مقالات الحدث
تقدم ترامب بالخطوة التي تأخرت كثيراً على حد تعبيره: إسرائيل دولة مستقلة من حقها ان تختار عاصمتها، وليس هناك من سبب لعدم الاعتراف بالعاصمة التي اختارها شعب اسرائيل العريق منذ ثلاثة آلاف سنة.
أساطير؟ خراريف عجائز؟ لا بأس، لكن السياسة طوال الوقت تقتات على كل ما يخالف العقل. لا جديد أبداً فيما يفعل ترامب. بالعكس نميل إلى تقدير صراحة الرجل، وهو حتى الآن ليس صريحاً تماماً: الخطوة المقبلة هي التطهير العرقي الكامل لفلسطين، هناك فلسطين "ما" سيتم تأسيسها في سيناء على حدود غزة.
هناك سيكون تجمع فلسطيني "سيادي" ومن يرغب في العلم والدولة والبساط الأحمر والمطار والوزارات....الخ سيجدها هناك متوافرة لا ينغصها منغص ولا ينتقص من سيادتها منتقص.
ماذا نحن فاعلون؟ مظاهرات، عطلة مدرسية، إضراب تجاري؟ ثم يمر قرار ترامب بنقل السفارة من تل أبيب الفلسطينية التي قبلنا أن تكون إسرائيلية إلى عروسنا القدس الفلسطينية التي كانت ما تزال في طور التمنع لكن ليس هناك ما يمنع أن يزول التمنع. القدس ليست مكة وليست يثرب، ويمكن تعويضها بأحسن منها. على الأقل هذا ما يعتقده آل سلمان في المملكة العربية السعودية صديقتنا الوفية التي تدعمنا بالمال والموقف السياسي معاً.
ماذا نحن فاعلون؟ الخيار "العدمي"؟ الانحياز المطلق لمحور المقاومة، وليكن الطوفان! فتح، حماس، الجبهة الشعبية، حزب الشعب، الجماهير الفلسطينية "السنية" تعلن "تشيعها" السياسي، إذا لم تستطع أن تتشيع دينياً. لا يضر أبداً في هذه اللحظة التاريخية "العدمية" أن نعلن التحالف والتضامن التام مع كوريا الشمالية ضد العدوان الأمريكي.
هذا الكلام ضد السياسة؟ ضد المفاوضات؟ ضد كبير المفاوضين؟ ضد الدبلوماسية والفهلوة؟ أكيد، أكيد دون شك.
لكن هل بقي من يظن أن المفاوضات والسياسة والدبلوماسية يمكن أن تعود علينا بأي شيء غير التطهير؟ هل نبالغ فيما نقول؟ تطهير كامل، معقول؟
سؤال لأي فلسطيني أو عربي في رأسه ذرة عقل: لو كنت مكان القيادة الإسرائيلية أما كنت ستفكر بجدية تامة بأن تأخذ الأرض كلها ما دام ذلك ممكناً تاريخياً؟ الجواب واضح بالطبع. لو أن ابن عمي أصبح ضعيفاً أمامي مثلما نحن ضعاف في مواجهة إسرائيل فإنني لن أتردد في سلبه أرضه التي ورثها عن جدنا المشترك. غالباً أخي لن يرحمني إن كنت في هذا المستوى من الضعف.
الطريقة الوحيدة التي تحمل شيئاً من الأمل هي طريقة المقاومة، أما إذا كان البعض لا يحب سوريا أو يمقت الشيعة أو "مقهور" من حزب الله لأي سبب من الأسباب، فإن عليه أن يتحالف مع هذا المعسكر "الذي لا يطاق" من باب أن عدو عدوي صديقي. أقل ما هنالك يا إخوتي أن هذا المعسكر مكروه من السعودية وأمريكا وإسرائيل ومصر السيسي.
باختصار البوصلة الأرسطية في مربع التناقض تشير بوضوح أن مصلحتنا أن نكون في هذا المعسكر. بالطبع سيظل هناك بين ظهرانينا من يظن أن المفاوضات والسبل السلمية هي الطريق الصحيح "الذكي"، "الأخلاقي" والمتمتع بالدعم والتمويل الدولي: نخص بالذكر المباركة والتمويل الأوروبيين.