه أي علم بشأن قرار ترامب بنقل السفارة، على الرغم من قوله بأن هذه الخطة قد تدفع باتجاه خلق قوه دافعة تجاه التوسط في الاتفاق.